الديمقراطية على الطريقة المصرية
٢ ديسمبر ٢٠١٠لا أحد يصدقهم، ولا أحد يأخذ الأمر على محمل الجد. ومع ذلك يميل أغلب المستبدين في العالم إلى تلميع صورة الشرعية الديمقراطية المفقودة عبر انتخابات شكلية. ومن لا يلاحظ ذلك مباشرة، يدركه عندما يُعلن بفخر "النجاح" في الانتخابات بنسبة لا تقل كثيرا عن 100 %
في مصر أعلن الحزب الوطني بقيادة الرئيس المتقدم في السن حسني مبارك عن تحقيق نسبة نجاح وصلت، كما يُدعى، إلى 95 % في الجولة الأولى للانتخابات، فحتى أكثر الموالين لمبارك لا يصدقون في السر أن الجولة الأولى كانت "حرة ونزيهة" فعلاً، كما أعلن رسمياً؛ إذ لم يكن هناك مراقبون دوليون، والمعارضون والنشطاء الديمقراطيون اشتكوا من وجود مضايقات و"بلطجية" أمام مراكز الاقتراع. وهذا ما شوهد إلى حد ما في التلفزيون أيضاً. بل حتى الولايات المتحدة، الحليف المخلص، أعربت عن خيبتها للتزوير السافر للانتخابات في بلاد النيل. وهو ما لم يكن أكثر من احتجاج روتيني مرة أخرى.
والمؤكد من الآن أن الجولة الثانية من الانتخابات ستكون مهزلة، فجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبر أهم قوى المعارضة، لا تريد المشاركة فيها، بسبب التزوير الواضح في الجولة الأولى. فقد نجح أصحاب السلطة في العمل على خروج الإسلاميين من الجولة الأولى خالي الوفاض. كذلك سحب حزب الوفد الليبرالي مرشحيه أيضاً. وبالتالي لا يتوسع فقط معسكر الذين يرون أن تحقيق تقدم ديمقراطي في ظل حكم مبارك غير ممكن، وإنما تزداد أيضاً خطورة تنامي قوة التيارات الراديكالية في المعسكر الإسلامي.
حسني مبارك الذي يحكم البلاد منذ نحو ثلاثين عاماً استطاع وبجدارة، ليس من وجهة نظر الغرب فقط، أن يوفر في مصر صحافة حرة، مقارنة بالدول المجاورة، رغم بعض إجراءات الرقابة، كما أن مصر تعمل في السر والعلن من أجل تأمين الاستقرار في المنطقة، ويمكن التنبؤ بسياستها.
ومن ناحية أخرى يحكم مبارك البلاد منذ ثلاثة عقود في ظل قانون الطوارئ، وتعاني مصر من الفقر والفساد، وهناك تعذيب في مراكز الشرطة، كما أن البلاد لا تحقق تقدماً في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وهذه ليست مشكلة فعلية متنامية بالنسبة لمصر فقط، وإنما مشكلة للأمريكان والأوربيين أيضاً، فليس هناك أي سياسي غربي يتمنى نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات، ولكن عدم إثارة التزوير الفاضح للانتخابات في بلد شريك للغرب سوى احتجاج ضعيف، مقارنة بما يحدث في بلد آخر، مثل إيران، يعتبر إشارة خطرة في هذه المنطقة. ما يعزز الانطباع ليس لدى الإسلاميين فقط، بأن الغرب يكيل بمكيالين فيما يتعلق بالذات بقيمه الأصيلة.
راينر زولليش
مراجعة: منى صالح