1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مقاطعة الحكومة لصحيفة هآرتس "يستهدف" حرية الإعلام في إسرائيل

تانيا كريمر | فيليكس تامسوت
١ ديسمبر ٢٠٢٤

أصدرت الحكومة الإسرائيلية أوامر للمسؤولين بمقاطعة صحيفة هآرتس، كما تمارِسُ ضغوطا على هيئة البث العامة "كان" بسبب تقاريرها الانتقادية المفترضة حول الحرب في غزة.

https://p.dw.com/p/4nWcK
امرأة تتصفح صحيفة هآرتس في القدس
مقاطعة الحكومة الإسرائيلية لصحيفة هآرتس أثار انتقادات شديدة وسخطا في الوسط الإعلاميصورة من: AHMAD GHARABLI/AFP

صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف، يوم الأحد (24 نوفمبر/تشرين الثاني)، بالإجماع على فرض عقوبات على صحيفة هآرتس، أقدم صحيفة في البلاد. وقد تقدم بهذا الاقتراح وزير الاتصالات شلومو كرحي (من حزب الليكود)، وذلك رداً على التغطية الانتقادية للحرب بين إسرائيل وحماس وحديث لناشر صحيفة هآرتس عاموس شوكن، الذي اقترح فرض عقوبات على كبار المسؤولين الحكوميين لانتهاكهم القانون الدولي.

وينص الاقتراح على إنهاء عقود الإعلانات الحكومية مع الصحيفة وقطع الاتصالات معها. كما يدعو إلى إلغاء جميع الاشتراكات في الصحيفة اليسارية الليبرالية لموظفي الدولة، وأيضا موظفي الشركات المملوكة للدولة.    

ردت صحيفة هآرتس، التي تنشر باللغتين العبرية والإنجليزية وتحظى باحترام كبير على المستوى الدولي، على القرار قائلة: إن المقاطعة "هي خطوة أخرى في رحلة نتنياهو لضرب الديمقراطية الإسرائيلية. وكما هو حال بوتين وأردوغان وأوربان، يحاول نتنياهو إسكات صحيفة مستقلة ناقدة"، بحسب بيان لها. وكتبت نوا لاندو، نائبة رئيس التحرير على منصة التواصل الاجتماعي X، "لن يثنينا ذلك".

التضامن مع هآرتس
كانت الانتقادات للحكومة واسعة النطاق بين متابعي وسائل الإعلام الإسرائيلية وأيضا بين الصحافيين. وقالت أنات ساراغوستي، رئيسة اتحاد الصحفيين الإسرائيليين في تصريحات لـ DW "إنه أمر مقلق للغاية لأنهم يريدون القضاء على حراس البوابة، والإعلام هو حارس البوابة".

وأضافت ساراغوستي "هناك تضامن بين جميع الصحفيين وجميع وسائل الإعلام التي تدرك أن هذا شيء خطير، وإن هذه مجرد محاولة واحدة من بين عدة محاولات لتقييد حرية الصحافة، بما في ذلك التشريع لإغلاق هيئة البث الإسرائيلية العامة وحملات الترهيب ضد الصحفيين".

من جهة أخرى، كتب ناحوم برنياع، المعلق البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت اليومية، "بينما كانت عشرات الصواريخ التي أطلقها حزب الله، المنظمة التي هزمناها بالفعل، تملأ السماء فوق رؤوسنا، وهرع الملايين من الإسرائيليين القلقين إلى الملاجئ، كانت حكومتنا مشغولة بمعالجة السؤال الذي يشغل بال وزرائها حقًا: كيف نخدع مؤسسة إعلامية ماليا؟".

وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارحي في القدس
وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارحي يعتبر انتقادات ناشر صحيفة هآرتس للحكومة وتصريحاته معادية لإسرائيلصورة من: Nir Alon/ZUMA Wire/IMAGO

تسليط الضوء على خطاب الصحيفة 
على منصة X، كتب وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارحي: "لن نسمح بواقع يدعو فيه ناشر صحيفة في إسرائيل إلى فرض عقوبات عليها ويدعم أعداء الدولة في خضم الحرب ولن يظل مدعومًا ماليًا من الدولة". وأضاف الوزير الإسرائيلي "هل ترغب في قراءة السم الذي تنشره صحيفة هآرتس؟ لا تتردد في القيام بذلك. سنوقف تمويلها ببساطة. هذا أمر لا يمكن تصوره بالنسبة لهآرتس. أليس كذلك؟ نعم لحرية التعبير، لكن لا لتمويل بث السم ضد الدولة والجيش، على الإطلاق".

خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، دعا ناشر صحيفة هآرتس آموس شوكن، في خطاب ألقاه في مناسبة نظمتها صحيفته في لندن، إلى فرض عقوبات دولية على المسؤولين الإسرائيليين.

وقال شوكن حينها "لا بد من إقامة دولة فلسطينية، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك، في اعتقادي، هي فرض عقوبات على إسرائيل، وعلى المسؤولين الذين يعارضون ذلك، وعلى المستوطنين الذين يتواجدون في الأراضي المحتلة في انتهاك للقانون الدولي".

وقد أثار خطابه انتقادات حادة في إسرائيل، حتى بين صحافيي هآرتس، بسبب إشارته في إحدى العبارات إلى الفلسطينيين باعتبارهم "مقاتلين من أجل الحرية". ثم أوضح شوكن تعليقاته قائلاً إن ذكره لـ "مقاتلي الحرية" الفلسطينيين لم يكن إشارة إلى نشطاء حماس. وانتقدت افتتاحية في الصحيفة ناشِرَها قائلة: إن أي منظمة تهاجم المدنيين هي "منظمة إرهابية، وأعضاؤها إرهابيون، وهم بالتأكيد ليسوا مقاتلين من أجل الحرية".

شخص يقرأ صحيفة هآرتس في تل أبيب 31.12.2006
من المرجح أن صحيفة هآرتس لن تستسلم وستلجأ إلى المحكمة العليا للطعن في قرار الحكومة بمقاطعة الصحيفةصورة من: Ariel Schalit/AP Photo/picture alliance

ومع ذلك، يرى الإعلاميون الإسرائيليون هذه الخطوة الأخيرة من الحكومة تجاه الصحيفة باعتبارها محاولة لإسكات التغطية الإعلامية الناقدة. ومن بين المنتقدين أورين برسيكو، محرر بمجلة هاعين هاشفييت، أو العين السابعة بالعبرية، وهي مجلة إلكترونية متخصصة في قضايا الإعلام وحرية الصحافة.

وقال "عام 2023، عندما بدأت الإصلاحات القضائية، كان الهدف هو تغيير المشهد الإعلامي في نفس الوقت. لكن عندما تولى كارحي منصبه كوزير للاتصالات، صرح أن هدفه هو إغلاق هيئة البث العام". وأضاف موضحا "الآن عادوا، وهناك بضعة مشاريع قوانين في الوقت الحالي، تحاول الحد من حرية الصحافة".

هيئة البث العامة مستهدفة أيضا
منذ إطلاقها التلفزيون والإذاعة عام 2017، لتحل محل هيئة البث الإسرائيلية القديمة المنحازة سياسياً، أصبحت هيئة البث الإسرائيلية العامة "كان"، جزءًا لا يتجزأ من المشهد الإعلامي في البلاد. تشمل أقسامها الإخبارية صحفيين من جميع مشارب المجتمع الإسرائيلي، اليمين واليسار على حد سواء. كما تتمتع قنواتها على وسائل التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة بين الإسرائيليين.

وقد حاول رئيس الوزراء نتنياهو ووزراؤه الحد من نفوذها منذ البداية، ففي مقال عام 2016 لصحيفة ماكور ريشون اليمينية، كتب الصحفي أميت سيغال أن نتنياهو يرغب في وقف إطلاقها، حتى لو كان ذلك يعني الإبقاء على هيئة البث الإسرائيلية. كما تستمر هذه المحاولات في عهد وزير الاتصالات الحالي كارحي. ففي بداية عام 2023، ذكرت صحيفة الأعمال اليومية لمجموعة هآرتس ذا ماركر في شباط/ فبراير، أن محاولات حكومة نتنياهو لإغلاقها كانت بسبب "عدم خصوعها للضغوط السياسية".

"قانون الجزيرة" الإسرائيلي يعيق التغطية الإعلامية من غزة

وقد تم تمرير قوانين أخرى مثل ما يسمى بقانون الجزيرة. ففي مايو/أيار، أغلقت الحكومة الإسرائيلية مكتب الجزيرة في إسرائيل بموجب القانون الجديد، الذي يسمح بإغلاق المنابر الإعلامية الأجنبية التي تعتبر تهديداً للأمن القومي. كما داهم الجيش الإسرائيلي لاحقاً مكتب الجزيرة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة وأغلقه. وقد تم تجديد أوامر الإغلاق كل 60 يوماً منذ ذلك الحين.

صحيفة هآرتس ترفع التحدي
يرى بعض المحللين أن هذه المبادرة الأخيرة من المرجح أن يتم الطعن فيها أمام المحكمة العليا في إسرائيل. ويقول برسيكو لـ DW، في إشارة إلى الوكالات الحكومية: "إنها تدعو حقاً إلى الاستئناف أمام المحكمة العليا، حيث لا يمكنك إدراج الآراء السياسية في هذه الحسابات، لأن الهدف هو إيصال الرسالة إلى الجمهور. والسؤال هو: هل ستقاطع وكالة الإعلان الحكومية صحيفة هآرتس حقاً بسبب القرار السياسي للحكومة".

من جانبها، أعلنت صحيفة هآرتس أنها سترفع التحدي، حيث ذكرت في ردها على قرار الحكومة أنها "لن تتراجع ولن تتحول إلى نشرة حكومية تنشر رسائل وافقت عليها الحكومة وزعيمها".

أعدته للعربية:  م.ب