الاتحاد الأوروبي في 2025 .. عام مثقل بالتحديات!
٣ يناير ٢٠٢٥أوكرانيا الجريحة وروسيا المصرّة على الحرب، والرئيس الأمريكي النرجسي دونالد ترامب! تظل هذه هي التحديات الأكبر التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في عام 2025.
هناك أيضًا مشاكل داخلية مثل الاقتصاد الراكد وارتفاع الديون والقدرة المحدودة على التحرك في ألمانيا وفرنسا، أكبر دولتين في الاتحاد. ولذلك، فإن التوقعات في العام الجديد ليست وردية. لكن ما هي الخطوات التالية بالنسبة للفريق الجديد في بروكسل؟
فالرئيس الجديد للمجلس الأوروبي أنطونيو كوستا وممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس يتوليان مهامهما منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر 2024. وما عدا بقاء أورزولا فون دير لاين كرئيسة للمفوضية الأوروبية، تمت إعادة تنظيم المفوضية بشكل كامل. ويشكل الفريق الجديد فرصة على الأقل، كما يقول ستيفن إيفرتس من المعهد الأوروبي للدراسات الأمنية في باريس، ويضيف: "هذه هي اللحظة التي يمكننا فيها إعادة التفكير والتكيف وإحياء السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي".
1. دعم أوكرانيا
مواصلة تقديم المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا التي تتعرض لغزو روسي تأتي على رأس قائمة المهام العاجلة. وسيقوم الاتحاد الأوروبي بتحويل 1.5 مليار يورو من ميزانيته إلى خزانة الدولة في كييف في كل شهر من العام المقبل. وهناك كذلك قرض بقيمة 50 مليار يورو من مجموعة السبع لأوكرانيا، والذي سيتم تمويله من خلال الأصول الروسية المجمدة. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأوروبية تقديم كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة من أجل مساعدة أوكرانيا، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وتزداد أهمية هذا الامر إذا نفذ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تهديداته بخفض أو إلغاء تقديم المساعدات السخية السابقة من الولايات المتحدة لأوكرانيا. وحتى الآن قامت الولايات المتحدة بتمويل ما يقرب من نصف المساعدات المقدمة لأوكرانيا. وأفاد دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي أن هناك تكهنات مكثفة في بروكسل حول حجم الأموال المستحقة، فلا أحد يعرف بالضبط ما الذي سيحدث في عام 2025. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي خلف أبواب مغلقة: "سننتظر ونرى. لسنا مستعدين حقًا لمواجهة ترامب".
2. التسلح
وما عدا أوكرانيا، سوف يركز الاتحاد الأوروبي في عام 2025 على الدفاع عن نفسه أيضًا ضد روسيا. ولأول مرة، يوجد مفوض من الاتحاد الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء. ولا يتعين على المفوض الجديد، أندريوس كوبيليوس، أن يقوم بإنشاء جيش أوروبي، بل من المفترض أن يقوم بتنسيق أفضل للأسلحة وسياسات المشتريات لأعضاء الاتحاد الأوروبي. فالميزانيات في العديد من الدول الأعضاء أصغر من أن تتمكن من شراء أسلحة جديدة بسرعة أو إرسال المزيد من الجنود.
وقد تزداد الضغوط إذا قرر الرئيس الأمريكي ترامب خفض الإنفاق الدفاعي المخصص لأوروبا، وواصل مطالبة الأوروبيين بزيادة التمويل الدفاعي في حلف الناتو. ولاتزال مسألة توفير مليارات أخرى للدفاع لغزًا بالنسبة للعديد من السياسيين في الاتحاد الأوروبي. ففي ألمانيا وحدها، تفتقر ميزانية الدفاع إلى 230 مليار يورو على المدى المتوسط، وفقًا لتقديرات معهد "إيفو" للبحوث الاقتصادية في ميونيخ. وفي إيطاليا يقدر المبلغ اللازم بـ 120 مليارًا، وفي إسبانيا 80 مليارًا. وقد رفض وزير المالية الألماني الجديد يورغ كوكيز على الفور فكرة قيام بعض الدول بتمويل الإنفاق العسكري من خلال ديون مشتركة إضافية للاتحاد الأوروبي.
3. إدارة الديون
في عام 2025، لا ينبغي تمويل الإنفاق العسكري الجديد فحسب، بل يجب أيضًا تمويل الاستثمارات في إعادة هيكلة الاقتصاد بطريقة صديقة للمناخ، لدعم الاقتصاد وإعادة الإعمار في غزة ولبنان وسوريا. وفي تقرير مثير عن القدرة التنافسية لاقتصاد الاتحاد الأوروبي، تحدث الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، عن حاجة استثمارية بقيمة 800 مليار يورو.
ويوصي دراغي، الذي شغل أيضًا منصب رئيس وزراء إيطاليا، بالديون المشتركة لتمويل الشركات الناشئة من أجل جذب مستثمري القطاع الخاص. وتعاني فرنسا وإيطاليا الآن من "إجراءات العجز العام المفرط" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي بحق 7 دول. ومن الممكن أن تلحق إسبانيا بها قريبًا. ورغم أن ألمانيا لم تتجاوز بعد الحد الأقصى للديون المسموحة بحسب الاتحاد الأوروبي، فإن برلين غير قادرة على التصرف فيما يتصل بالسياسة المالية بسبب الانتخابات الجديدة. ولن يقدم وزير المالية الجديد الميزانية الاتحادية لعام 2025 حتى تموز/يوليو أو أيلول/سبتمبر من العام نفسه. كما ستتأخر المفاوضات الخاصة بالإطار المالي الجديد للاتحاد الأوروبي بسبب تشكيل الحكومة الألمانية.
4. تفادي الحرب التجارية
وفيما يتعلق بالسياسة التجارية، من المرجح أن يكون عام 2025 عامًا صعبًا إلى حد ما. فالحرب التجارية على السيارات الكهربائية مع الصين تلوح في الأفق. وقد يكون هناك صراع كبير مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية العقابية التي يريد ترامب فرضها على أوروبا والصين والمكسيك وكندا.
لكن مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، أكد أنه يريد أن يوضح لمستشاري الرئيس الأمريكي الجديد أنهم يضرون أنفسهم بالتعريفات الجمركية، وأوضح: "الحرب التجارية لا تساعد أحدًا. عليك أن تقدم الأرقام إلى ترامب. تجزئة التجارة العالمية لا تفيد أحدًا. التعريفات الجمركية ستدمر سبعة في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي. سيكون ذلك مثل الثلاثينات، عندما كانت الانعزالية رائجة للغاية"، في إشارة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية في تلك السنوات وصعود الاشتراكية القومية في ألمانيا.
ورغم أن الاتفاقية التجارية التي تم التوقيع عليها مؤخرًا مع تكتل "ميركوسور" في أمريكا الجنوبية تبعث بعض الأمل، لكن لا يزال يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يصادق عليها في العام المقبل.
5. الحفاظ على الوحدة
لكن الخبير بالشؤون الأوروبية في "مركز السياسة الأوروبية" للأبحاث، يانيس إيمانويليديس، ينظر بتفاؤل أقل للعام الجديد، ويبرر ذلك بالقول: "لقد كان الاتحاد الأوروبي دائمًا ضامنًا للتسويات. لقد فقد هذه القدرة". وقد أدلى بهذا التصريح في فعالية أقيمت في بروكسل في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر، وذلك في ضوء التحديات المتعلقة بالسياسة الخارجية والعسكرية التي وصفها المستشار الألماني بـ"نقطة التحول".
وأوضح إيمانويليديس: "لم يعد الاتحاد الأوروبي هو الحل لأمور كثيرة. لقد أصبحت السياسة أكثر قومية"، مضيفًا أن العديد من الناس، بما في ذلك في دول غرب البلقان الراغبة في الانضمام، فقدوا الأمل في أن يفي الاتحاد الأوروبي بوعوده في مرحلة ما.
ويعتقد الخبير الأوروبي أن هناك حاجة الآن إلى تحرك ألمانيا وفرنسا باعتبارهما قوتين رائدتين في الاتحاد الأوروبي. لكن فرنسا ضعيفة الآن بسبب أزماتها الحكومية. كما أن ألمانيا، ونظرًا للانتخابات الجديدة المقرر إجراؤها في فبراير/شباط 2025، فإنها غير قادرة على التحرك إلا على نطاق محدود. وقد تفشل حكومة الأقلية في إسبانيا أيضًا بسبب ميزانيتها، كما تقود إيطاليا حكومة يمينية متطرفة. أما بلجيكا والنمسا فليس لديهما سوى حكومتا تصريف أعمال، والوضع في رومانيا كذلك مربك.
ويحكم المتشككون في الاتحاد الأوروبي هولندا والمجر وسلوفاكيا. ويقول رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إنه، ومن خلال رئاسته للاتحاد الأوروبي، جعل السلام في أوكرانيا أكثر احتمالًا من خلال التقارب مع روسيا، كما عبر عن تطلعه إلى العمل مع رفيقه الروحي دونالد ترامب عندما يعود الأخير إلى البيت الأبيض. ووسط كل هذه المعطيات، يبدو أن 2025 سيكون عامًا عاصفًا بالنسبة للاتحاد الأوروبي - ولكنه على الأقل سيكون مثيرًا للاهتمام!
أعده للعربية: محيي الدين حسين