إسرائيل تسمح لغزة بالتصدير الجزئي: بداية النهاية للحصار؟
١٢ ديسمبر ٢٠١١سمحت إسرائيل لقطاع غزة بتصدير المنتجات الزراعية جزئياً إلى أوروبا بعد أن كانت منعت ذلك لأكثر من خمس سنوات منذ عام 2005، وأصبح بإمكان المزارعين في الموسم 2011 تصدير منتجاتهم الزراعية إلى العالم الخارجي، وهو ما جعل هذا الموسم الزراعي يختلف عن المواسم السابقة لدى بعض مزارعي قطاع غزة.
ويشهد موسم القطف، الذي بدأ مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول 2011، وتيرة سريعة في عملية تعبئة وتغليف المحاصيل. وها هو المزارع الغزاوي محمد حمدونه يجمع مع أبنائه وأشقائه بكل جهد مقطوف فاكهة الفراولة (التوت الأرضي) في أرضه الزراعية الواقعة في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع. أرض حمدونه لا تبعد سوى مئات الأمتار عن السياج الحدودي مع إسرائيل، لكنه متفائل جدا ويعمل بسرور. دويتشه فيله رصدت حركة العمل، ولاحظت أن العمل يسري وكأنه خلية نحل منظمة في بلدة بيت لاهيا، المشهورة بزراعة أجود أنواع الفراولة عالميا.
تصدير يبعث على الأمل لكنه غير كافٍ
الكل يعمل بجهد وانتظام، وملامح الارتياح مرتسمة على وجوههم.ويعزو حمدونه ذلك إلى أنه لم يستطع الاقتراب من أرضه في السنوات الخمس الماضية بسبب قربها من الحدود الإسرائيلية، مضيفا أن العديد من المزارعين قُتلوا في تلك المنطقة بسبب القصف الإسرائيلي. لكنه يقول بكل تفاؤل:" إسرائيل سمحت لنا بتصدير الفراولة، وسنعوض خسائرنا في السنوات اللي راحت".وفي هذا الإطار، أكد أحمد الشافعي رئيس جمعية غزة التعاونية للتوت الأرضي أن "تصدير الفراولة هذا العام يتم للمرة الأولى عن طريق شركة فلسطينية-إسرائيلية وفق اتفاقيات وُقعت ليتم التصدير بشكل فوري دون تعرض المحصول الزراعي للتلف".
ويشير المزارع أبو خالد بيومي لدويتشه فيله أن الإنتاج والتصدير يخضعان لمواصفات عالمية من حيث توافق حجم وشكل وسلامة الثمار وخلوها من الأمراض، حيث تشرف جمعية غزة التعاونية الزراعية على عملية فحص الثمار وتجهيزها للتصدير. وينوّه بيومي إلى أن " كميات التصدير المسموح بها جزئية"، واصفا الخطوة بأنها تأتي في إطار التخفيف البطيء لإجراءات الحصار.
وبذات الجهد يحاول المزارع محمد ربيع الاعتناء بمحصول الطماطم، مؤكدا:"أنا أهتم ليل نهار برعاية المحصول زى أولادي، علشان أقدم محصول يوافقوا على تصديره للخارج"، مشيرا أنه استطاع أن يُصدّر نصف طن من الطماطم، ومؤكدا أن مزارعين كثيرين لم يتمكنوا من تصدير محاصيلهم بسبب محدودية السماح بالتصدير ويقول:"خطوة التصدير جيدة تبعث على الأمل، لكنها غير كافية".
مخاوف من توقف التصدير
لم يقتصر الأمر على تصدير ثمرتي الفراولة والطماطم، بل يتم تصدير الزهور إلى الأسواق الأوروبية أيضاً. ويأتي ذلك بعد أن تكبد المزارعون على مدار خمس سنوات خسائر فادحة نتيجة توقف تصدير الزهور، الذي ينشط ما بين شهري مارس/آذار ومايو/أيار من كل سنة. ويشير المزارع عبدو سمعان إلى أن موسم الزهور هذا العام شهد انتعاشا، عوضهم عن خسائر مالية تكبدوها نتيجة توقف التصدير، مضيفا: " السوق المحلي يستوعب القليل من إجمالي المحصول الكبير"، وهو ما دفع المزارعين أحيانا "إلى تقديم الزهور كوجبات طعام إلى الحيوانات".
ويناشد منتجو الزهور في غزة المجتمع الدولي مساندتهم في الاستمرار بتصدير الزهور، معربين عن مخاوفهم من التراجع الإسرائيلي من استمرار عملية التصدير عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، الذي تسيطر عليه إسرائيل. ويقول غسان قاسم رئيس جمعية منتجي الزهور في غزة بهذا الشأن:"إن تصدير الزهور إلى أوروبا رسالة لكل العالم. إننا لا نحب الحرب، ولا الإرهاب ولسنا من أنصاره أبدا. نحب أن نعيش بسلام".
بدَأ التصدير، فارتفعت الأسعار المحلية
ولكن من ناحية أخرى، يصف الفقراء والعاطلون عن العمل في قطاع غزة قرار التصدير للمنتجات الزراعية إلى الخارج بأنه "نقمة عليهم". وفي سوق غزة للخضار استوقف دويتشه فيله مشهد لمواطنه في نهاية العقد الخامس تشترى نصف كيلو فقط من الطماطم. سألتها دويتشه فيله عن سبب شرائها لهذه الكمية القليلة من الطماطم؟ فقالت:"البندورة والخُضرة ارتفع سعرها بعد ما سمحوا بتصديرها". وبالإجابة ذاتها يجيب المستهلك أبو أحمد عن الفراولة، مضيفاً: "تصدير الفراولة نقمه عالفقرا اللي مثلنا". بينما يتساءل (س.م): ماذا سيحدث لو أن إسرائيل سمحت بتصدير كافة أنواع الخضراوات؟ ويجيب بنفسه قائلاً: "الفقراء مش حيلاقوا يطبخوا بعد ما كانت الخضروات رخيصة".
ترقب لتوسيع المنتجات المُصدَّرة
يأمل المزارعون الفلسطينيون العاملون في مجال زراعة المحاصيل، التي لم تدخل قائمة المنتجات المسموح بتصديرها في هذه المرحلة، في أن يتم ضم محاصيلهم في المراحل المقبلة إلى هذه القائمة. وقد أبلغت إسرائيل الجانب الفلسطيني عن نيتها توسيع الأصناف المسموح بتصديرها وعدم حصرها في منتجات المحاصيل الزراعية.
وبهذا الشأن، قال علي الحايك نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية إن وفدا من ممثلي القطاع الخاص في مناطق قطاع غزة بحث مع الجانب الإسرائيلي في معبر "إيريز" شمال القطاع عدة قضايا متعلقة بأنشطة إنتاجية أخرى، بما في ذلك تصدير منتجات مختلفة من قطاع غزة وتزويد المصانع باحتياجاتها من مستلزمات الإنتاج. ويضيف أن"إسرائيل وافقت السماح باستئناف تصدير الأثاث من قطاع غزة لأول مرة منذ فرض الحصار على القطاع".
شوقي الفرا- غزة
مراجعة: علي المخلافي (أ.ح)