"خمس سنوات من الحياة " فيلم ألماني حول معتقل سابق في غوانتانامو
١٥ مايو ٢٠١٣يتناول الفيلم الألماني السياسي "خمس سنوات من الحياة" قضية المواطن الألماني- التركي مراد كورناز الذي تم إلقاء القبض عليه في باكستان مباشرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 وتم اقتياده بعدها إلى سجن غوانتانامو الشهير. قضى مراد حوالي خمس سنوات في المعتقل ولم يطلق سراحه إلا بعد احتجاجات وتدخلات قضائية لا تحصى، بالإضافة إلى نزاعات سياسية.
لقد تبين مباشرة بعد التحقيق مع مراد أنه ليس إرهابيا، ولا علاقة له بأحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، كما أنه لا ينتمي لحركة طالبان. "طالبان الألماني" هو الوصف الذي عنونت به صحيفة "بيلد" الشعبية مقالا لها عن مراد كورناز. وهو الاسم أيضا الذي عرف به مراد لدى الألمان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وخلال حرب العراق وحرب أفغانستان.
فضيحة ديموقراطية
قام الكاتب الألماني روجيه فيليمزن بإصدار كتاب عن غوانتانامو بعنوان "هنا يتحدث غوانتانامو" وهو الكتاب الذي تضمن حوارات مع معتقلين سابقين في نفس المعتقل. يقول فيليمزن:" يتم النظر إلى غوانتانامو كخطأ لا كفضيحة في بلاد ديمقراطية." الفيلم الألماني "خمس سنوات من الحياة" يحاول أن ينقل لنا الوضع في غوانتانامو كفضيحة ديمقراطية.
عندما أراد المخرج الألماني الشاب الاشتغال على قصة مراد كورناز كمادة سينمائية، قام بطرح مجموعة من الأسئلة على نفسه:"ما الذي يمكنني فعله إن تم سجني لمدة خمس سنوات؟ كيف يمكنني مواصلة الحياة عندما يجردونني من حقوقي ومن الهواء الذي أتنفسه، ومن خصوصيتي، بل ومن أهم سنوات عمري؟". لقد فكر المخرج شتيفان شالر في القصة عندما كان ما يزال طالبا في أكاديمية الفيلم في لودفيغسبورغ، يقول شالر:" قبل التحاقي بالدراسة في المعهد العالي للسينما تابعت قضية مراد باهتمام، كما التقيت بمحاميه برنهارد دوكه."
التركيز على مشاهد التعذيب
ركز المخرج شالر في فيلمه الذي صوره في براندنبورغ وفي استوديو "بابلسبيرغ" على شخصين اثنين: المعتقل مراد كورناز وغايل هولفورد المحقق الأمريكي المنحدر من مدينة بريمن الألمانية، والذي حاول بوسائل قاسية ودون جدوى إجبار مراد على الاعتراف. هذه اللعبة السينمائية الثنائية والتي تدور في غرفة واحدة، أعطت للفيلم كثافة معينة، كما لم يتخل شالر عن المشاهد الدرامية المبالغ فيها.
الفيلم لم يخلو من الإسقاطات السياسية كرفض الحكومة الألمانية رجوع مراد إلى ألمانيا بعد ثبوت براءته، كما تطرق الفيلم إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها ولاية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.غير أن ما ركز عليه المخرج بشكل صريح هو التعذيب اليومي الذي يتعرض له المعتقلون في معتقل غوانتانامو . أداء الممثل المستوحى من قصة حقيقية أعطى للفيلم بعدا أكبر، ويقول شالر إن الفيلم هو تعبير مجازي لفشل سياسي تمثله حالة كورناز.
"خمس سنوات من الحياة" هو دراما إنسانية عن محاولة تحطيم شخص من طرف دولة تستخدم سلطتها واستبدادها لانتزاع اعتراف من شخص واحد. الفيلم هو أيضا محاولة للإجابة عن سؤال" كيف استطاع مراد أن يواصل الحياة دون أن يستسلم أي"، دون أن يدلي باعتراف. فيلم "خمس سنوات من الحياة" هو فيلم سياسي بامتياز تم إخراجه بطريقة مفهومة مرتكزة على التشويق، وهي طريقة تبتعد في نفس الوقت عن قيم الفرجة الرخيصة.
خصائص مختلفة للفيلم السياسي
لطالما خدمت السينما القضايا السياسية في العالم ، فلا ينسى المشاهد مثلا فيلم "Z" للمخرج الفرنسي-اليوناني كوستانتين كوستا غافراس والذي أُنتج سنة 1969. الفيلم تناول النظام العسكري الديكتاتوري في اليونان وهو الفيلم الذي أسس لجنس السينما السياسية. كما عرفت السينما العربية أيضا أفلاما سياسية تعرضت غالبيتها لمشاكل رقابية، أدت في الكثير من الأحيان إلى عدم السماح بعرضها كفيلم "وراء الشمس" الذي أنتج سنة 1978 وتناول تبعات نكسة يونيو/ حزيران 1967، وقام ببطولته رشدي أباظة وشكري سرحان ونادية لطفي.
بالإضافة إلى الفيلم السياسي الشهير "احنا بتوع الأوتوبيس" الذي قام ببطولته عادل إمام وعبد المنعم مدبولي، وقدم في طابع كوميدي انتهاكات حقوق الإنسان داخل المعتقلات المصرية في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وتبقى لائحة الأفلام السياسية في مصر طويلة كأفلام:" الكرنك" و" المذنبون" و" زائر الفجر" والبريء"...
وعلى عكس الفيلم الوثائقي، تراهن الأفلام السياسية على شعبية الفيلم والبعد العاطفي، الذي تسعى من خلاله لملامسة عواطف الجمهور. فالتعاطف مع الممثل يجعل المشاهد قادرا بشكل أسهل على تكوين فكرة حول الأحداث التي يقدمها الفيلم وعايشتها الشخصيات داخل الفيلم. هناك بعض الأفلام السياسية التي تعتمد على طابع التشويق في المرتبة الأولى، حتى يتم أحيانا نسيان القضية الحقيقية للفيلم، لكن عموما ليست هناك خصائص محددة للفيلم السياسي، حيث من الممكن أن تختلف من مخرج لآخر، أو من الممكن أن تختلف حسب القصة والسيناريو.