قطاع غزة: مياهٌ ملوثة... وآبارٌ جوفية مُستَنزَفة
٦ ديسمبر ٢٠١٠أثناء تجوّل دويتشه فيلله في أنحاء متفرقة من القطاع اشتكى كافة المواطنين من تلوث المياه، من هؤلاء احمد الحلو من منطقة الرمال وسط غزة :" المَياه مالحة جدا في بيتنا، ولا نقدر أن نشربها، وحتى وجوهنا نغسلها بالمياه الحلوة".
لذلك ينتشر في منازل قطاع غزة أجهزة لتحليه وتنقية المياه الملوثة والمالحة، تسد حاجه ماء الشُرب، لكن لا يقدر على شرائها سوى أبناء الطبقة الميسورة. أما الحاج عبد اللطيف، من معسكر الشاطئ شمال غزة، فيتغلب على الأزمة بشراء الماء "نشتري كل يومين 40 لترا من عربة الكارو بأربعة شيكل"، أي أكثر من دولار أمريكي تقريبا. فمياه مدينه غزة هي الأكثر ملُوحة في القطاع ، كما يُؤكد أحد المواطنين غرب المدينة : "الصابونة بالعافية بتعطي رغوة عند غسيل اليدين من الحنفية من شدة الملوحة".
مياه جوفيه .. مسروقة ومستنزفة
يعتمد قطاع غزة بشكل أساسي على الخزانات الجوفية التي تتغذى من مياه الأمطار، ومن الوديان التي تجري إلى القطاع من شماله وشرقه. وجاء في تقرير أصدره مركز الإعلام والمعلومات الفلسطيني، أن إسرائيل اهتمت بقضية المياه، لذا تعاملت معها باعتبارها مسألة إستراتيجية وسعت للسيطرة على جميع موارد المياه في المنطقة. وفى هذا الإطار اتهم بهاء الأغا، مدير وحدة التخطيط والمشاريع في سلطة جودة البيئة، إسرائيل بشكل أساسي بسرقة المياه الجوفية من غزة "عَبْر آبار ذات كفاءة عالية لجذب المياه إليها"، واعتراض المياه السطحية القادمة للقطاع عبر إقامة السدود الصغيرة.
فيما يؤكد لدويتشه فيلله خالد يوسف المتخصص بتحليه المياه: "أن إسرائيل انسحبت من القطاع بعد أن استنزفت المياه الجوفية لري آلاف الدفيئات الزراعية التي كانت تنتشر في إحدى وعشرين مستوطنه قبل الانسحاب". كذلك عزا استنزاف الآبار الجوفية إلى إفراط المواطنين والمزارعين في استهلاك المياه.
إلى ذلك أكد لنا عدنان أبو حسنه المتحدث باسم وكالة الغوث "الأُونروا" أن القطاع يعاني من شح في المياه وأن إسرائيل تُعيق إدخال المعدات والمواد الخام التي تُستخدم في إنشاء وبناء وترميم محطات التحليه ومعالجه مياه المجارى :"مياه القطاع لا تصلُح على الإطلاق للاستخدام الآدمي وفق برنامج الأمم المتحدة لجودة البيئة".
مُسَببَات تَلَوُثِ ومُلُوحةِ المياه
لاحظت دويتشه فيلله انتشار الحفر الامتصاصية للتصريف الصحي على حدود مدن وقرى القطاع ، فَبِركة عسقولة وتل السلطان وحي الأمل وبيت لاهيا من أخطر الِبرَك التي تتسبب في نشر الحشرات والآفات، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تُسببُ المشاكل الجَمة لأصحاب المنازل المجاورة.
الحاجة أُم سالم تسكن بالقرب من بركة لمياه الصرف الصحي :" والله يا ابني تِعِبنا من كُتُر ما اَشتكِينا من الحشرات والروائح ،وِنخاف أن يغرق أولادنا فيها ليغرقوا، خاصة وأن أطفالا غرقوا فيها قبل هِيك".
ويشير الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أستاذ علم البيئة في الجامعة الإسلامية، إلى مخاطر هذه البِرك والحفر الامتصاصية :" تَحمل أمراضا وملوثات كيميائية وبيولوجية، وبكتيريا أصابت ما يتجاوز 30% من السكان المجاورين للبرك".
ومما يفاقم المشكلة، تدني كفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحي وضعف قدرتها الاستيعابية، بحيث بات ضررها أكبر من نفعها كما يقول خالد يوسف. , ويوميا يتم ضخ أكثر من 60 ألف لتر مكعب من المياه غير المعالجة عبر إحدى عشرة منطقة على امتداد شاطئ بحر غزة، مما تسبب في تلويث الشواطئ والبيئة البحرية.
الجهود المبذولة .. والحصار
يشير الخبراء إلى وضع خطط إستراتيجية لإنشاء أربع محطات لتحلية مياه البحر بِقُدراتٍ إنتاجية عالية، لكن مدير عام مراقبة الجودة والتوعية الجماهيرية في مصلحة مياه الساحل ماجد غنام يقول :" المُشكلة تكمُن في توقف المشاريع الخاصة بتطوير وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي نتيجة حصار قطاع غزة ومنع دخول المواد الخام". وللتغلب على ذلك تقوم البلديات بتصنيعِ مضخاتِ مياهٍ بشكلٍ محلي.
إلى ذلك يشتكى كافة رؤساء بلديات القطاع من مشكلة الصرف الصحي، ويتغلب عليها هؤلاء بإنشاء حفر امتصاصية لعدم قدرة البلديات على تمديد وتوصيل شبكات الصرف الصحي وعدم توفر الدعم اللازم لمثل تلك المشاريع الضخمة بسبب الحصار، إذ تغطي شبكات الصرف الصحي في قطاع غزة 66% من المساكن فقط، في حين يعتمد 34% على الحفر الامتصاصية . وحث مدير مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة المهندس منذر شبلاق على الاعتماد على المصادر غير التقليدية كحل لمواجهة المشكلة في ظل استمرار الحصار، مثل تحليه مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها لتخفيف ضغط استنزاف الخزان الجوفي أو إعادة حقنها في الخزان كمصدر غير تقليدي لتغذيته.
شوقي الفرا – غزة
مراجعة. عبد الرحمن عثمان