القنابل الموجهة- تكتيك روسي جديد في الحرب على أوكرانيا؟

قال سلاح الجو الأوكراني إن روسيا تشن غارات بما تُعرف بـ "القنابل الموجهة" بشكل متزايد ما يمثل تطورا خطيرا في الحرب التي بدأتها روسيا في أواخر فبراير/  شباط العام الماضي. يشار هنا إلى أن القوات الجوية الروسية لم تستخدم هذا السلاح في الماضي إلا بشكل متقطع، بيد أن الأسابيع الأخيرة شهدت رصد قرابة 20 هجوما بالقنابل الموجهة بشكل يومي على طول خط المواجهة.

وقالت السلطات الأوكرانية إن مدينة خيرسون في جنوب البلاد من أكثر المناطق المتضررة من القنابل الموجهة  بالإضافة إلى المناطق الأوكرانية المتاخمة لروسيا وبيلاروسيا، فيما قال الكولونيل يوري إهنات، المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، في مقابلة مع DW إن "الروس يسقطون المزيد والمزيد من هذه القنابل لأن مخزونهم من الصواريخ يتراجع ولم يتبق منها سوى القليل، لذا تحولوا إلى استخدام قنابل جوية رخيصة الثمن". 

وفي تقييمه لاستخدام القنابل الموجهة، قال معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة في أبريل / نيسان الجاري إن القوات الروسية ربما تهدف من خلال زيادة الاعتماد على هذا السلاح إلى "تغيير تكتيكات الطيران للتخفيف من مخاطر تكبدها خسائر جوية على أساس أنها تعمل بفضل ذلك خارج نطاق معظم أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الجوي الأوكرانية".

ما هي القنابل الموجهة؟

على النقيض من القنابل التقليدية، تحتوي القنابل الموجهة على أجنحة صغيرة ما يسمح بتوجيهها على غرار القنابل الشراعية وإصابة الأهداف بشكل دقيق من مسافات كبيرة. ويعتقد الخبراء العسكريون الأوكرانيون أن روسيا تمتلك ايضا حاليا نوعين من القنابل الموجهة. وفي مقابلات مع DW قالوا إن سلاح الجو الروسي يمتلك منذ سنوات قليلة قنابل موجهة حديثة من طراز UPAB-1500B  يتم توجيهها عن طريق  الأقمار الصناعية، لكن بسبب ارتفاع تكاليفها، يتم استخدام هذا النوع من القنابل على نطاق محدود.

وقال أوليه كاتكوف، رئيس تحرير مجلة "ديفنس أكسبرس" الأوكرانية، إن الجيش الروسي يستخدم بشكل كبير في القتال بأوكرانيا قنابل غير موجهة تزن ما بين 1000 أو 1500 كيلوغرام تعود إلى الحقبة السوفيتية، مضيفا أنه جرى تجهيز القنابل شديدة الانفجار من طراز "فاب" بأجنحة ونظم تحكم عبر الأقمار الصناعية فيما يعد الأمر غير مكلف ولا يستغرق وقتا طويلا. من جانبه، قال أولكسندر كوفالينكو، الخبير العسكري في "المركز الأوكراني للبحوث العسكرية والسياسية"، إنه يمكن "إنتاج مثل هذه النماذج بشكل سريع"، مضيفا أن هذه القنابل الموجهة أقل شأنا بكثير من الأنظمة الحديثة، لكن مازال بإمكان روسيا استخدامها لمهاجمة المواقع الأوكرانية لفترات طويلة.

استخدام القنابل الموجهة؟

وقال الكولونيل يوري إهنات، المتحدث باسم  القوات الجوية الأوكرانية، إن روسيا أوقفت التحليق فوق الأراضي الخاضعة  للسيطرة الأوكرانية بعد شهر من بدء غزوها، لكن الاستعانة بالقنابل الموجهة يسمح للروس بقصف المناطق الأوكرانية انطلاقا من المجال الجوي الروسي أو من فوق الأجواء الأراضي الأوكرانية التي تحتلها.

وأضاف "يمكن للطائرات الروسية إسقاط هذه القنابل الموجهة على عمق 50 إلى 70 كيلومترا داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، فيما يعتمد الأمر على ارتفاع الطائرة وسرعتها. ولا يقدم الروس على تحليق طائراتهم قرب الحدود لمعرفتهم أنه يمكن إسقاطها. كلما حلقت الطائرة على ارتفاع كبير، كلما تمكنت محطات الرادار التي نملكها من رصدها بشكل أفضل".

يشار إلى أن أوكرانيا تعتمد على منظومات مضادة للطائرات تعود إلى الحقبة السوفيتية التي لا يمكنها بشكل جيد اعتراض القنابل الجوية. وفي ذلك، قال إهنات إن  "الصاروخ المضاد للطائرات لا يصيب الهدف بنفسه، لكنه ينفجر بجانبه ويخترقه بشظاياه. ولا يصلح الصاروخ المضاد للطائرات في اعتراض القنابل"، مضيفا أنه من أجل تدمير القنابل الموجهة، فإن أوكرانيا في حاجة إلى أنظمة دفاع جوي حديثة مثل صواريخ باتريوت التي وصلت مؤخرا من الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا.

لكن خبراء يشيرون إلى أن لا توجد  أنظمة دفاع جوي  كافية للدفاع عن خط المواجهة مع روسيا بالكامل أو الحدود الأوكرانية مع روسيا وبيلاروسيا، محذرين من نشر هذه المنظومات قرب خط المواجهة. وفي ذلك، قال الصحافي أوليه كوفالينكو إن القوات الروسية في هذه الحالة ستحاول تدمير أنظمة باتريوت لأسباب دعائية فقط حتى ولو لزم الأمر التضحية بالطائرات المقاتلة لإلحاق خسائر كبيرة في صفوف الجانب الأوكراني.

أوكرانيا في حاجة إلى مقاتلات غربية

وأشار إلى أن أفضل طريقة لحماية أوكرانيا من القنابل الموجهة تتمثل في حصولها على طائرات مقاتلة، مضيفا " أنه من الصعب جدا إصابة هذه القنابل، لكن من السهل إصابة الطائرات التي تحملها".

الجدير بالذكر أن أوكرانيا لا تمتلك صواريخ جو - جو ذات مدى كافٍ لضرب الطائرات التي تحلق فوق المناطق الخاضعة لسيطرة الروس فيما قال الصحافي كوفالينكو إن منظومات الصواريخ جو-  جو التي سلمتها سلوفاكيا مؤخرا إلى أوكرانيا لا تتوافق مع الطائرات السوفيتية التي بحوزة سلاح الجو الأوكراني.

وفي إطار ذلك، تدعو أوكرانيا الدول الغربية إلى تسليحها   بطائرات مقاتلة غربية  في طلب ترفضه الدول الداعمة لكييف، لا سيما الولايات المتحدة وعلى لسان رئيسها جو بايدن.

ليليا رويتشكا/ م.ع