أربع سنوات على الحرب اللبنانية ولا سلام في الأفق
١٢ يوليو ٢٠١٠تنبأ متحدث باسم حزب الله الشيعي هذه الأيام نبوءة قاتمة، ففي حديث مع صحيفة الشرق الأوسط قال قبل أيام قلائل من الذكرى السنوية الرابعة للحرب اللبنانية: "إسرائيل تحضر شيئا ما لنا في لبنان كي تحقق هذه المرة ما فشلت فيه عام 2006" وأضاف أن حزب الله سيبقى بعيدا عن السجالات النارية ويأمل "أن يمر صيف اللبنانيين بألف خير" على الرغم من النشاطات الإسرائيلية.
لكن لهذه "النشاطات" علاقة مباشرة بنشاطات حزب الله وأتباعه، ففي الفترة الأخيرة تكررت التحرشات على طول الحدود المحاذية لإسرائيل بين رجال حزب الله وقوات اليونيفيل المرابطة في جنوب لبنان، لأن حزب الله يحاول توسيع نطاق نفوذه على طول الحدود مع إسرائيل، واليونيفيل تعرقل مساعيه هذه. وقبل أيام قليلة نشرت إسرائيل للمرة الأولى بيانات مفصلة حول أساليب حزب الله في تدعيم نفوذه، وجاء في هذه البيانات أن مخازن أسلحة ومراكز كوماندوز أقيمت داخل مناطق، بعضها على مقربة مباشرة من مدارس وجوامع. وحاولت إسرائيل البرهان على ذلك من خلال عرض صور عن منطقة الخيام ومشاهد ركبت بواسطة الكومبيوتر.
حزب الله يزداد قوة
لكن حتى وإن لم يتوفر تأكيد لذلك من قبل جهة مستقلة، فإن موازنة الوضع تبدو اليوم قاتمة أكثر من ذي قبل وبعد مرور أربع سنوات على الحرب التي استمرت شهرا ويومين وأزهقت أرواح أكثر من 1500 مدني لبناني وثلاثة وأربعين مدنيا إسرائيليا، ولو كانت إسرائيل قد أرادت تسديد ضربة قاضية لحزب الله، فإنها لم تتمكن لا من تحقيق ذلك ولا من طرد الحزب من قرب الحدود.
والمنظمة الشيعية ملأت ترساناتها ثانية منذ فترة طويلة، وسلحت نفسها بعدد أكبر من الصواريخ، وقبل كل شيء بصواريخ أفضل، تمكنها وقت الجد من شن هجمات مكثفة على إسرائيل. وحزب الله رسخ أركانه على صعيد السياسة الداخلية ففي بيروت لا يمكن لأي طرف أن يحكم بدونه، والحزب يستفيد اليوم أكثر من أي وقت مضى على صعيد السياسة الخارجية والعسكرية من دعم سوريا وإيران له. كما أنه يساهم منذ وقت طويل في دعم حماس عسكريا في قطاع غزة.
إسرائيل في عزلة عالمية
هذا في الوقت الذي تسببت إسرائيل لنفسها بالتهميش على صعيد عالمي من خلال الحرب اللبنانية وحرب غزة والحصار الذي تلاها، وساهم في ذلك أيضا قلة استعدادها لمتابعة مساعي السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو مع سوريا. وقوي في الآونة الأخيرة عدم الرضا عالميا على إسرائيل ونفاذ الصبر معها، على الرغم من أن رئيس حكومتها بنيامين نيتانياهو نجح مؤخرا على ما يبدو في إظهار أنه تمكن من إعادة العلاقات المتأزمة مع البيت الأبيض إلى مجاريها . لكن لم يمارس حتى الآن ضغط فعلي على إسرائيل لتغيير نهجها، وفي حال حدوث ذلك قد يدفع إسرائيل في خضم حيرتها إلى استخدام أسلوب أثبت فعاليته: أي إلى الإقدام على صراع تدعي أنه في صالح أمن إسرائيل وبقائها، صراع يسكت النقاد.
وعلى الرغم من ضآلة الفائدة التي طلعت بها هذه الإستراتيجية في الماضي، فإن الدخول في سجال مع حزب الله ينسجم تماما مع هذا النموذج، وهذه المرة قد تكون العواقب أشد وأدهى من مثيلتها قبل أربع سنوات.
الكاتب: بيتر فيليب/منى صالح
مراجعة: عبدالرحمن عثمان