المبادرة الخليجية ـ غياب الثقة في صالح وتشكيك في الضمانات
٢٧ أبريل ٢٠١١تستمر الاحتجاجات الشعبية في اليمن المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، كما تستمر لعبة الشد والجذب بين أطراف المشهد اليمني المتأزم منذ نحو ثلاثة أشهر. وفي خضم ذلك تستمر مبادرة مجلس التعاون الخليجي، التي نجحت لحد الآن في تقريب وجهات النظر بين السلطة وأحزاب اللقاء المشترك (المعارضة). وسيعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعا استثنائيا يوم الأحد المقبل لاستكمال الإجراءات الخاصة بإقرار المبادرة الخليجية التي ستوقع على الأرجح الاثنين القادم إما في صنعاء أو في الرياض.
وتنص المبادرة على تعيين الرئيس علي عبد الله صالح رئيس للوزراء تختاره المعارضة لتشكيل حكومة وحدة ثم يقدم صالح استقالته خلال 30 يوما ويسلم السلطة لنائبه. وقالت الأمانة العامة لمجلس التعاون في بيان لها الليلة الماضية إن "المبادرة الخليجية الأخيرة وافق عليها كل من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفاؤه والمعارضة اليمنية ممثلة في أحزاب اللقاء المشترك وشركائه".
وقد أكد محمد قحطان، أحد شخصيات المعارضة المنتمية إلى اللقاء المشترك، في حوار لدويتشه فيله، أن "المعارضة قبلت بالمبادرة الخليجية جملة وتفصيلا"، فيما يبقى الشارع اليمني ممثلا في شباب الثورة، رافضا لأي مبادرات قبل تحقيق مطلبه الأساسي المتمثل في رحيل على عبد الله صالح، كما أكد لدويتشه فيله، عبد الجليل محمد أحمد سعيد الحقب، وهو من قيادات ثورة الشباب في ميدان التغيير. فهل يعني قبول أحزاب اللقاء المشترك والسلطة للمبادرة الخليجية يعني نهاية الأزمة في اليمن؟
المبادرة ... ومزاج الشارع
لا يختلف اثنان في أن المشهد اليمني أصبح أكثر تعقيدا، بالرغم من بصيص الأمل – المبادرة الخليجية- الذي ظهر في النفق المظلم الذي دخله اليمن السعيد منذ نحو ثلاثة أشهر. هذا الأمل الذي يزيد وهجه كلما أبدى الرئيس اليمني استعداده للرحيل، لكنه يقل مع تلك التصريحات التي يطلقها صالح بين الفينة والأخرى، حينما يصر على عدم الرحيل إلا عبر صناديق الاقتراع، ما يعني انه متمسك بالبقاء في السلطة حتى منتصف 2013.
ومن منطلق أن الثورة تملي شروطها، يرى شباب التغيير المرابطون في ميادينهم أن إصرار صالح على البقاء في كرسيه لمدة ثلاثين يوما يتنافى مع مطالبهم التي سقط لأجلها العشرات من شباب اليمن التواق للحرية والتغيير، كما يقول عبد الجليل الحقب، وهو من قيادات ثورة الشباب في ميدان التغيير. ولا يخفي الحقب توجسه من هذه المبادرة قائلا إنها "تهدف إلى إضعاف المطالب الشعبية" مضيفا أن "المبادرة الخليجية أخذت في اعتبارها بالدرجة الأولى الأمن الإقليمي فوق خيارات الشعب اليمني".
وفيما يقر الحقب، القيادي في ثورة الشباب، بان المبادرة تلبي جزءا من مطالب الشارع اليمني، وهي جزء من عملية التغيير، إلا أنه يشدد على عزم الشباب البقاء في الشارع لحين رحيل صالح. وفي تعليقه على ذلك قال محمد قحطان، أحد شخصيات المعارضة المنتمية إلى اللقاء المشترك، "حقيقة أن شباب الثورة غاضبون من أحزاب اللقاء المشترك لدخولهم في هذا الحوار مع السلطة، لكن مزاج الشارع سيتغير بعد 30 يوما من التوقيع على المبادرة"، في إشارة إلى المدة التي طرحها الخليجيون لتسليم السلطة في اليمن ورحيل علي عبد الله صالح.
الضمانات وعامل الزمن
ويرى المراقبون أن هذه التجاذبات، التي قد تعمق من الأزمة في هذا البلد الفقير، تتطلب حضور حكمة يمانية، خاصة في ظل وجود أطراف ضامنة، سواء دول مجلس التعاون الخليجي، الساهرة على هذه المبادرة، أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي. فالمسألة باتت اليوم متعلقة بمدة زمنية محددة كما يقول محمد قحطان، ويؤكد أن "ضمانات الأصدقاء هي أكبر شاهد على سير تطبيق هذه المبادرة، فهم شهود على ذلك".
لكن الشباب في ساحات التغيير وميادين الحرية في أرجاء اليمن يشككون في جدوى هذه الضمانات، انطلاقا من تجارب سابقة، ويقول عبد الجليل الحقب "إن هذه الضمانات غير كافية، فماذا فعلت الضمانات الدولية التي قدمت في حرب صعدة، وفي الصراع الطويل مع الجنوبيين، فأفكار صالح تتقلب بين عشية وضحاها، وبقاؤه في السلطة لمدة شهر سيمكنه من حذف أشياء كثير من هذه المبادرة". إلا أن محمد قحطان، القيادي في اللقاء المشترك، يؤكد أن "عدم التزام صالح ببنود المبادرة سيؤدي إلى اشتداد وتيرة الثورة الشعبية، ما يعني أن صالح سيلقى به في السجن ومحاسبته".
وتنص المبادرة على إقرار مجلس النواب بما فيهم نواب المعارضة، في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق، القوانين التي تمنح الرئيس ومن عمل معه خلال فترة حكمه الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية. وهو الأمر الذي يرفضه الشارع اليمني جملة وتفصيلا، إذ تجددت المظاهرات في عدد من المدن اليمنية ضد الخطة الخليجية معتبرين أنها تمنح صالح مهلة شهر للاستقالة وتمنحه حصانة من المحاكمة.
يوسف بوفيجلين
مراجعة: أحمد حسو