ذكرى حرب 2006 – قوة حزب الله في الميزان
١٦ يوليو ٢٠١٠مرت أربع سنوات على الحرب الإسرائيلية في جنوب لبنان ضد حزب الله، لكن المؤشرات لا تدل على انفراج الوضع في المنطقة ولا على ضعف الحزب الشيعي الذي يصنفه الخبراء كإحدى أكثر الميليشات تنظيما في العالم، وتقول عنه تقارير إسرائيلية بأنه قد استعاد إمكانياته العسكرية، بل قد يكون أكثر قوة مما كان عليه من قبل.
وتُثار تساؤلات حول الكيفية التي تمكن من خلالها حزب الله من تعزيز قدراته العسكرية في الوقت الذي تراقب فيه قوات اليونيفيل المنافذ البحرية على طول السواحل اللبنانية بهدف الحيلولة دون تهريب الأسلحة إلى الحزب؟
الخبير الألماني في الشؤون اللبنانية هايكو فيمن لا يستبعد، في حوار مع دويتشه فيله، أن يكون حزب الله قد عزز من ترسانته طيلة السنوات الماضية رغم وجود قوات اليونيفيل. ويشير إلى إمكانية تزويد حزب الله بالأسلحة انطلاقا من سوريا أو من إيران عبر الأراضي السورية عبر منطقة البقاع، التي تخضع أجزاء كبيرة منها لسيطرة حزب الله، وقال: "هناك على الأرجح تهريب للأسلحة عبر الحدود السورية اللبنانية".
وكانت البحرية الإسرائيلية قد أوقفت في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي سفينة "فرانكوب"، التي كانت تحمل علم أنتيغاوا، مئات الأطنان من الأسلحة والذخيرة في المنطقة، واتهمت السلطات الإسرائيلية حينها إيران وسوريا بمحاولة تهريب السلاح إلى حزب الله. كما كانت إسرائيل قد اتهمت دمشق قبل بضعة أشهر بتزويد حزب الله بصواريخ سكود بعيدة المدى والتي من شأنها أن تصل إلى مدن في داخل إسرائيل. وفي كلا الحالتين نفت كل من إيران وسوريا هذه الاتهامات.
حقيقة قوة حزب الله العسكرية
وأفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية،على موقعها الالكتروني مطلع هذا الأسبوع، عن وجود مخاوف متزايدة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من احتمال قيام حزب الله بحفر أنفاق تصل بين لبنان وإسرائيل يمكن من خلالها شن هجمات على أي من التجمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود أو نقاط تابعة للجيش الإسرائيلي.
وكشفت اسرائيل، للمرة الأولى الأسبوع الماضي، عن معلومات استخباراتية تتعلق بنشاطات حزب الله داخل قرى جنوب لبنان وكذلك مواقع مستودعات أسلحة وصواريخ الحزب وأنه يتوفر على إمكانيات عسكرية كبيرة. فهل أن حزب الله بالفعل في مستوى قوة يؤهلة لخوض مواجهة عسكرية جديدة مع الجيش الإسرائيلي؟ الخبير الألماني هايكو فيمن لا يستبعد أن تكون لهذه التقارير اهداف إستراتيجية تسعى من خلالها اسرائيل إلى إيجاد ذرائع ومبررات "لعملية عسكرية محتلمة أو لإقناع الغرب بهدف زيادة الضغط على لبنان"، في حال رأت أن حزب الله يشكل تهديدا متزايدا على أمنها.
ولاحظ الخبير الألماني أن "لحزب الله كذلك مصلحة في الإعلان عن امتلاكه لقوة عسكرية بهدف تعزيز مكانته في المنطقة وكذلك لاستخدامها كورقة لتهديد إسرائيل في حال فكرت في شن عملية عسكرية في جنوب لبنان". وكان نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قد اكد في تصريحات لصحيفة النهار اللبنانية ونشرت يوم الأربعاء، ما يعزز هذا الرأي ، حيث قال قاسم:"أصبح لدينا بنك أهداف إسرائيلية واسعة ودقيقة ولن تمر أي خطوة إسرائيلية من دون ثمن".
"لا يمكن لحزب الله البقاء دون الدعم الإيراني والسوري"
وأوضح هايكو فيمن أن "حزب الله عمل على تطوير إمكانياته ليكون في مستوى التحدي"، مشددا بالقول: "ما حققه الحزب كان أفضل بمراحل من التقدم الذي أحرزته إسرائيل في فترة السنوات الأربع الماضية". فهل ينذر الوضع بالانفجار؟ كل من حزب الله وإسرائيل يستبعدان نشوب حرب جديدة في المنطقة - على الأقل في المستقبل القريب- فقد نفى نعيم قاسم أن تكون "الحرب على الأبواب"، من جهتها أشارت الاستخبارات الإسرائيلية "إلى احتمال حدوث أعمال انتقامية على مقتل قائده العسكري عماد مغنيه في سوريا عام 2008". ويعلق الخبير الألماني على التقارير والاتهامات المتبادلة بين الطرفين "بأنها حرب إعلامية ونفسية".
وبرأي هايكو فيمن فإن تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله وتبادل الاتهامات فيما بينهما، آخرها اتهام تل أبيب بزرع جواسيس داخل لبنان يتجسسون لحسابها، يبرر ما يسميه حزب الله "بالمقاومة ضد إسرائيل". ويستنتج الخبير الألماني أن "تحقيق تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط لا يخدم مصلحة حزب الله، لأن أساس وجوده قائم على المواجهة مع إسرائيل".
واستبعد فيمن تراجع قوة حزب الله، الذي يتلقى دعما سوريا وإيرانيا، ويرى أنه من غير الواقعي أن تتخلى دمشق وطهران عن دعم حزب الله، لافتا إلى أن ما يربط الأطراف الثلاثة هو "حلف استراتيجي".
ويقول الخبير الألماني في الشؤون اللبنانية إن "لإيران مصلحة في دعم حزب الله، أولا لدعم الامتداد الشيعي في منطقة الشرق الأوسط وثانيا لاستخدامه كورقة لتهديد إسرائيل في حال قامت هذه الأخيرة بقصف المفاعلات النووية الإيرانية". وأضاف: "لسوريا إمكانية من خلال حزب الله في خلق مشاكل لإسرائيل أو لاستخدامه كورقة ضغط في عملية السلام والمساومة به بهدف استرجاع هضبة الجولان". ويعتقد فيمن أنه "لا يمكن لحزب الله البقاء وتطوير إمكانياته المادية إلا من خلال الدعم المالي والعسكري من قبل سوريا وإيران".
الكاتبة: شمس العياري
مراجعة: منصف السليمي