ماذا قدم مرسي للاقتصاد المصري؟
٢٣ نوفمبر ٢٠١٢عانى المصريون لأعوام كثيرة من مشكلات اقتصادية كثيرة تمنوا أن تزول بقدوم أول رئيس منتخب. تلك المشكلات التي لا تزال تؤرقهم تمحورت حول الحد الأدنى للأجور في ظل الارتفاع المتطرد لأسعار السلع بالإضافة إلى نقص الوقود وارتفاع أسعاره ورفع الدعم عن بعض فئاته. ذلك ويأتي سحب الاستثمارات الأجنبية وأيضا خوف المستثمرين المصريين من المخاطرة بأموالهم في ظل الوضع غير مستقر ليزيد من الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مصر في الوقت الراهن. هذا في ظل الحديث عن عدم التزام الرئيس ببدء تنفيذ مشروع النهضة الذي قدمه كبرنامجه الانتخابي وأيضا في ظل نية الحكومة الاقتراض من صندوق النقد الدولي والتي لاقت معارضة كبيرة من الشباب المصري. DW عربية تستطلع آراء الشباب والخبراء حول الاقتصاد المصري في عهد أول رئيس للثورة.
ماذا تحقق من وعود مرسي
"المشاكل الاقتصادية كثيرة لكن الرئيس وحكومته غير مهتمين بحلها"، تقول الشابة هبة ممدوح لـ DW عربية. وتبدأ هبة حديثها عن أول تلك المشكلات محددة إياها في عدم توافق الأجور مع أسعار السلع. وتوضح هبة وجهة نظرها قائلة: "ليس هناك نسبة وتناسب بين أجور الموظفين وأسعار السلع والتي ترتفع كل يوم". هبة التي تعمل موظفة بإحدى الشركات الحكومية لا تنكر رغم ذلك زيادة أجرها بعد الثورة "لكن الزيادة لا تشعر بها في ظل زيادة الأسعار". وتتطرق هبة لمشكلة أخرى وهي رفع الدعم عن بعض السلع. وتقول في هذا النطاق: "نرى مرسي يصرف الملايين في موكبه والحكومة في حجب المواقع الإباحية وفي ذات الوقت يتم رفع الدعم عن السلع فهل هذا منطقياً؟".
ويدعم الشاب محمد هاني رأي هبة فيما قالته بشأن الأسعار والدعم. ويرى هاني أن مصر مقبلة على أزمة اقتصادية كبيرة. ويقول هاني لـDW عربية: "كان ضمن خطة الدكتور مرسي إصلاحات اقتصادية لإنقاذ مصر من المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها بعد الثورة فأين تلك الخطة وأين تلك الإصلاحات؟". ويستطرد: "مازلنا نرى المسؤولين في مواكبهم الفخمة والشعب المصري يزداد فقراً ومعاناة". ويعتقد هاني أن التيار الإسلامي يقوم بمحاولات إقصاء للقوى الأخرى – على حد تعبيره- تخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد تنعكس على أجواء الاستثمارات في مصر. ويستطرد: "إذا وضعت نفسي مكان المستثمر كيف لي أن أخاطر بأموالي في بلد غير مستقر كهذا؟ بالطبع سأبحث عن مكان أكثر استقراراً".
وركز رامي محمد في حديثه لـ DW عربية على القرض التي تنوي أن تقترضه الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولي حيث يرى أنه سيزيد من المشكلات التي يعاني منها المصريون في الأساس ويقول: "يكفينا اقتصادنا الذي يعاني لا يجب أن نزيد الديون على أنفسنا ونحن نعلم أننا لن نستطيع سدادها". ويضيف محمد: "بدلاً من القرض لماذا لا تقيم الحكومة مشاريع ومصانع وتشجع الإنتاج المحلي والتصدير؟". ولا يرى محمد أن الرئيس مرسي قد جاء بالجديد فيما يخص التصنيع ومشاريع التنمية المحلية. ويقول في هذا الصدد: "لم نره يتحدث عن أي مشاريع تنمية قومية ولم نره يفتتح مصنعاً سوى واحداً كان قد افتتح من قبل في عهد مبارك بل أنه حتى لم يتحدث عن نية الحكومة إنشاء مصانع". وفيما يخص الاستثمارات المحلية والأجنبية يقول محمد: "الرئيس لم يفي حتى بوعده بعودة الأمن والتي كانت لتشجع على قدوم بعض المستثمرين إلى مصر".
الاستقرار لتشجيع الاستثمارات
وفي حديثها مع DW عربية أشارت الدكتورة إيمان السيد، أستاذة ورئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بورسعيد، إلى وجود اختلاف في شكل السياسات الاقتصادية قبل الثورة مقارنة بما يعيشه المواطنون اليوم. وتشرح: "الاستثمارات قبل الثورة كانت معظمها في قطاعات لا تدعم التنمية الاقتصادية كالعقارات على سبيل المثال أما الآن فهناك محاولة للتركيز على الاستثمار الأجنبي ودخوله في صناعات التكنولوجيا المتطورة والصناعات الوسيطة". وتضيف: "هناك مشاريع مثل مشروع شرق بورسعيد ومشروع شمال غرب خليج السويس ومشروع وادي التكنولوجيا في الإسماعيلية. كل تلك المشاريع كانت حكراً على كبار رجال مبارك قبل الثورة لكن الدولة تسعى لإعادة إحيائها الآن بشكل يخدم البلد كلها". وتعود الدكتورة إيمان لتتحدث عن جهود مرسي وحكومته في مجال الاستثمار قائلة لـDW عربية: "هناك اهتمام من د. مرسي الآن بالاستثمار يبرز في شكل محاولة التصالح مع بعض المستثمرين لرد حق الدولة وفي نفس الوقت الاستمرار في عملهم".
ومن ناحية أخرى ربطت الدكتورة إيمان نقص الاستثمارات الأجنبية والمحلية بأجواء التظاهر وعدم الاستقرار في البلاد. وعن معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن سلع مثل الوقود تقول إيمان: "الدعم كان منه ما يوجه لجهات غير مستحقة للدعم وبالتالي كان يحمل خزينة الدولة أموالا كثيرة". وطالبت إيمان الشعب المصري بالصبر والبعد عن المطالبات الفئوية حتى يعبر الاقتصاد المصري ما أسمتها بـ "المرحلة العصيبة".
ولم يختلف رأي الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال أسامة عبد الرحمن عن رأي د. إيمان فيما يتعلق بوجوب البعد عن كل مظاهر عدم الاستقرار كي يتشجع المستثمرون على القدوم إلى مصر. ويقول أسامة لـDW عربية: "طالما لا يوجد قوانين تحافظ على الاستثمار لن يأتي لنا المستثمرين الأجانب فرأس المال جبان ولن يخاطر بالذهاب إلى بلد تدعوه اليوم وتغير قوانينها غداً". وفيما يتعلق بقرض صندوق النقد الدولي يرى أسامة أن القرض له وجهان أحدهما جيد والأخر سيء. ويشرح وجهة نظره قائلاً: "القرض سيدعم الاحتياطي النقدي لدينا في البنك المركزي والمفترض أن نعيد استثماره ثم نقوم برد القرض". ويضيف: "القرض في ظاهره مؤشر جيد للاقتصاد المصري لكنه سوف يتحول إلى وبال علينا إذا ما استمرت الأحوال كما هي الآن بلا عمل ولا استقرار".
وفيما يتعلق بشكوى المواطنين من ضعف الأجور مقارنة بارتفاع الأسعار، يرى أسامة أن هناك بالفعل زيادة في الأجور للموظفين "لكنها زيادة صورية دون إضافة حقيقية لموارد الدولة" مما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع في الوقت ذاته. ويحمل أسامة مسؤلية تلك المشكلة للحكومة والتي في رأيه يجب أن تحض الناس على العمل وتربط زيادة الأجور بالإنتاج، متوقعا بأن مصر مقبلة على أزمة اقتصادية كبيرة منتقداً في نفس الوقت الحكام الجدد قائلاً: "لا يوجد خطة ولا منطق ولا سياسة ولا رؤية واضحة في مجال التنمية في عهد مرسي".