فيلم "العاصفة" يلقي الضوء على عمل المحكمة الدولية في لاهاي
٨ فبراير ٢٠٠٩
ضمن الأفلام الـ 18التي تتنافس على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي، عرض، يوم أمس السبت فيلم "شتورم" (العاصفة) للمخرج الألماني هانس كريتسيان شميت. الفيلم الذي أثار انفعال وتأثر جمهور المهرجان يسلط الضوء على الجرائم التي لا يطال مرتكبوها العقاب بسبب تدخل السياسة في القضاء.
وتدور قصة الفيلم حول مهمة شاقة تقوم بها مدعية تُكلف بمحاكمة ضابط صربي كبير متهم بتهجير وقتل واغتصاب مدنيين مسلمين بوسنيين خلال حرب البوسنة و الهرسك (1992ـ1995م)، لكن المدعية ترى الشهادات التي بنيت عليها الاتهامات كلها تنهار، فتحاول عندئذ عبثاً إقناع ضحية سابقة بتقديم شهادتها أمام المحكمة.
المخرج الألماني شميت يبرز في فيلمه مدى تعطش "المدعية" في محكمة الجزاء الدولية في لاهي، التي تحقق في جرائم حرب البوسنة والهرسك، طارحا في إطار قصة خيالية التساؤل التالي: من يستطيع التعويض عن الأضرار الجسيمة التي تلحق بالضحايا: القضاء أم السياسة؟
تدخل السياسة في مسار العدالة
ونجح شميت في إلقاء الضوء بشفافية على عمل محكمة الجزاء الدولية، خاصة و أنه في عام 2010 من المفترض أن تنتهي المحكمة من البت في جميع قضايا جرائم الحرب المعروضة أمامها، و ذلك على الرغم من أنه ما تزال هناك 45 قضية عالقة لم يتم إصدار أحكاما بشأنها. ويتطرق فيلم "العاصفة" إلى المهمة الشاقة للمحكمة، كالتحقيقات المطولة التي تخضع لضغوط سياسية وصعوبة حماية الضحايا وإفلات العديد من المجرمين من يد العدالة.
البطلة الرئيسية في "العاصفة " الممثلة النيوزيلاندية كريري فوكس ،التي قامت بدور المدعية، قادت المشاهدين إلى إشكالية الضغوط السياسية التي قد تعترض عمل المحققين في جرائم الحرب داخل أروقة محكمة الجزاء. فالمتهم في القضية التي تابعتها "المدعية" على علاقة وثيقة بأحد أغنياء حرب البوسنة، وتدخل السياسة في مسار العدالة.
نهاية واقعية وبصيص أمل في نهاية النفق
ويرز هذا التدخل بشكل أكبر من خلال إحدى عبارات بطلة الفيلم التي تقول فيها "أنا لا ألعب سياسة! "، متمسكة حتى نهاية الفيلم باستقلال القضاء و ابتعاده عن العوامل الخارجية المؤثرة على عمله، إلا أن جماعات الضغط داخل الاتحاد الأوربي و التي تحرص على إتمام مفاوضات دخول دول يوغسلافيا السابقة إلى عضوية الاتحاد تضغط على العاملين في الهيئة القضائية لعقد صفقة سياسية مع محامي الضابط الصربي المتهم، في الوقت الذي تسعى فيه المدعية إلى منح الضحية حق الإدلاء بأقوالها، لكشف بشاعة الجرائم التي ارتكبت أثناء الحرب.
إن أهم ما يميز الفيلم أن نهايته جاءت واقعية، فالحق لم ينتصر على الباطل، كما هو الحال في الأفلام ذات النهايات السعيدة، بل الضغوط السياسية هي التي انتصرت في نهاية الأمر.
ولكن اللقطة الأخيرة للفيلم تعطي للمشاهد بصيصا من الأمل في أن الزمن هو الكفيل برد الحق المسلوب والمنتهك للضحايا. ورغم بساطة السيناريو وعدم تماسكه أحيانا والتحيز الواضح للمخرج الا أن الفيلم نجح في اثارة تفاعل جمهور العرض الصحافي، وفقا لما لاحظه مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.