مصر: المرأة تبحث عن دور أكبر في الانتخابات التشريعية القادمة
١٨ يناير ٢٠١٣في ظل الجدل الدائر حول تعديلات قانون انتخابات مجلس النواب المقبل، وتخصيص مقعد للنساء المرشحات بالنصف الأول من القوائم الانتخابية، رأى البعض أن هذا المشروع يهدف إلى تحجيم دور المرأة وإقصائها من الحياة السياسية في ظل وجود أول رئيس ينتمي لحركة الإخوان المسلمين في الحكم. وفي الوقت نفسه أصدر المركز المصري لحقوق المرأة تقريرا تحت عنوان " 2012 هو عام الخروج الكبير للمرأة المصرية"، ليعكس المخاوف الكبيرة لتراجع دور المرأة سياسيا واجتماعيا في الانتخابات البرلمانية القادمة.
قانون الانتخابات... وتهميش المرأة
وكان لـ DW عربية حديث خاص في هذا الصدد مع مارجريت عازر، عضو مجلس الشعب السابق لحزب المصريين الأحرار، التي تري أن وضع المرأة في النصف الأول من القوائم الانتخابية غير واضح بمعني هل أنها تحمل رقم 4 أو خمسة في القائمة، لاسيما في ظل تعدد القوائم واللجان الانتخابية. وهو ما يعني، وفقا لمارجريت، إقصاء متعمد لدور المرأة، فكل ما يخصها في البرلمان يتم رفضه بالتصويت. وهو ما أرجعته إلي ميراث حمله المصريون من آلاف السنين، وتداول في عقول الناس بأنها لا تصلح للعمل في البرلمان أو العمل السياسي.
وتضيف مارجريت عازر في حديثها مع DW عربية قائلة: "إن هذه المواريث تم إرساؤها كعقيدة ورسخت في عقول المصريين نتيجة للتفسير الديني الخاطئ، وهو ما أدى في النهاية إلى الإمعان في تهميش المرأة". ومن المفيد الإشارة إلى أن المرأة المصرية حازت على 8 مقاعد فقط من أصل 498 مقعدا في البرلمان المصري المنحل، منهن 4 منتميات لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين. وبسؤالها عن إمكانية تمثيل أكبر للمرأة في البرلمان القادم، تقول عازر إنها لا تتوقع نسبة أكبر عن البرلمان السابق وأنها لن تتعدى 1 أو 2%.
وتتفق معها الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أماني الطويل، التي تري أن هذه التعديلات غير منصفة، وذلك وفقا لمجموعة من المعطيات. وتضيف الطويل في حوار مع DW عربية أن من أهم هذه المعطيات هو أن النساء يشكلن نصف السكان، وأنهن شاركن بقوة في كل القضايا والمناسبات المرتبطة بالمشاركة في المجال العام وكل الحركات الاحتجاجية، وكذلك في التصويت سواء في الاستفتاء أو في الانتخابات. كما تساهم المرأة المصرية في الناتج القومي المصري وتشارك بقوة في العمل حيث تتجاوز نسبتها في القطاع غير الرسمي 60% وبين 20: 30% في القطاع العام. ومع ذلك، وفقا لأماني الطويل فإن حظها ضئيل كما أن محاولات الإسلاميين لرفع تمثيل المرأة هي مجرد محاولات شكلية لإرضاء الخارج.
وتضيف الطويل لـ DW عربية قائلة إن "الجدل بشأن تحريك موقعها في القوائم الانتخابية ما هو إلا محاولة لإجهاض أي فرصة للتنمية الحقيقية في مصر، لان المرأة طاقة إنتاجية يجب استغلالها. وفي دول جنوب شرق آسيا، يتم الاعتماد على النساء حتى وهن في منازلهن، وبالتالي تهميش المرأة سياسيا أو اقتصاديا من قبل أي تيار سياسيي، يعنى أنه لا يفهم الشروط اللازمة للتنمية الاقتصادية".
وتتوقع الطويل ألا تتجاوز نسبة تمثيل المرأة في البرلمان عن 1.8% وهي نفس نسبة البرلمان السابق تحديدا. وقد تتغير هذه النسبة في حال قيام الأحزاب المدنية بتكثيف وجودها على القائمة ووضعها في أماكن متقدمة، وقد تصل النسبة في هذه الحالة إلي 3%.
تخصيص «كوتة» للمرأة في الانتخابات المقبلة
وسبق للنظام المصري السابق تحديد كوتة للمرأة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عهد مبارك في نوفمبر 2010، وهو ما رفع من مشاركة المرأة في البرلمان. وفي هذا الإطار ترفض سهام الجمل، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة (إخوان مسلمون)، وضع كوتة للمرأة، لان الأحزاب السياسية تمنحها فرصة أكبر للمشاركة السياسية على قوائمها، نظرا لمشاركتها بشكل كبير سواء قبل أو بعد الثورة.
وعن سؤلها بأن البرلمان السابق لم يول أي اهتمام لمشاكل المرأة لاسيما حزب الحرية والعدالة الإسلامي الحاكم، قالت في حوار لـ DW إن البرلمان لم يستمر سوى أربعة أشهر فقط وبالتالي لا يمكن الحكم عليه. ومع ذلك، ترى الجمل أن الحصيلة لم تكن سيئة إذ كانت هناك جهود حثيثة للاهتمام بالمرأة. وأضافت أنها تطرقت داخل المجلس للمشاكل التي تعاني منها أهالي دائرتها لاسيما المشاكل النسائية، وأنها مازالت تتواصل مع نساء الدائرة، وان نساء البرلمان لا يفضلن الكشف عن ذلك علنا، لأنهن يعملن على أرض الواقع وعلى الأخص في الريف لرفع مستواهن الثقافي.
من جانبها ترى ميريندا موسى، عضو لجنة المرأة بحزب الوفد الليبرالي المعارض، في حوار لـ DW أن الكوتة من حق المرأة. وتتساءل موسى "كيف يمكن أن تخصص السعودية نسبة 20% من المقاعد للمرأة في مجلس الشورى، بينما في مصر نرفض ذلك. وبالتالي فأن المرأة عليها ألا تتنازل عن هذا الحق وان تكون أيضا في مقدمة القوائم الانتخابية".
وتضيف موسى أنها لا تتوقع تمثيل أكبر للنساء وأن ما تعرضت له المرأة في البرلمان السابق من تعمد لتهميشها سيتكرر في البرلمان القادم. والأدهى، وفقا لموسى، أن هناك محاولات لتخلص من القيادات النسائية ومن أبرزه تهاني الجبالي، (العضو السابق في المحكمة الدستورية العليا). وتستكمل موسى قائلة "يجب على المجلس القومي للمرأة ومنظمات حقوق الإنسان أن تضغط بقوة وأن يكون لها وقفات وعرض مطالبهن على مجلس الشورى".
مشاركة أم مغالبة
في سياق رفض المجلس القومي للمرأة مشروع قانون الانتخاب الجديد، أعربت عزة هيكل، العضو بمجلس القومي للمرأة عن استيائها لهذا القانون في حوار مع DW قائلة إنه " كان متوقعا من مجلس يهيمن عليه يمين متطرف، لا يرى في المرأة أي قدرات على العمل السياسي وأن تكون في دائرة صنع القرار" . وترى هيكل أن الحل الوحيد لتمثيل المرأة هو الضغط من قبل المجلس القومي للمرأة، مجلس حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية والضغط المجتمعي والشعبي . وتضيف هيكل أنه "إذا لزم الأمر على المرأة مقاطعة الانتخابات. وإذا تم ذلك فإن المجتمع سيفقد أهم قوة تصويت وسيكون البرلمان باطلا دستوريا لأن فئة كبيرة لم تشارك فيه".