جدل حول إنشاء سجل لبيانات طالبي تأشيرة الدخول إلى ألمانيا
٢١ ديسمبر ٢٠١٠أعلنت وزارة الخارجية الألمانية مطلع هذا الأسبوع أن عددا من السفارات الألمانية في الخارج يخضع لتحقيقات في اتهامات بتلقي موظفيها رشى لمنح تأشيرات دخول لألمانيا لأناس مشكوك في أحقيتهم بها، وذلك خلال السنوات الثلاث الماضية. وسُجلت أكبر حالات الفساد في السفارة الألمانية في القاهرة، حيث أفادت الخارجية الألمانية تسجيل مخالفات في مئات طلبات تأشيرات السفر. ولكن المتحدث باسم وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله تحدث عن "حالات استثنائية" تم الكشف عنها خلال "عمليات مراقبة مكثفة ومستمرة" تقوم بها وزارة الخارجية. وأضاف أن وزارته تدرك مدى حساسية هذا الموضوع، لافتا في الوقت نفسه إلى أن السفارات الألمانية تتلقى سنويا نحو مليوني طلب تأشيرة دخول إلى ألمانيا، وهي تدرك مدى حساسية هذا الموضوع.
حالات رشى في سفارات ألمانية عديدة
لكن يبدو أن الشرطة والادعاء الألمانيان يبذلان جهودا كبيرة منذ عام 2007 في الكشف عن حالات منح تأشيرات دخول لألمانيا في السفارة الألمانية في القاهرة وفي سفارات وقنصليات ألمانية أخرى، بصورة غير نظامية. وقال أندرياس بيشكه، المتحدث باسم الخارجية الألمانية: "يتعلق الأمر فعلا ببضعة مئات من طلبات تأشيرات الدخول لألمانيا والتي اتضح بأنها تتضمن مخالفات". ويضيف: "يتعلق الأمر في بعض الأحيان بحالتين أو ثلاث حالات سُجّلت في بعض السفارات والقنصليات في إفريقيا والشرق الأوسط، وحالة في منطقة البلقان الغربية وأخرى في آسيا الوسطى". ونفى بيشكه تسجيل أي مخالفات في السفارات الألمانية في دول أمريكا الجنوبية. وأشار إلى أنه تم تسريح عدد من الموظفين المحليين المتورطين في الحصول على رشى في الحالات التي جرى التحقق منها. وكانت مجلة "دير شبيغل" الألمانية قد ذكرت مطلع الأسبوع الجاري أن موظفي السفارات الألمانية بأفريقيا ودول أمريكا الجنوبية والجمهوريات السوفيتية السابقة يشتبه في أنهم حصلوا على رشى مقابل إصدار تأشيرات سفر.
وتذكر هذه التجاوزات الأخيرة بفضيحة مماثلة سجلت عام 2004، حيث وجهت اتهامات إلى موظفي السفارة الألمانية بالعاصمة الأوكرانية كييف بالحصول على رشى لمنح تأشيرات. ويبدو أن عددا من تجار البشر، الذين اختصوا في تهريب بائعات هوى، قد استفادوا منها أيضا. وفي عام 2005 وبمبادرة من الاتحاد المسيحي، الذي كان آنذاك أكبر أحزاب المعارضة، تم تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في الممارسات المطبقة في منح التأشيرات في السفارات والقنصليات الألمانية. وفي سياق هذا التحقيق تم استدعاء يوشكا فيشر، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية إبان الفضيحة، في جلسة تم بثها مباشرة على شاشات التلفزيون.
جدل بين طرفي الائتلاف الحكومي حول سجل البيانات
كما أعادت فضيحة التأشيرات الجديدة إحياء الجدل مجددا حول إنشاء سجل خاص يتم فيه تخزين بيانات عن أشخاص مشتبه بتورطهم في جرائم مثل تهريب البشر أو العمل بدون ترخيص أو تشكيل تنظيمات إرهابية، لمقارنتها بعد ذلك بطلبات الحصول على تأشيرة لدخول ألمانيا، حتى يتم الكشف عن أي إساءة استخدام للتأشيرات. وفي هذا الصدد طالب رئيس لجنة الشئون الداخلية بالبرلمان الألماني، فولفغانغ بوسباخ، في تصريحات لصحيفة "كونلر شتاتأنتسيغر" الألمانية في عددها الصادر أمس الاثنين بتحسين تبادل المعلومات بين السفارات الألمانية وسلطات الأمن. وذكر بوسباخ أن لجنة التحقيق البرلمانية بشأن فضيحة التأشيرات عام 2005 قد أظهرت أن هناك "ارتباطا وثيقا بين الجريمة المنظمة وإساءة استخدام منظمة للتأشيرات". كما طالب بوسباخ بتشديد الرقابة على إصدار التأشيرات، موضحا أن "الفساد يتفشى عندما يكون الموظف المختص متأكدا من أنه ليس هناك رقابة عليه".
ولكن إنشاء مثل هذا السجل يصطدم حاليا بخلاف سائد منذ شهور في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، المكون من التحالف المسيحي والحزب الديمقراطي الحر، حول موضوع إنشاء سجل بيانات تحذيرية للتأشيرات. وفيما تسعى الداخلية، التي يقودها توماس دو ميزيير من الحزب الديمقراطي المسيحي، إلى إنشاء هذا السجل في أسرع وقت ممكن، ترفض زابينه لويتهويسرشنارنبرغر، وزيرة العدل الألمانية المنتمية إلى الحزب الديمقراطي الحر، الموافقة على تأسيس مثل هذا السجل إلا في حدود ضيقة. وزارة الداخلية أكدت على لسان المتحدث باسمها فيليب شباوشوس، أن هناك "اختلاف في وجهات النظر حول حجم ونوعية تدخل السلطات الأمنية في سجل البيانات الخاصة بطالبي التأشيرات"، لافتا إلى أن "المحادثات جارية على قدم وساق بين مختلف الوزارات بهدف التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن". أما وزارة العدل فتؤكد بأن "الأمر بالنسبة لها لا يتعلق بإنشاء سجل كبير وشامل حول كل الحالات المحتملة الخطيرة." وتشدد على أن مثل هذا السجل ما كان بإمكانه الحيلولة دون حدوث المخالفات المسجلة في السفارات الألمانية.
مارسيل فورستيناو / شمس العياري
مراجعة: عارف جابو