مجلس القضاء الأعلى يحسم أزمة مصر القانونية
٣ ديسمبر ٢٠١٢بعد أن نجح الإخوان المسلمون وحلفاؤهم من الأحزاب الإسلامية في الانفراد في كتابة الدستور، حققوا في الجانب الحقوقي نجاحاً آخر حين تمكنوا من تخطي المقاطعة القانونية التي سعى معسكر المعارضة إلى فرضها على الاستفتاء لنزع الغطاء الشرعي عنه.
ففي تطور مثير ومفاجئ جرى بعد ظهر الاثنين (03 كانون أول/ ديسمبر 2012) وافق مجلس القضاء الأعلى على ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة للإشراف على الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور الجديد لمصر في لجان المحافظات واللجان العامة والفرعية.
هذه الموافقة تأتي خلافاً لقرار نادي قضاة مصر وهو التنظيم النقابي المعبر عن مجلس القضاء الأعلى والذي كان قد قرر عدم الإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد المقرر تنظيمه في 15 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، وذلك احتجاجاً على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي.
"النيابة يمكن أن تراقب الاستفتاء"
والى هذا البديل أشار الدكتور كمال هلباوي أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية في حديثه إلى DWعربية، مبيناً أن "الإخوان يمتلكون بديلاً عن الجهاز القضائي لمراقبة الاستفتاء، وهذا البديل يتجسد في النيابة وفيها قضاة ومستشارون يمكن أن يقوموا بهذه الوظيفة وهذا ما أعلن عنه اليوم، كما أن هناك من نادي القضاة من لم يلتزم بقرارات المقاطعة، وقد يساهم في الإشراف على الانتخابات".
وانضمت إلى مقاطعة نادي القضاة، المحكمة الدستورية العليا، وهيئة تدريس كلية الحقوق في جامعة القاهرة. ويرى أغلب المعارضين لتوجهات الإخوان ولدستورهم أن الأخوان يمارسون "بلطجة" بحق الهيئات القانونية والشعب، وهو ما أشار إليه الصحفي إبراهيم منصور رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة التحرير متحدثاً من القاهرة إلى DWعربية. وبين منصور أن الإخوان حاصروا المحكمة الدستورية العليا وهي أعلى سلطة دستورية في البلد. "وهم يسعون إلى أن يُجروا الاستفتاء أما بدون غطاء قانوني، أو من خلال بعض القضاة الذين يعملون معه ومن بينهم مستشارون لمرسي تظاهروا في البداية أنهم ضد الإخوان".
في هذا السياق، اعتبر المستشار محمود مكي نائب الرئيس المصري في حوار مع التلفزيون المصري أن الهدف من الإعلان الدستوري "كان إبعاد القضاة عن السياسة وتجنيب القضاة من أن يتم استخدامهم لضرب مؤسسات الدولة".
"هذا الدستور هو رأي واحد يعبر عن الإخوان"
يأتي هذا الرأي داعماً لتحليلات ذهبت إلى أن الهيئات القانونية الداعية للمقاطعة واقعة تحت تأثير إيحاءات سياسية وقد تخلت عن مهنيتها، لكن الدكتور هلباوي اختلف مع هذا الرأي مبيناً أن "رأي القضاة (الداعين إلى المقاطعة) ليس مسيساً بل هو خاضع لفهمهم عن القانون، وهناك قضاة آخرون يرون في الموضوع جوانب أخرى".
هذا السجال القانوني يجري على خلفية تظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة للاستفتاء على الدستور. المؤيدون يرون في الإعلان الدستوري حلاً لمشكلات البلد، والمعارضون يرون في الإعلان وفي الدستور ضربة قاتلة للديمقراطية الوليدة. وبين الاثنين ينقسم الشعب حول شرعية المواقف وشرعية الدستور. الصحفي أحمد وائل رئيس تحرير صحيفة (وصلة) تحدث من القاهرة إلى DWعربية مبيناً "أن تظاهرات الإخوان تضم أناساً لا يعرفون لماذا يتظاهرون أصلاً، بل إنهم خرجوا يسوقهم الحماس للرئيس مرسي، فيما التظاهرات المعارضة للاستفتاء خرجت بمطالب واقعية قائمة على إدراك حقيقة المشكلة".
من جانبه، أيد هلباوي فكرة إجراء الاستفتاء مشيراً إلى أن " الشارع المصري منقسم بشأن الدستور، وقد يقول جزء منه لا للدستور، لكن الأكثرية في رأيي ستقول نعم". فيما ذهب أحمد وائل إلى أن "هذا الدستور كتبه قانون واحد يعبر عن الإخوان وسوف يسقط سواء الآن أم في المستقبل".