هل حطَّ الربيع العربي برحاله في السودان؟
١٥ يوليو ٢٠١٢يشبه نمط بداية الانتفاضة في السودان نظيراتها في كل من مصر وتونس، إذ قامت مجموعة من الطلبة في العاصمة السودانية الخرطوم بترديد هتافات "الشعب يريد إسقاط بالنظام"، شعارات هذه الهتافات تطابق في مضمونها هتافات الربيع العربي التي يعيشها العالم أكثر من عام. كما تم تحميل عدد لا يحصى من الفيديوهات على شبكة الإنترنيت تعكس مدى غضب الشعب على وقف الحكومة السودانية دعمها للوقود والسكر ونهج سياسة تقشفية واسعة النطاق مند شهر يونيو/ حزيران الماضي، ما أدى إلى تضاعف أسعار المواد الغذائية وبالتي خروج الطلاب في مظاهرات إلى شوارع العاصمة الخرطوم.
واستخدمت الشرطة وقوى الأمن الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين، كما بينت تقارير الناشطة زهراء حيدر التي أوضحت قائلة: "كان هذا أوحش رد فعل للسلطات منذ تولي الرئيس البشير الحكم عام 1989". وفي نفس السياق أشارت إلى أنها شاركت أيضا في مظاهرات سلمية معربة عن اعتقادها بأن عددا كبيرا من المواطنين سيشاركون مستقبلا في احتجاجات مماثلة للتعبير عن عدم رضاهم عن الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.
تراجع التأييد الشعبي للبشير
ويعزو معظم المراقبين سبب الاحتجاجات التي تلقي بظلالها على العديد من المناطق السودانية إلى تدهور الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، فيما يعد في نظرهم انعدام الحرية تحت النظام الاستبدادي للرئيس عمر البشير مقارنة بذلك، أمرا ثانويا إلى حد ما. ويُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت بحق البشير مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في إقليم دارفور بغرب السودان.
من جانبه أشار بيتر شومان المدير السابق لبعثة الأمم المتحدة في السودان إلى زيادة الضغط الداخلي على البشير ويقول: "أعتقد أن البشير يفقد السلطة والدعم الشعبي لأنه محاصر في وضع ميؤوس منه". وأضاف: "دولة جنوب السودان مستقلة منذ سنة واحدة فيما لم يجد البشير بعد حلا لتبيعات الفجوة التي أحدثها استقلال جنوب السودان في ميزانية الدولة."
أزمة مالية في خزينة الدولة
ولا يلوح في الأفق أي حل للمشاكل المالية التي تعاني منها السودان حاليا، إذ لازالت دولة جنوب السودان الفتية ترفض نقل نفطها المستخرج عبر السودان، نظرا لارتفاع الرسوم التي تفرضها الخرطوم مقابل السماح لدولة جنوب السودان نقل النفط عبر أنابيبها. وإذا لم يتوصل الطرفان قريبا إلى حل لهذا المشكل، فمن المحتمل أن يعجز البشير عن دفع الرواتب لجيشه الضخم.
وعلى الرغم من ذلك فليس هناك في الوقت الراهن أي مؤشر على انقلاب عسكري محتمل كما يأكد فلوريان دينه من مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في الخرطوم. فهو يرى أن فرص نجاح التظاهرات شبه منعدمة، لاسيما أن الاحتجاجات التي تشدها السودان حاليا والتي لا يتعدى عدد المشاركين فيها المئات من المواطنين، لا ترقى بعد إلى مستوى احتجاجات شعبية. ويشير في هذا السياق إلى أن قوات الأمن نجحت في قمع هذه الاحتجاجية بأساليب وحشية.
ويضيف فلوريان دينه أن هذه الاحتجاجات صاحبتها اعتقالات واسعة في صفوف الناشطين والمعارضين وقال: "لذلك لا أتوقع في المدى القريب أجواءً مماثلة لتلك التي شهدها ميدان التحرير في القاهرة".ورغم ذلك، يصر المتظاهرون على مواصلة احتجاجاتهم مستلهمين تجارب الماضي، فقد شهدا عامي 1964 و1985 احتجاجات عارمة بدأت شرارتها في جامعة الخرطوم وأدت إلى الإطاحة بالنظام العسكري الحاكم حينها.
أدريان كريس/ عبد الكريم اعمارا
مراجعة:طارق أنكاي