سوريا: خطة عنان تحتضر والأنظار تتجه إلى مؤتمر القاهرة
٢ يوليو ٢٠١٢يبدو أن الجميع متفقون على ضرورة أن توحّد المعارضة السورية نفسها ومواقفها ليتسنى للمجتمع الدولي وحكومة الأسد أن تتعامل معها ككتلة واحدة. وربما كان هذا فحوى ما جرى في جنيف فانتقلت الأطراف ذات العلاقة إلى القاهرة لوضع آلية يمكن أن تفعّل المبادئ العامة التي خرج بها مؤتمر جنيف، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري في حوار مع صحيفة الحياة السعودية التي صدرت في لندن اليوم 02 تموز/ يونيو 2012 مبينا أن" جو الاجتماعات في جنيف يظهر أنّ هناك نوعا من التفاهم بين روسيا وأميركا على عملية الانتقال السياسي في سوريا". الوزير العراقي نقل عن وزير الخارجية الروسي لافروف قوله "إن روسيا لا تريد عسكرة النزاع السوري، فتم التوافق على ذلك بدل القول إنه على روسيا وقف إمدادات الأسلحة إلى سوريا، إذ أن دولا أخرى تمد المعارضة السورية بالسلاح". وهذا يعني أن تدفق السلاح على سوريا من وإلى جميع الأطراف قد يتوقف.
بعد جنيف
ويبدو أن دورا جديدا لدول الجوار والغرب بدأ يتشكل ويعمل باتجاه دفع المعارضة إلى القبول بحل سياسي يُبقي الأسد ولو لمرحلة انتقالية. الكاتب عادل درويش، المحرر السياسي في مجلة ميدل ايست والصحفي في مجلس العموم البريطاني تحدث إلى DWواصفا الوضع في سوريا التي يجتاحها منذ 16 شهرا عنف أزهق أرواح عشرات الألوف وأفقر البلد ودمر بنيته التحتية بسؤال مفاده "ما هو المطلوب الآن، حقن الدماء، أم إزالة الأسد"؟ ومضى إلى شرح ذلك بالقول "إزالة الأسد كما حدث مع القذافي سيكون لها ثمن باهظ، والمسألة تكمن في معرفة ما هو الممكن في سوريا، والممكن هو الوصول إلى خطة توافق بين المعارضة وبين الرئيس الأسد الذي لن يرضى بأقل من بقاء سوريا تحت إمرته".
في مؤتمر القاهرة
وبدأ اليوم مؤتمر المعارضة السورية برعاية جامعة الدول العربية، وشارك فيه وزراء خارجية دول عربية عدة وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، فيما غابت إيران حليف سوريا الاستراتيجي عن المشهد.
القيادة العامة للجيش السوري الحر في الداخل وصفت مؤتمر القاهرة بأنه "مؤامرة"، مشددة على أن هدفها هو ليس تنحية الرئيس الأسد بل "إسقاط النظام برمته". فيما شاركت الناطق باسم لجان التنسيق المحلية للثورة السورية ريما فليحان في المؤتمر ولم تعلن مقاطعة معارضة الداخل للمؤتمر، لكنها اعتذرت عن عدم حضور ممثلي معارضة الداخل بالقول "إن من الصعب على معارضي الداخل الوصول إلى هنا". كما انتقدت تشتت المعارضة وتفرقها كما نقل البث العربي لشبكة بي بي سي.
المشكلة الأكبر إذا ما زالت تكمن في تفرّق المعارضة السورية، وقد يتساءل المراقب عن وجود قواسم مشتركة تجتمع عليها المعارضة لمواجهة نظام الأسد، وهو ما أجاب عنه الصحفي عادل درويش بالقول"المشكلة في الانتفاضات والثورات أنه لا يوجد خطة هندسية لتصميم الثورات لأنها تحدث تلقائيا، وكل الثورات لا توجد لها قيادة واحدة منظمة، والمجموعات الثائرة في سوريا اليوم متشرذمة وأكثرها مدعوم من الخارج، وهكذا فإن من الصعب توحيدها تحت شعار وهدف موحد".
المعارضة والمجتمع الدولي: مساران مختلفان
بعد عام ونصف من النزيف في سوريا أضحى المجتمع الدولي يميل بشكل أوضح إلى استبعاد خيار التدخل العسكري لإحداث تغيير في سوريا، وقد قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوري الحر قاسم سعد الدين في بيان نشرت وكالة فرانس برس نسخة منه إن "المؤامرة التي تعقد في القاهرة تنص وبشكل مريب على رفض التدخل العسكري الدولي لإنقاذ شعبنا وحمايته بل وتتجاهل قضايا في غاية الأهمية منها مسألة فرض المناطق الآمنة المحمية من المجتمع الدولي والممرات الإنسانية والحظر الجوي وتسليح ودعم الجيش السوري الحر في الداخل"، وهذا يعني أنّ المعارضة تسير في طريق لا يلتقي بمسار الجهود الدولية، ويكون السؤال هنا: أيٌّ من الطرفين ( المعارضة والمجتمع الدولي) يمكن أن يغيّر مساره ليلتقي الطرف الآخر؟
الكاتب عادل درويش أجاب عن هذا السؤال بالقول "الطرف الدولي ملتزم بالقانون الدولي، وهو يضم مجموعة دول ديمقراطية مسؤولة عن تصرفاتها أمام شعوبها، علاوة على تجمعات في منظومات دولية تعبّر عن مصالح الدول المنتظمة فيها، كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وبالتالي فتغيير المسار يجب أن يأتي من جانب المعارضة السورية بتوحيد قيادتها وخطابها".
ملهم الملائكة
مراجعة: طارق أنكاي