الصادرات محرك الاقتصاد الألماني رغم أزمة اليورو

لا يزال قطاع الصادرات الألمانية يستفيد من ضعف اليورو وانخفاض قيمة فوائد القروض. وتنظر بعض الدول الأوروبية مثل اسبانيا وايطاليا اللتان تعانيان من ضغط الديون بنوع من الحسد لما تحققه الصادرات الألمانية من نجاحات. وتروج حالياً بعض الشائعات التي تفيد بأن ألمانيا كمستفيد رئيسي من الأزمة ليست في الحقيقة مهتمة بإيجاد حل سريع لأزمة الديون في أوروبا. إليا نوتناغيل من غرفة الصناعة والتجارة الألمانية لا يعير هذه الاتهامات أي مصداقية، ويقول بأن "ألمانيا تمثل في الحقيقة أهم سوق لـ18 بلداً في أوروبا. هذا يعني أن النمو الجيد عندنا يساعد شركائنا في أوروبا على العودة إلى تحقيق النمو. وهذا ما نلمسه أيضا، لأن الصادرات في إيطاليا والبرتغال وحتى إسبانيا تشهد انتعاشاً".

صناعة الآلات الألمانية تستفيد من كثرة الطلبيات

وتهيمن بعض الشكوك على تطور حركة النمو في صناعة الآلات الألمانية التي تتوفر على حيز كبير من الأمان، لأن الشركات الألمانية مثقلة بالطلبيات. لكن أولاف فورتمان من الاتحاد الألماني لصناع الآلات يشير إلى أن هذا القطاع يتأثر شيئاً ما بأزمة اليورو، بحكم أن اسبانيا وايطاليا مثلاً هي من الزبائن لاقتناء الآلات الألمانية، ويقول في هذا السياق: "سجلنا في صادرات الآلات الألمانية إلى ايطاليا تراجعاً بقيمة 2 في المائة. وهذه ليست نسبة كبيرة. وتوقعنا أن نسجل في النصف الثاني من العام الجاري تراجعاً أكبر في الداخل. من جانب آخر ارتفع حجم صادرات الآلات والمنشآت بنسبة 2 في المائة نحو اسبانيا. وهذا وضع جيد. لكننا نتوقع بالطبع حصول تراجع هنا أو هناك في النصف الثاني من العام الحالي".

وتلقى صانعو الآلات الألمانية خلال النصف الأول من العام الجاري نسبة طلبيات تقل بـ7 في المائة عن المستوى المسجل في السنة الماضية. غير أن أولاف فورتمان يصف هذا التطور بأنه "تطبيع" للوضع، لأن سنة 2011 كانت سنة أرقام قياسية.

أوروبا أهم سوق للسلع الألمانية

ولا تزال أوروبا أهم سوق لبيع المنتجات الألمانية، إذ أن نحو 60 في المائة من الصادرات تذهب إلى البلدان الأوروبية، وعلى هذا الأساس، كما يقول أنتون بورنير، رئيس الاتحاد الألماني للتجارة الخارجية فإن اقتصاد الصادرات الألمانية يتأثر بأزمة الديون. ويشير هذا المسؤول إلى أن الصادرات الألمانية ارتفعت منذ بداية السنة بأكثر من 4 في المائة، معتمدة في ذلك على الديناميكية الموجودة في البلدان الصاعدة والنامية. ويحث بورنير على العمل بسرعة لتجاوز الأزمة، لأنه في حال حصول اضطرابات كبيرة في أوروبا فإن الاقتصاد العالمي سيتأثر بقوة.

الجدير بالذكر أيضاً أن المصدرين الألمان ينظرون بتفاؤل إلى الأسواق الآسيوية حيث فقدت الصين هذا العام كقاطرة لحركة النمو بعضاً من لياقتها الاقتصادية. ويقول أولاف فورتمان إن صادرات الآلات الألمانية خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي نحو الصين انخفضت بنسبة 11 في المائة.

لكن فورتمان يتدارك ليشرح حقيقة هذا التطور، ويقول "يمكن لي في الوقت نفسه التقليل من شأن هذا التطور، لأننا حققنا طوال تسع سنوات متتالية نسب نمو قوية، وهو ما جعلنا نضاعف أعمالنا التجارية إلى ثلاثة، وبالتالي فإن نسبة 11 في المائة الحالية لا تمثل في الحقيقة تراجعاً ملحوظاً".

وتساهم شركات التصدير الألمانية ليس فقط في إنعاش حركة النمو الاقتصادي في ألمانيا، بل هي تعمل على إيجاد فرص عمل جديدة. وعليه فإن إليا نوتناغل يفند التخوفات التي تقول بأن التزام الشركات الألمانية في الخارج يتم على حساب شطب مواطن عمل في ألمانيا، ويقول "الأمر مختلف عما يقال، لأن الشركات التي تعمل على مستوى العالم، وتوسع مصانع إنتاجها في الداخل تساهم في تقوية مركزها الوطني ومواطن العمل في ألمانيا. وإذا كنت على اتصال مباشر مع زبونك في عين المكان، فإنك تستجيب طبعاً بصفة أفضل لحاجياته ورغباته، وأنت تتوفر على موقع تحرك جيد للتمركز جيداً في الأسواق الصاعدة".

وتعد السيارات والآلات من أهم صادرات ألمانيا الناجحة، كما أن منتجات الصناعة الكيميائية وقطاع الصلب تساهم بقوة في نمو الصادرات الألمانية، علماً أن 50 في المائة من إنتاج الصلب المحلي ُتصدر إلى الخارج.