100 يوم من حكم مرسي في عيون شباب الثورة المصرية
٨ أكتوبر ٢٠١٢حلول لمشكلات الأمن والمرور والعيش والنظافة والوقود، وعد بها محمد مرسي عندما كان لا يزال مرشحاً من بين 12 آخرين لمنصب الرئاسة. وكما تمنى حينها، تم انتخابه رئيساً ليبدأ العد التنازلي لتحقيق ما وعد به خلال حملته الانتخابية. وخلال مائة يوم، قام الرئيس بالعديد من الزيارات الخارجية للصين وإيران والولايات المتحدة وغيرها، لكن المشاكل المذكورة أعلاه لا تزال قائمة.
مشكلة الأمن تحديداً لا تزال تؤرق مضجع العديد من المصريين، بل وقد سرقت سيارة تابعة للحرس الجمهوري من أمام منزل الرئيس مرسي بالشرقية خلال تلك الأيام. هذا الخبر استحوذ على اهتمام الملايين الذين عبروا عن ذلك بالسخرية، معربين في الوقت نفسه عن مخاوفهم بشأن المستقبل، وهم الذين كانوا يعلقون آمالا كبيرة على الرئيس الجديد لكي يعيد الأمن للبلاد والعباد. ويبرر البعض بأن الرئيس قصد في وعده أنه سيضع الخطوط العريضة لحل تلك المشكلات خلال المائة يوم الأولى ولم يقصد حلها تماماً، فيما يرى البعض الآخر أن الرئيس وعد ولم يف، فمع من يتفق شباب الثورة؟
"على الرئيس أن يصارحنا أنه أخطأ في حساباته"
"على أرض الواقع ما حققه الرئيس خلال 100 يوم هو أنه خفّض من أسعار المانجو"، بهذه الكلمات وبلهجة ساخرة بدأ عمرو فريد حديثه لDW عربية. فريد هو أحد شباب الثورة الذين شاركوا في إسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لكنه حتى الآن لا يرى أي تغييرً ملموس في مصر. ويضيف فريد "قد تكون الوعود التي تعهد بها مرسي كبيرة وتتطلب وقتاً أطول من مائة يوم، لكنه هو الذي وعد وكان عليه أن يدرس جيداً قبل أن يتفوه بها". ويؤمن فريد أن حل مشكلة المرور قد يكون مستعصياً على الرئيس نظراً لكونها تحتاج على حسب تعبيره "لثقة شعب"، لكنه في الوقت نفسه لا يجد مبرراً لعدم عودة الأمن إلى شوارع المحروسة. "رجال الأمن لا يزالون يتعاملون بنفس الأسلوب غير اللائق كما كان عليه الأمر في عهد مبارك، بل لا يقومون بعملهم، فماذا بعد سرقة سيارة من الرئاسة؟"
واتفق عبد الرحمن سعيد، وهو الذي أصيب بجراح في المواجهات بين الأمن والثوار في أعقاب الأيام الأولى من الثورة، مع فريد في أن ما تحقق ليس بالملموس. ويقول في هذا الصدد لDW عربية: "أتابع موقع مرسي ميتر وحسب ما أرى فإن الكثير من الوعود لم يتحقق، لكن هذه ليست هي المشكلة". ويقصد بموقع "مرسي ميتر" موقعا الكترونيا خُصص لمراقبة وتقييم أداء الرئيس المصري.
ويفسر سعيد عدم تحقيق الرئيس مرسي لوعوده بما أسماه ب"الكذب ومحاولة الضحك على الناس". ويوضح سعيد قائلاً لDW عربية: "مرة يُقال أن المائة يوم تبدأ مع تشكيل الحكومة، ومرة يقال إنها تبدأ بعد إقالة طنطاوي وعنان". ويضيف سعيد: " لكني كنت سأحترم الرئيس إذا صارح الشعب أنه قد يكون أخطأ في حساباته وأنه اكتشف أن مائة يوم ليست كافية لحل المشكلات". وعن التصريحات، التي صدرت عن مؤسسة الرئاسة حول إلقاء الرئيس خطاباً يشرح فيه ما حدث وما تحقق في المائة يوم، علّق سعيد قائلاً: "أنا في انتظار سماع كلامه وشرحه لما حققه وما لم يحققه بصدق".
"وعود للاستهلاك الانتخابي"
من جهته، عبر خالد محسن لDW عربية عن إحباطه في كل ما يتعلق بالثورة، بحيث قال في حديث لDW عربية: "وصلت لمرحلة فقدت فيها الأمل وأرى أن الثورة لم تغير شيئاً". وبنفس النبرة المحبطة أوضح خالد بأن تلك المشاكل التي وعد مرسي بحلها لم تكن أبداً لتحل في مائة يوم. لكنه يستبعد في الوقت نفسه أن يكون مرسي مخطئاً، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في نظره "في الشعب نفسه وعدم جديته في تغيير من سلوكه". "كي ينفذ مرسي وعوده يجب أن تكون مؤسسات الدولة متعاونة، لكن للأسف تلك المؤسسات مليئة بالفساد ولن تغير من أساليبها، لذا فالعيب فينا"، على حد قول خالد محسن.
"لم يجبر أحد مرسي على قطع تلك الوعود على نفسه، وهو الذي بادر بها، لذا فليتحمل نتيجة كلامه"، بهذه الكلمات رد محمد سماحة في لقاء مع لDW عربية على ما قاله خالد محسن. سماحة، الذي كان يقود بعض المظاهرات في ميدان التحرير قبل ساعات من تنحي مبارك، عبر عن خيبة أمله من عدم تحقيق مرسي لوعوده. ويقول: "إذا نظرنا إلى كل مشكلة، نجد أنه لم يتحقق شيء يذكر".
وأضاف موضحا: "أولاً مشكلة النظافة: وفي تلك كانت الدعوة لمبادرة وطن نظيف على أن ينزل الشعب ليساعد الحكومة في تنظيف الشوارع، لكن ما حدث أن الشعب لم يساعد والحكومة لم تنزل، فهل الحكومة تنتظر الشعب؟". وانتقل سماحة لمشكلة الأمن، فقال: "أما الأمن، فمازالت السرقات والبلطجة تملأ الشوارع، فعودة الأمن ليست برؤية ضابطٍ مار أو برؤية سيارة شرطة في الشارع ". واستطرد: "لقد حدث للكثير من أصدقائي، أنه سرقت سياراتهم وحين ذهبوا إلى الشرطة للإبلاغ يكون الرد 'وإحنا هنعملك ايه عوضك على الله' أو في أحسن الأحوال يسجل محضر يكون مكانه درج المكتب لاحقاً".
أما عن مشكلة التزود بالوقود فقد قال سماحة: "للإنصاف يجب الإقرار بأنه لم تحدث أزمة في وقود السيارات كتلك التي حدثت أيام الجنزوري، لكن مشكلة الأنابيب لازالت قائمة ويحدث اقتتال على المستودعات للحصول على الأنابيب". وعن مشكلة المرور قال سماحة بسخرية: "نعم، أصبحت رحلتي من مدينة نصر إلى المهندسين تستغرق ثلاث ساعات إلا الربع بدلاً من ثلاث ساعات". ويرى أن "المواطن البسيط الفقير لازال خارج حسابات من هم في السلطة". وخلص الشاب المصري بالقول: "تلك الوعود قد يكون قد تسرع فيها أو أصدرها فقط للاستهلاك الانتخابي". وأضاف: "خاصة عندما وجد منافسه يتحدث عن إعادة الأمن في 24 ساعة، فقدم نفسه على أنه مرشح الثورة الذي يستطيع حل كل المشكلات سريعاً لاستقطاب الثوار".