عندما يتبخر حلم احتراف لعب كرة القدم...
٣ ديسمبر ٢٠١٢
ما هي أسباب الفشل أو دواعي النجاح في الحياة الاحترافية في عالم كرة القدم؟ هل هو التحكم في فنون الكرة الساحرة؟ أم بالأحرى المثابرة وروح الكفاح؟...أم ببساطة هي ضربة حظ؟ سؤال أرَق الكثيرين من عشاق كرة القدم الذين طالما تساءلوا لماذا يتم إشراك هذا اللاعب أو ذاك في تشكيلة فريقه، رغم أنه وحسب رأيهم لا يملك المؤهلات الكافية لذلك.
وفي محاولة للتوصل إلى إجابة، أصدر لاعب كرة القدم، تيمو هاينزه، سيرته الذاتية التي دوَّن فيها أهم محطات مسيرته الكروية "الناقصة" حسب وصفه. فالشاب الذي يبلغ حاليا ستة وعشرين عاما، كان يلعب طيلة أحد عشر عاما في صفوف فريق بايرن ميونخ للشباب، وكان أمله الرئيسي الالتحاق بفريق الشباب، خاصة وأنه قاد فريقه، كقائد له، للفوز بلقب الدوري الألماني للشباب. ولعب حينها إلى جانب اللاعب البافاري حاليا توماس مولر ولاعب دورتموند ماتس هوملس.
لكن تيمو هاينزه تعرض للإصابة في الوقت الذي كان قاب قوسين من الانتقال إلى الفريق الأول، ما أجبره على ترك الملاعب لمدة سنة كاملة، أعقبتها أخرى. و كانت النتيجة أنه فشل في الانضمام إلى الدوري الألماني للدرجة الأولى، وسقط في دوامة من الإحباط لم يتعافى منها إلا بعد سنوات.
يوضح اللاعب أنه وعند بداية مرحلة "الإخفاق"، كان من الصعب عليه متابعة زملائه القدامى وهم يلعبون بقميص المنتخب الألماني، بينما أجبر هو على الخروج من عالم كرة القدم دون "أية نجاحات تذكر". فلماذا مني هو بهذا المصير في الوقت الذي نجح فيه آخرون؟ يكتب تيمو هاينزه في كتابه أن الإصابة كانت السبب الجوهري لما آلت إليه الأمور. كما أن سوء علاقته بالمدرب الذي أخرجه من دائرة حساباته أفاضت الكأس، وذلك إلى جانب حالة الإحباط التي كان يعاني منها والتي منعته من السيطرة على الوضع.
الإصابة والحظ
وبالنسبة للطبيب النفسي الرياضي، ينس كلاينرت، ليست الإصابة من يتحكم في مصير لاعبي كرة القدم، سواء المحترفين أو الهواة، بل التعامل الذكي معها والذي هو أساس النجاح، مستندا في ذلك على أقوال جيوفاني إلبر، لاعب بايرن ميونخ السابق، الذي صرح في أحدى المناسبات بأن "الفَرق بين اللاعب الجيد والسيئ لا يكمن في طريقة اللعب وإنما في القدرة على التعامل مع الإصابة".
الحظ بدوره عامل أساسي آخر لا يمكن إهماله. وهو ما أكده ماتس هوملس الذي أوضح أن خوفا شديدا انتابه وهو في طريقه إلى البوندسليغا، حين قرر الانضمام إلى دورتموند تاركا بايرن ميونخ وراء ظهره. اليوم يقول هوملس "إن القرار الجريء الذي اتخذته آنذاك كان صائبا". وهذا صحيح تماما، فهذا المدافع لم يكن يستطيع شق طريقه إلى بيت مدرب المنتخب الألماني، يوآخيم لوف، لو لم يكن قد مر عبر بوابة دورتموند.
سيرة ذاتية للجميع
وصف ماتس هوملس كتاب تيمو هاينز بـ"الرائع"، لكونه كشف "خلفيات عالم كرة القدم الغريب" الذي تتهاوى فيه الآمال والانجازات في لحظة. غير أن لاعب دورتموند، وعلى عكس زميله السابق، وصل إلى هدفه من الشهرة والحرفية، وإن كان ذلك مكلفا على حد قوله. والثمن: التخلي عن جانب من الحرية الفردية كحريته في عيش حياته اليومية كما يريد، مثل النوم وقت ما يشاء وتناول ما يشاء وقت ما يشاء. تضاف إلى ذلك السويعات المحدودة التي يقضيها اللاعب المحترف مع أهله وأصدقاءه.
رغم كل هذا، يحلم الآلاف بما وصل إليه توماس هوملس وغيره، في الوقت الذي اكتفى فيه تيمو هاينزه بشهادته في كتابه "الوقت بدل الضائع – حكاية مسيرة احترافية ناقصة" ليفتح الباب أمام خيارات أخرى كالالتحاق بالمعهد الرياضي، لعلّه يصبح مختصا في الطب الرياضي ويستطيع مساعدة آخرين من السقوط في فخ "الفشل".