إيران ـ قانون "العفة" الجديد استمرار لقمع حريات النساء
٥ ديسمبر ٢٠٢٤وافق البرلمان الإيراني على ما أسماه بمشروع "قانون الحجاب والعفة"، والذي يلزم النساء بارتداء الحجاب ويفرض عقوبات صارمة على أولئك الذين لا يفعلون ذلك.
ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، صار مفروضا على النساء في إيران تغطية شعرهن في الأماكن العامة. لكن في الآونة الأخيرة، اختارت العديد من النساء الإيرانيات عدم ارتداء الحجاب، وخاصة منذ الحادثة التي أودت بحياة السيدة الإيرانية مهسا أميني، على يد الشرطة عام 2022.
لقد اعتقلت شرطة الأخلاق الإيرانية الشابة البالغة من العمر 22 عاما، بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة في البلاد. وأثارت وفاة أميني احتجاجات واسعة، قادتها النساء والفتيات في المدارس، مطالبين بالتغيير السياسي. كما ألهمت حركة "المرأة والحياة والحرية"، التي تحدت ورفضت فرض السلطات الإيرانية للحجاب.
وقد صاغ القضاء الإيراني مشروع "قانون الحجاب والعفة" بناء على تعليمات الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، وذلك ردًا على امتناع العديد من النساء في الآونة الأخيرة عن ارتداء الحجاب.
على ماذا ينص قانون "العفة" الجديد؟
حسب ما ورد في تقارير إعلامية إيرانية، فإن القانون الجديد يفرض عقوبات مالية تصل إلى ما يناهز 20 شهرا من متوسط الراتب للنساء اللواتي يرتدين الحجاب بشكل غير لائق أو يخلعنه تمامًا في الأماكن العامة أو على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويوجب القانون النساء بدفع الغرامات في غضون 10 أيام، وإلا ستواجه من تقمن بالمخالفات قيودا على الوصول إلى الخدمات الحكومية، مثل إصدار أو تجديد جوازات السفر ورخص القيادة وتصاريح الخروج.
وقد قالت ماري محمدي، المحللة السياسية الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة، في تصريح لـ DW إن "القانون يهدف إلى إعاقة نضال المرأة الإيرانية عبر جعل ثمن نضالها مكلفا للغاية".
وأضافت المتحدثة موضحة أن "هذا القانون يهدف إلى منع تقدم مطالب المرأة الحقوقية في إيران، وتعزيز مواقف المؤيدين الإيديولوجيين للنظام، واستنزاف نفسية المجتمع من خلال خلق صراعات شاملة في الحياة اليومية، وإضعاف الاحتجاجات التي تقودها النساء في البلد".
ويطالب التشريع من بعض المؤسسات، توفير لقطات كاميرات المراقبة، لأجل مساعدة الشرطة على تحديد الأشخاص المعارضين للحجاب الإلزامي. وسوف يؤدي عدم الامتثال إلى توفير لقطات الفيديو من قبل مسؤولي هذه المؤسسات، إلى فرض غرامات أو فصل المسؤولين فيها.
كما يجرم القانون تصميم أو ترويج أي عناصر مثل الملابس والتماثيل والألعاب، من شأنها أن تشجع على "العري" أو عدم ارتداء الحجاب. وقد تم تكليف وزارة الصناعة والمناجم والتجارة بمراقبة منتجي وموردي الملابس لضمان امتثال الملابس لقوانين الحجاب المفروضة.
الرئيس بزشيكيان ومعضلة الحجاب
تم إقرار القانون الجديد من قبل المشرع الإيراني بعد أربعة أشهر من تولي الرئيس الجديد مسعود بزشكيان لمنصبه. في الوقت الذي انتقد فيه بزيشكيان التطبيق الصارم لقواعد الحجاب خلال حملته الانتخابية. هذا ويُنظر إلى الرئيس الجديد
في البلاد على أنه منحاز إلى الحركة الإصلاحية التي تدعو إلى مزيد من الحريات وتدعم علاقات أفضل مع الغرب.
وكان العديد من أنصار بزيشكيان يأملون في أن تخفف إدارته من القوانين التي تفرض الحجاب الإلزامي. لكن رغم ذلك، يزعم المنتقدون أن فرض الحجاب بصرامة، يظل خارج نطاق تحكم الحكومة.
لكن المحللة الإيرانية، ماري محمدي، ترى أنه "من منظور أوسع، فإن الخلاف حول تنفيذ القانون بين المتشددين في البرلمان الإسلامي، وبزشيكيان الذي يلقبونه بالإصلاحي، ما هو إلا عرض مسرحي للصراعات الداخلية للنظام حول قانون الحجاب الإلزامي".
بعد مرور أكثر من عامين على وفاة مهسا جينا أميني، وعلى الرغم من التهديدات المتزايدة وكاميرات الأمن الإضافية في المدن، مازالت العديد من النساء يظهرن في الأماكن العامة في إيران بدون حجاب.
وقالت محمدي "عمليا، استبعدت النساء الإيرانيات التسوية والتسامح من خياراتهن في تعاملهن مع الموضوع، وحددن طريقين فقط لنضالهن: الحرية أو الموت".
هل يوقع الرئيس بزشيكيان على مشروع القانون؟
لقد أحال البرلمان الإيراني مشروع القانون إلى بزشيكيان للتوقيع عليه، وهو أمر أساسي قبل أن يدخل القانون حيز التنفيذ. وبموجب دستور البلاد، يتمتع الرئيس بسلطة تأخير إنفاذه. وقد حث الناشطون والمدافعون عن حقوق المرأة بزشيكيان على ممارسة سلطته والامتناع عن سن القانون والعمل به.
لا تزال القيود والضغوط المفروضة على النساء في إيران مستمرة، بل إن سن هذا القانون بالذات يزيد من مخاوف بعض المسؤولين داخل الجمهورية الإسلامية.
ويُتوقع أن تمتد معارضة التشريع القانوني الجديد إلى ما هو أبعد من وسائل التواصل الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى إشعال موجة جديدة من الاحتجاجات في الشوارع في جميع أنحاء البلاد.
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة