زيادة الإصابة بالإيدز تقلق مضاجع المسؤولين الأوروبيين
١ ديسمبر ٢٠٠٧أفاد تقرير بمناسبة افتتاح مؤتمر "الإيدز في أوروبا 2007" يوم الاثنين الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل بأن أكثر من نصف المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" في أوروبا لا يعلمون بحقيقة مرضهم، وقد تصل نسبتهم إلى 70 بالمائة في بعض الدول الأوروبية الأعضاء في منظمة الصحة العالمية. و عقد المؤتمر على هامش اليوم العالمي لوباء نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، الذي يُصادف اليوم السبت. وفي هذا السياق قال جينس لوندجرين، خبير الصحة بجامعة كوبنهاجن، أثناء حديثه في المؤتمر: "إننا نعلم أنه قد توفى خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 300 ألف شخص في أوروبا بسبب التشخيص المتأخر للمصابين". وطالب المشاركون في المؤتمر إجراء المزيد من اختبارات الإيدز في جميع أنحاء أوروبا ووضع نهاية للتمييز السلبي الذي يعاني منه حاملو الفيروس.
يُذكر أن أحدث تقرير لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز أعلن أن عدد الأشخاص المصابين بفيروس الإيدز في العالم سيصل نهاية العام الجاري إلى 33.2 مليون شخص، وأنه من المتوقع أن يصل عدد المصابين الجدد بالمرض خلال العام الجاري وحده إلى 2.5 مليون شخص وسط توقعات بوفاة 2.1 مليون آخرين نتيجة الإصابة بالمرض.
تزايد معدلات الإصابة
رغم تزايد المعرفة الطبية بطبيعة مرض الإيدز، إلا أن معدلات الإصابة به آخذة بالتزايد في أوروبا. فهناك 760 ألف شخص في دول الاتحاد الأوروبي يحملون فيروس "أتش. آي. في" المسبب لمرض الإيدز، والعدد يرتفع إلى 2.4 مليون شخص في عموم القارة الأوروبية، بما فيها روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى. النائب الليتواني في البرلمان الأوروبي غيورغس أندريفيس طالب بتنظيم حملات التوعية وتقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا وروسيا البيضاء وروسيا ودول البلطيق، التي أخذت تشهد تزايدا متسارعا في عدد الإصابات بالمرض. وفي هذا السياق يُعلق أندريفيس بالقول: "إن عدد الإصابات في جميع الدول الأعضاء آخذ بالتزايد. المشكلة موجودة في الدول المجاورة لنا بشكل كبير، حيث يُعتقد أن عدد الإصابات الجديدة بهذا الوباء الأكبر في العالم".
عدم معرفة المصابين بالمرض
تشير بعض الإحصائيات الطبية إلى أن قرابة نصف عدد المصابين في أوروبا لا يعلمون بحقيقة إصابتهم بالمرض، وأن المرض لا يشكل مشكلة لدى المثليين فحسب، بل أن طرق انتقاله تختلف من بلد إلى آخر، كما يرى جيف لازاروس من المكتب الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. عن هذا يُعلق لازاروس بالقول: "ينتشر هذا المرض في دول شرق أوروبا استعمال أدوات تعاطي المخدرات بشكل مشترك. أما في غربها فإن أعداد الإصابة تتزايد نتيجة للاتصال الجنسي بين المثليين. وارتفاع أعداد المصابين يعود إلى الاتصال بين الجنسين بدون استخدام الواقي الذكري، وبشكل رئيسي من المهاجرين الذي يحملون الفيروس من بلدانهم الأصلية ويخضعون للفحوص الطبية في أوروبا".
وبمناسبة اليوم العالمي للإيدز التقى في بروكسل العديد من الخبراء والمعنيين بهذا الشأن وطالبوا بتنظيم حملات التوعية في المدارس واستحداث طرق غير معقدة لإجراء اختبارات الإصابة بالمرض. وفي هذا السياق تقول إحدى المشاركات من بولندا: "الناس يعتقدون أن المشكلة قد اختفت، ولكن هذا غير صحيح"، وتضيف بالقول: "نحتاج إلى المزيد من المعرفة بطبيعة هذا المرض، وبشكل خاص لشباب. يُمكنني القول إنه لا يوجد في بلدي أي شي من ذلك، فالناس يرون أن هذه المشكلة لا تعنيهم".
تحديات كبرى أمام أوروبا
يُحاول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات محاربة المرض من خلال تنظيم حملات التوعية وتوزيع الواقيات الذكرية مجاناً وتشجيع إجراء الفحص الطبي لمعرفة الإصابة بالمرض مجاناً. ونشاط الاتحاد الأوروبي هذا لا يقتصر على البلدان الأعضاء فحسب، بل يشمل كذلك دول أوروبا الشرقية. غير أن هناك مطالبات عدة بإيجاد سبل من شأنها التقليل من التمييز والازدراء ضد المصابين بالمرض. عن هذا يعلق المفوض الأوروبي للشؤون الصحية ماركوس كيبريانو، الذي يرى أن هذا الأمر ينطوي على مصاعب جمة، قائلاً: "ما يزال في أوروبا الكثير من التحديات الكبيرة".
برلين قلقة من زيادة عدد المصابين بالمرض
من جانبها أعربت وزيرة الصحة الألمانية أولا شميدت عن قلقها إزاء ارتفاع أعداد الإصابات الجديدة بفيروس "إتش.آي.في" المسبب لمرض الإيدز في ألمانيا. وتشير بيانات معهد روبرت كوخ إلى إصابة نحو ثلاثة آلاف شخص بالفيروس المسبب للايدز خلال العام الجاري وهو ما يُمثل زيادة قدرها 5 بالمائة مقارنة بالعام الماضي. وشددت شميدت على ضرورة الاهتمام بـ " نشر التوعية وسبل الحماية والمسئولية عن الذات وعن الآخرين" بالنظر إلى وجود 59 ألف شخص يعيشون حاليا في ألمانيا من مرضى الإيدز أو الحاملين لفيروس "إتش.آي.في".
وأضافت الوزيرة أن معظم الإصابات الجديدة كانت في نطاق الرجال المثليين جنسيا علاوة على إصابة 25 طفلا بالفيروس. كما أعلنت عن زيادة مخصصات البحث العلمي في ميزانية 2008 بمقدار الثلث لتحسين سبل مكافحة مرض نقص المناعة المكتسب، موضحة أن التقدم العلمي في هذا المجال أدى إلى "إطالة الفترة الزمنية التي يعيشها المصابون".
الجدير بالذكر أن الباحثين في معهد روبرت كوخ يُؤكدون أن نسبة الوفيات ثابتة إلى حد كبير في الأعوام الخمسة الماضية. وتوفي 27 ألف ألماني تقريبا بسبب الإيدز منذ أن اكتشف المرض في ثمانينات القرن الماضي.