حزب الله وصواريخ سكود – بداية معادلة عسكرية جديدة في المنطقة؟

ازدادت حدة الاهتمامات الأمريكية والإسرائيلية إلى سوريا و إيران بتسليح حزب الله اللبناني بصواريخ متطورة وذلك منذ أن أعلن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز منتصف الشهر الجاري أن سوريا قامت بنقل صواريخ "سكود" إلى الحزب وهو ما تنفيه دمشق. و بالرغم من أن حزب الله لم ينفي أو يؤكد هذه الاتهامات، إلا انه قال على لسان نائبه حسن فضل الله أن الحزب عازم على المضي قدما في السعي لامتلاك "ما يقدر عليه من سلاح".

ويرى مراقبون أن الشكوك تظل قائمة بشأن احتمال وصول هذه الأسلحة إلى الجنوب اللبناني عبر سوريا، في الوقت الذي تحدثت فيه واشنطن أنه في حال استلام حزب الله لهذه الصواريخ فإن ذلك سيخلط أوراق المعادل العسكرية في المنطقة رغم استبعاد إسرائيل إمكانية نشوب حرب أخرى مع الحزب.

حزب الله يعزز ترسانته العسكرية

وبالرغم من أن واشنطن لم تؤكد بشكل قاطع وصول صواريخ "سكود" إلى حزب الله، إلا أن وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، قال عقب محادثات أجراها مع نظيره الإسرائيلي ايهود باراك في واشنطن أنه توصل إلى قناعة أن الحزب الشيعي "بات يملك من القذائف والصورايخ أكثر مما تملكه غالبية حكومات العالم". إلا أن مراقبين يرون أن هذه التصريحات لم تأتي بالجديد، لاسيما أن التقارير تشير إلى أن ترسانة الحزب العسكرية تضاعفت منذ نهاية حرب 2006 لثلاث مرات. ويشير في هذا السياق الخبير في المعهد الألماني للسياسات الدولية والأمنية، هايكو فيمن، في مقابلة مع دويتشه فيله أن "حزب الله لطالما أعلن بنفسه عن امتلاك ترسانة عسكرية كبيرة".

ويرى هايكو فيمن أن "هذه الأسلحة وصلت إلى لبنان عن طريق سوريا"، ذلك أن المياه الإقليمية اللبنانية مراقبة بشكل جيد عكس الحدود البرية بين سوريا ولبنان. من ناحيته يؤكد الخبير اللبناني في الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، العماد إلياس حنا، في حديث مع دويتشه فيله أن "التقارير تشير إلى أن حزب الله يملك أسلحة متعددة ومتطور من بينها صاروخ "زلزال" الذي يصل مداه إلى عمق إسرائيل" على حد اعتباره.

ما مدى إمكانية تهريب "سكود" ؟

وحول الاتهامات التي تواجهها سوريا بشأن نقل صواريخ سكود إلى حزب الله، يؤكد خبراء أن عملية تهريب هذه الصواريخ ليست بالسهلة لكنها ممكنه. ويشير الخبراء إلى أنه يمكن تفكيكها لقطع صغيرة لتجنب رصدها من طرف طائرات الاستطلاع و الرادارات أثناء عمليات التهريب، الأمر الذي أكده الخبير اللبناني العماد الياس حنا حين قال: "إن صاروخ سكود يمكن إدخاله إلى لبنان في عدة دفعات بعد تفكيكه".

لكن يبقى التساؤل مطروحا حول مدى سهولة نشر هذه الصواريخ في الأراضي اللبنانية؟ وما مدى إمكانية استعمالها من طرف حزب الله؟ خاصة وأن الحزب يعتمد في إستراتيجيته العسكرية على إخفاء مواقعه والعمل على قاعدة الكر والفر وتجنب مواجهة مفتوحة. وهنا يرى الخبير العسكري إلياس حنا أن "استعمال حزب الله لصواريخ سكود يتناقض مع عقيدته العسكرية الحالية "، لكنه لم يخفي في نفس الوقت أن الحزب يعمل على دمج الأساليب التقليدية للحرب بالأساليب الحديثة مشيرا إلى أنه " بإمكان نشر أسلحة سكود في حال الحصول عليها في جبال لبنان وأنه يمكن إطلاقها عن طريق تقنية التحكم عن بعد".

صواريخ سكود وتغيير المعادلة العسكرية

من ناحية أخرى يرى محللون أن حيازة حزب الله لهذه الصواريخ من شأنه أن يعزز مكانته العسكرية رغم أن التفوق الإسرائيلي العسكري سيظل قائما. وفي هذا السياق قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إن هذه الصواريخ "بإمكانها أن تخل بالتوازن الحساس" في المنطقة، لكنه هون في الوقت ذاته من احتمال نشوب صراع جديد بشأنها.

أما المحلل الألماني هايكو فيمن يرى أن هذه الصواريخ "لا تغير المعادلة العسكرية جذريا، إذ أن التقنية التي تتمتع بها صواريخ سكود قديمة نسبيا مقارنة ببعض الصواريخ التي يملكها الحزب في الوقت الحالي". بيد أنه أشار إلى أن امتلاك الحزب لهذه الصواريخ يعني قدرته على ضرب أي مكان في إسرائيل على حد تعبيره. لكن الخبير اللبناني الياس حنا يرى أن "الحصول على هذه الصواريخ ، في حال تم تأكيده، يشكل في حد ذاته تغييرا في المعادلة العسكرية"، مضيفا أن حزب الله" بإمكانه استعمال هذه الأسلحة كعامل ضغط نفسي على إسرائيل إضافة إلى العامل الردعي".

جدير بالذكر أن صواريخ سكود المصممة والمنتجة في روسيا يصل مداها الأقصى إلى 300 كلم، علما أن بعض طرازات هذه الصواريخ قد يتجاوز مداه 500 كلم.

الكاتب: يوسف بوفيجلين

مراجعة: طارق أنكاي