الحرمان من الجنسية خرق لحقوق الإنسان والقانون الدولي
٩ يوليو ٢٠١٠تعتبر الجنسية الرابط القانوني بين الفرد والدولة، وعلى أساسها تترتب علاقة قانونية بين الطرفين تقوم الدولة بموجبها بحماية الفرد وتأمين حقوقه الإنسانية الأساسية، وفي المقابل يخضع الفرد لسلطة الدولة ويلتزم بقوانينها. ونظراً لأهمية التمتع بالجنسية، اعتبرتها الأمم المتحدة من الحقوق الأساسية للإنسان ونصت على ذلك في المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها أن من حق كل إنسان التمتع بجنسية ما، وأنه لا يجوز حرمان أحد من جنسيته تعسفياً ولا من حقه في تغييرها. ويقول الدكتور منذر الفضل، الخبير في قوانين الشرق الأوسط والاستشارات القانونية الدولية و المقيم في السويد، في حوار مع دويتشه فيله إن الجنسية مسألة قانونية حيوية تترتب عليها نتائج كثيرة فيما يتعلق "بالاسم والتملك والتنقل وتطبيق القانون، ولأي قانون يخضع الإنسان وغير ذلك من الأمور".
الحرمان من الجنسية لأسباب سياسية
لكن رغم أهمية الجنسية وتأثيرها على حياة الانسان، تحرم دول بعض مواطنيها من الجنسية، وذلك لأسباب تختلف من دولة لأخرى كما يقول نديم حوري، مدير مكتب بيروت لمنظمة هيومان رايتس ووتش، في حديثه مع دويتشه فيله. ولكنه يرى أن أبرز الدوافع للحرمان من الجنسية هي سياسية كما في حال الأكراد في سوريا التي بها نحو 300 ألف محرومين من الجنسية السورية منذ عام 1962، حيث كان الدافع حرمان "أقلية من الجنسية السورية" ويتابع أن في بلدان أخرى تختلف الأسباب السياسية كما في الكويت ووضع "البدون" إذ ُينظر إلى هؤلاء الذين يقدر عددهم بنحو 120 ألف على أنهم "ليسوا جزءاً من المجتمع". كما تستند بعض الدول إلى حجج قانونية لحرمان بعض مواطنيها من جنسيتها التي ينظمها قانون داخلي يحدد معايير وشروط اكتساب الجنسية التي تختلف من دولة لأخرى. ولكن د. منذر الفضل يرى أن ذلك لا يبرر الحرمان من الجنسية لأن القانون الدولي والاتفاقيات الدولية وحدت أسس اكتساب الجنسية "بحيث يتقدم الحق الإنساني على المعايير الأخرى التي أخذت بها قوانين الجنسية لهذه الدول وإن معايير احترام حقوق الإنسان هي الأهم"، حيث تتدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ولم تعد الدول حرة ذات سيادة مطلقة في إصدار القوانين كيفما تشاء حسب هواها وأمزجتها، حيث هناك ضمانات ومعايير دولية يجب احترامها حسب رأي د. الفضل. ولا تقتصر مشكلة عديمي الجنسية في العالم العربي على سوريا والكويت وإنما هناك فلسطينيون أيضاً في الأردن لا يحملون أي جنسية.
معاناة المحرومين من الجنسية لا تنتهي
أما عن معاناة المحرومين من الجنسية فيقول نديم حوري أنها كبيرة جداً سواء ما يتعلق منها بالأحوال الشخصية والأسرة مثل تثبيت الزواج أو تسجيل الأولاد، أو التحصيل العلمي أو العمل أو حق الإرث. بل حتى أن عديمي الجنسية " لا يستطيعون السفر والخروج من بلادهم" ويضيف حوري بأن هؤلاء "يتم توقيفهم واعتقالهم لأنهم لا يستطيعون التعريف بهويتهم" وإثبات شخصيتهم.
ويتفق الخبير القانوني الدكتور منذر الفضل ومدير مكتب هيومان رايتس ووتش في بيروت نديم حوري في حوارهما مع دويتشه فيله، على أن الحرمان من الجنسية هو خرق لقواعد القانون الدولي وانتهاك لحقوق الإنسان الأساسية، ويضيف حوري بأن "الدولة عندما تحرم إنساناً من جنسيته تحرمه من كافة حقوقه". وحول كيفية مساعدة عديمي الجنسية وما يمكن أن تقوم به هيومان رايتس ووتش وغيرها من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، يقول حوري بأن ذلك يتم عبر "توثيق حالات الحرمان وإصدار تقارير دورية، ويضيف بأن هيومان رايتس ووتش كانت من أوائل من وثقوا "حالة الأكراد المجردين من الجنسية في سوريا في تسعينات القرن الماضي، ونعمل عبر الضغط على الحكومات على تغيير هذا الوضع" ويعترف حوري بصعوبة التغيير، إذ أن الدول ليس لديها الرغبة في تغيير سياساتها. ويرى أن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي دور كبير في "الضغط على هذه الحكومات لتتحمل مسؤوليتها تجاه هؤلاء الأشخاص الذين ولدوا وعاشوا على أرض هذه الدول ولكنها لم ترض أن تعطيهم الجنسية".
وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد المحرومين من الجنسية في العالم بـ 15 مليون شخص موزعين على دول عديدة في أوربا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا والكاريبي والولايات المتحدة.
الكاتب: عارف جابو
مراجعة: هبة الله إسماعيل