الشرق الأوسط في أمسِ الحاجة إلى أبعد من مجرد هدنة 48 ساعة
٢٠ نوفمبر ٢٠١٢24 ساعة وأقصاها 48 ساعة هو الوقت الذي من المفترض أن تتفاوض فيه الدول القوية لإقرار وقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل. هذا ما يعتقده يوسي ميكلبيرغ من معهد "شاثام هاوس"، الذي يقول:"وإلا سيتطور النزاع إلى حرب حقيقية". إذا أرسلت إسرائيل قوات برية لغزة فهذا يعني حسب ميكلبيرغ "سقوط الكثير من الضحايا مجددا". ميكلبيرغ قلق من الوضع، لأن إسرائيل حشدت الآلاف من جنودها الاحتياطيين على الحدود مع غزة.
في الوقت نفسه ما يزال القتال مستمرا في غزة. "هل تسمعين؟ إنه صاروخ يحلق فوق بيتي؟" يقول عمر شعبان، الذي يشغل منصب مدير مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الإستراتيجية. لم يغادر شعبان بيته في قطاع غزة منذ أيام. غير بعيد عن بيته بحوالي عشرين مترا "قُتل ثلاث أشخاص على أيدي إسرائيليين"، كما يحكي شعبان لـ DW. كان لعمر شعبان تخوف كبير من عدم التوصل إلى اتفاق من الجانبين، غير أن جلوس كل الأطراف على طاولة الحوار يُظهر أنه سيتم الدفع بإسرائيل وحماس باتجاه عدم التصعيد.
مسؤولية التهدئة تقع على عاتق مصر
منذ نهاية الأسبوع يجلس في القاهرة ممثلون عن الطرفين على طاولة المفاوضات، وذلك رفقة ممثلين لمصر ولقطر وتركيا. يلخص ميكلبيرغ مطالب الطرفين على الشكل التالي:" إسرائيل تصر على ضمانات، إنهم لا يريدون أن تُطلق صواريخ أخرى من قطاع غزة باتجاه إسرائيل. حماس بحاجة أيضا إلى ضمانات، أي أن تخفف إسرائيل من حصارها على غزة وأن تفتح الحدود بين غزة وبقية العالم".
تقع المسؤولية الأكبر في المفاوضات على الجانب المصري بدعم قطري، لأن:"مصر لها إمكانية فرض الإرادة السياسية، ولقطر وسيلة الضغط الاقتصادية". كما يقول ميكلبيرغ، الذي يقوم أيضا بالتدريس في كلية ريغينت في لندن. إذا نجحت المفاوضات فإن هذا سيقوي مصر، التي توسطت من قبل في إقرار هدنة بين إسرائيل وحماس. يعتقد ميكلبيرغ أن هذا الأمر" سيكون انطلاقة للرئيس محمد مرسي كوسيط للسلام في المنطقة". في نهاية المطاف ليس هناك بديل لمصر وقطر وتركيا سوى لعب الأدوار الرئيسة. يقول يزيد صايغ من مركز كارينغي للشرق الأوسط في بيروت:" الولايات المتحدة الأمريكية أخذت مسافة، لأنها عاجلا أم آجلا ينبغي عليها الضغط على إسرائيل".
الأمم المتحدة ودورها الثانوي
التقى الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون بالرئيس مرسي في القاهرة وسيلتقي غدا بممثلين عن الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية. يعتقد الصايغ أن دور الأمم المتحدة سيبقى متواضعا، طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتدخل في القضية بشكل قوي. كان من الممكن أن يكون للأمم المتحدة تأثير، يعادل تأثير أعضائها، وخاصة أعضاء مجلس الأمن. لكن الصايغ يقول:" أغلب الدول لا تتدخل بالشكل الكافي، كما أن أيديهم مكتوفة بسبب الوضع في سوريا". كما يعتقد الصايغ أن الأمم المتحدة ستدعم المخطط المصري.
حتى عمر شعبان يعتقد أن الأمم المتحدة ستلعب دورا ثانويا فقط. ويقول:" ليس للأمم المتحدة تأثير كبير على حماس. لقد سبق لبان كي مون التواجد في غزة مرتين، كما أنه يثق أكثر في مصر وفي قطر".
ليس لأحد مصلحة في الحرب
الأمر متروك للقوى الإقليمية وخاصة لمصر لوضع حد لتصاعد العنف. لا مصلحة لأحد في اندلاع حرب في المنطقة. لا الناس في غزة يريدون ذلك ولا المصريين."الذين يتصارعون مع مشاكلهم السياسية الداخلية" كما يقول ميكلبيرغ. يقول سفير اسرائيل السابق في ألمانيا آفي بريمور في نفس السياق:" لأننا نعرف أن ذلك سيكون كارثة بالنسبة للجميع". حرب في غزة لن تحقق لإسرائيل إلا سلاما مؤقتا.
وقف إطلاق النار ليس حلا دائما، كما يعتقد عمر شعبان الذي يقول:" لا أعتقد أن وقف إطلاق النار سيستمر لمدة طويلة، طالما لم يتم التوصل إلى حل سياسي للنزاع في الشرق الأوسط." كما يعتقد شعبان أن على أمريكا وأوروبا بقيادة المانيا وبريطانيا الدفع بالجانبين للجلوس على طاولة المفاوضات لإجراء محادثات السلام.
وقف إطلاق النار ليس حلا
كما يخشى شعبان من الجماعات السلفية التي تزايد عددها في السنوات الأخيرة في غزة، والتي من الممكن أن تفسد اتفاق الهدنة". لحد الآن نجحت حماس في جعل هذه الجماعات تحت السيطرة. غير أن الصايغ من مركز كارينغي للشرق الأوسط يعتقد أن حماس ستحتاج إلى اتفاق مع إسرائيل لتحد من قوة هذه الجماعات الراديكالية، وسيلتزم الطرفان باستهداف المواقع العسكرية فقط. ويمكن لحماس أن تقول ساعتها:" لقد أجبرنا إسرائيل على احترام الاتفاق، الآن عليكم انتم أيضا احترام الاتفاق".
حتى ميكلبيرغ مقتنع أن وقف إطلاق النار ما هو إلا حل مؤقت لكن لا يمكن له تحقيق السلام الدائم، ويقول:"ربما يدرك الطرفان أن الحياة ينبغي أن تكون آمنة في غزة وفي جنوب إسرائيل". إنها الخطوة الأولى في عملية سياسية، الشرق الأوسط في أمس الحاجة إليها، وليس فقط لمدة 48 ساعة.