إشاعات فيروس الإيدز في دم عرفات محاولة للتغطية على تسممه؟
منذ الإعلان عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والغموض يخيم على أسباب هذه الوفاة المثيرة للجدل، فقد صدر العديد من التقارير الطبية والتصريحات عن كثير من خبراء الصحة والطب، إلا أن هذه التقارير لم توضح سبب الوفاة، خاصة وأن الأوراق الرسمية التي أصدرها مستشفى بيرسي العسكري في باريس، حيث خضع عرفات للعلاج حتى وفاته، لم توضح أسباب الوفاة. من جهة ثانية أعلن العديد من المسؤولين الفلسطينيين وكذلك طبيب عرفات الخاص أشرف الكردي عن عدم استبعاد تعرض الرئيس الراحل للتسمم من قبل إسرائيل. ولم يستبعد الكردي دس السم لعرفات أثناء حصاره في مقره في رام الله. وقد انشغلت وسائل الإعلام العربية والعالمية في الآونة الأخيرة بأسباب وفاة عرفات، مستندة في ذلك الى تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية وجاء فيه أن وفاة الرئيس الفلسطيني ناجمة عن تسمم أو مرض قلة المناعة المكتسبة (الإيدز). لكن الجهات الفلسطينية تنفي أن يكون الرئيس الفلسطيني قد توفي بسبب هذا المرض وتقول إن نشر هذه المعلومات "يهدف إلى خلق البلبلة في الشارع الفلسطيني." وكان أحد الأطباء الفرنسيين أفاد بأن أعراض المرض الذي عانى منه عرفات تشبه أعراض مرض الإيدز. من جانبه رفض رئيس محللي الدم في إسرائيل البروفيسور غيل لوغاسي تجاهل أن يكون الرئيس الفلسطيني قد توفي بسبب هذا المرض، لكنه أضاف أنه لو كانت نتائج فحص الإيدز سلبية، لما كان هناك مشكلة في كتابة ذلك في التقرير الطبي، على حد تعبيره.
قتل عرفات والتصريحات الإسرائيلية
لم يستبعد المسؤولون الفلسطينيون إقدام إسرائيل على دس السم للرئيس الفلسطيني. وهم أيضا على قناعة بذلك، خاصة وأن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين في الفترة التي سبقت وفاته كانت تنادي بقتله أو طرده. ويأتي هذا التأكيد الفلسطيني بعد محاولة إسرائيل قتل القائد البارز في حماس خالد مشعل عن طريق دس سم غامض له، الأمر الذي فسر لديهم قدرة إسرائيل على اختراع أدوية سامة يصعب اكتشافها من قبل الأطباء. وقد عجز الخبراء الطبيون عن معرفة أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني أو تحديد مرضه. وكان أطباء مستشفى بيرسي العسكري قد رفضوا إعطاء أي سبب للوفاة، مع استبعادهم أن يكون الرئيس الفلسطيني قد سُمّم. ويذكر أن عرفات قد أصيب بالعديد من الأمراض في الفترة الأخيرة من حياته، إذ تعرض جهازه الهضمي لخلل في الوظائف، إضافة إلى رجفة عامة ونزيف في الدماغ وخاصة بعد سقوط طائرته في الصحراء الليبية عام 1992. وكان الرئيس الفلسطيني قد تعرض لضغوط نفسية وشعور بالإحباط بعد محاصرته في رام الله وعزله شبه التام عن العالم الخارجي. هذا إضافة إلى معاناة عرفات الجسدية والتدهور النفسي، حسب ما أفاد به بعض المقربين إليه. من جهة أخرى كان الرئيس الفلسطيني قد رفض تلقي العلاج خارج الأراضي الفلسطينية، على الرغم من عدم كفاية الأجهزة الطبية الموجودة في المقاطعة، خوفا من أن لا تسمح له إسرائيل بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية.
ردود الفعل الفلسطينية
تناولت الصحف الفلسطينية اليوم التقارير التي أوردتها كل من صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية و"نيويورك تايمز" الأمريكية حول أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. واعتبرت هذه الصحف التقارير الواردة حول هذا الموضوع ليست أكثر من إثارة جديدة للحدث الغامض ومحاولة لإزالة الشبهات عن إسرائيل بتحمل مسؤولية قتل عرفات. وفي هذا الخصوص قال مراسل صحيفة "الأيام" الفلسطينية غازي بني عودة في مقابلة مع موقعنا إن هذا التقرير ما هو إلا محاولة لترويج الكتاب الإسرائيلي، بهدف بيع أكبر عدد من النسخ."، على حد قوله. وأضاف الصحافي أن هذا التقرير ما يختلف عن كتابة عنوان مثير لمقال ما بهدف لفت الأنظار إليه. وأشار الصحافي الفلسطيني إلى أن الغموض لا زال يكتنف موت الرئيس الراحل، إذ لم تصدر أية جهة رسمية معلومات مؤكدة حول أسباب الوفاة. من جهتها نقلت صحيفة "القدس" عن مسؤولين فلسطينيين قولهم إن مثل هذه التقارير ما هي إلا محاولة لتشويه مسيرة الرئيس عرفات السياسية. وكان وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة قد أفاد بأن هذا الفصل من الكتاب ما هو إلا "محاولات غير نظيفة" لتشويه رمز الشعب الفلسطيني. من جهة ثانية فإن التقرير الطبي الخاص بموت عرفات يضع ثلاث احتمالات، حسب قول الصحافي بني عودة وهي حدوث تلوث عادي في الدم قد يكون سببه طعام فاسد أو التسميم والاحتمال الثالث والضئيل جدا إصابته بالإيدز". وأشار أيضا إلى أن الشارع الفلسطيني لم يكترث كثيرا بالموضوع "لعدم ثقته أولا بالتقارير الإسرائيلية ولقناعته شبه التامة بتسميم الرئيس عرفات من قبل إسرائيل." واعتبر الطبيب ومرشح الرئاسة السابق مصطفى برغوثي أن أعراض وفاة الرئيس الفلسطيني وتدهور صحته الحاد قبل نقله إلى فرنسا شبيهه بأعراض التسمم خصوصا ما يتعلق بالانخفاض الحاد في الصفائح الدموية خلال فترة زمنية قصيرة جدا يؤكد تعرض عرفات إلى تسمم." ولم يتسن لنا الاتصال بصحافيين اسرائيليين للتعرف على وجهة نظرهم من هذه التقارير. وهنا يبقى السؤال مطروحا: "أين تكمن الحقيقة يا ترى، وهل قامت إسرائيل فعلا باغتيال عرفات؟"
تقرير: زاهي علاوي