دبلوماسية الـ140 رمزاً
٢٥ يونيو ٢٠١٥في الساعات الأولى من صباح الثاني من أبريل تم تحويل هاشتاغ #IranTalks(محادثات إيران) إلى هاشتاغ #IranDeal(اتفاق إيران). علامة (الهاشتاغ) المستخدمة في خدمة توتير توضح أنه حدثت بالفعل إنفراجة في المفاوضات بشأن ملف إيران النووي، وذلك بين إيران من جهة، والدول التي لها حق النقض في الأمم المتحدة وألمانيا من جهة أخرى. لقد انتصرت الدبلوماسية نهاية الأمر ومعها انتصرت أيضا السياسة الخارجية من خلال استخدامها لخدمة تويتر. هذا التوجه الإعلامي السياسي هو ما يعبر عنه بالمصطلح الجديد Twiplomacy.
بعد أعوام من المباحثات والمحادثات بين الأطراف المعنية بالملف النووي الإيراني عبر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ونظيره الأمريكي جون كيري ووزير الخارجية الألماني شتاينماير عن سعادتهم لما توصلوا إليه في تلك المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني.
ليس استخدام خدمة توتير من طرف السياسيين حصرا على وزراء الخارجية، بل إن ثلثي عدد رؤساء الدول والحكومات يستخدمون تويتر ويغردون مثل أكثر من 4000 دبلوماسي في السفارات وممثلياتها في العالم، بحسب دراسة لشركة بيرسون مارستيلر الاستشارية. "وبهذا تكون الدبلوماسية قد نجحت في الوصول إلى أكبر عدد من الناس، حيث يمكنهم أن يطلعوا على ما يقوم به الدبلوماسيون من مهام ومعرفة الأخطاء التي يقعون فيها"، كما يقول يان ميليسن من المركز الهولندي للعلاقات الدولية في مدينة لاهاي.
نهاية الدبلوماسية؟
هل يصبح العمل الدبلوماسي صعبا حين يتسم بالشفافية ويتم توثيقه في كل لحظة تقريبا عبر تغريدات خدمة تويتر؟
التغريد بشأن بعض المباحاثات الهامة مثل مباحثات الملف النووي الإيراني في مدينة لوزان السويسرية قد يؤدي إلى الوقوع في فضيحة بشكل سريع. "يا إلهي هذه نهاية الدبلوماسية"، هكذا كان تعليق رئيس الوزراء البريطاني اللورد بالميرستون في منتصف القرن التاسع عشر حينما وصلته آنذاك أول رسالة تلغراف. ولكن استخدام التقنيات الحديثة لم يؤدي بالدبلوماسية للسقوط في الهاوية بل أصبحت تلك التقنيات من الأدوات اليومية التي يستخدمها الدبلوماسيون. كذلك الأمر مع تقنية التوتير وتقنيات أخرى مستخدمة في الإنترنت. ولكن أمام الدبلوماسيين هناك تحدي جديد." يجب عليهم أن يغيروا من تعاملهم اللغوي والتخلي عما تعودوا عليه من استخدامات لغوية . كما يجب عليهم أن يتحدثوا كما نتحدث نحن. هذا شي جيد لأن ذلك سيساعد الناس على فهم ما يسعى الدبلوماسيون للوصول إليه": وهذا ما أكدت عليه ديبوره سيوارد مسؤولة الاتصالات في الأمم المتحدة في نقاشاتها مع عدد من الخبراء خلال منتدى الإعلام العالمي الثامن الذي استضافتة مؤسسة DWفي بون، حيث أوضحت كيف تقوم التقنيات الرقمية بتغيير العلاقات الدولية.
العالم الافتراضي يتحدى الحكومات
العلاقات الدولية لا تتغير كثيرا من خلال تغريدات السياسيين على موقع تويتر بل من خلال ملايين التغريدات التي يكتبها المستخدمون حول العالم في كل دقيقة وبنشرهم لصور وفيديوهات وأفكار تجوب العالم الافتراضي. فكم هي المعلومات الهائلة التي يتم تناقلها وتمثل تحديا هائلا للحكومات. وليس هناك من حكومة يمكنها التعامل مع هذا الكم الهائل، كما يقول المذيع السابق في البي بي سي نيك غوينغ. وهو يشير إلى أننا مازلنا نخطو الخطوات الأولى فقط في طريق التحول التقني الذي يقوي مكانة الأفراد، كما يتشكك من شرعية القوى الحاكمة التي فقدت السيطرة على الرأي العام. "فحين يتم إلقاء البراميل المتفجرة على مدينة حمص أو حلب من مروحيات تنتشر التعليقات على مثل هذه الأعمال بسرعة البرق على شبكة الإنترنت".
نشر الأكاذيب واستخدام التقنيات الحديثة بغرض الدعاية يعد أيضا من الأمور التي يجب أن توضع في الحسبان. فهناك نظام الأسد في سوريا وتنظيم داعش والحكومة الروسية وتعاملها مع الأزمة الأوكرانية، كل هؤلاء يستخدمون أيضا التقنيات الحديثة من أجل كسب التأثير وتقوية شوكتهم.
تحذير من ارتفاع سقف التوقعات
عبر رسالة متلفزة لمنتدى الإعلام العالمي الثامن الذي انعقد في DWفي بون حذر وزير الخارجية الألماني شتاينماير من ارتفاع سقف التوقعات بشأن ما تقدمه التقنيات الحديثة من خدمة للدبلوماسية. "بعض وسائل السياسة الخارجية قد تبدو بطئية او غير حديثة مقارنة بالكم الهائل من الصور الذي يصل من مناطق النزاع, لكن المباحثات الدبلوماسية تحتاج إلى وقت أطول. وحين يتم التوصل في النهاية إلى اتفاق كما حدث في مباحثات الملف النووي الإيراني فلن يصبح مهما إن كانت المباحثات السرية أو النقاشات العلنية هي التي لعبت دورا في التوصل إلى ذلك".