بوتين والأقزام السبعة في الانتخابات الرئاسية الروسية
١٥ مارس ٢٠١٨عندما انتخب فلاديمير بوتين للمرة الأولى رئيسا لروسيا عام 2000، كان أمامه في الانتخابات الرئاسية 11 مرشحاً. بعد ذلك تقلص هذا الرقم بشكل كبير. والآن يبدو أن هذ الأمر سيتكرر في الانتخابات القادمة أيضاً، حيث تضمنت ورقة الاقتراع، الخاصة بالانتخابات الرئاسية التي ستقام يوم 18 آذار/ مارس 2018، ثمانية مرشحين، ما يعادل ضعف العدد في الانتخابات الرئاسية لعام 2008.
الكرملين قلق بشأن نسبة المشاركة في الانتخابات
التفسير الشائع لعدد المرشحين الكبير هذا هو أن الكرملين قلق بشأن نسبة المشاركة في الانتخابات. وبحسب استطلاعات معاهد بحوث الرأي العام، فإن بوتين هو الفائز المتوقع في الانتخابات. وبالتالي فإن حوالي 70 في المئة من الروس يريدون انتخاب ضابط المخابرات السوفياتية السابق والبالغ من العمر 65 عاماً للمرة الرابعة رئيساً لروسيا. وتظهر مثل هذه النسبة العالية ضعف منافسي بوتين.
مع ذلك يبدو أن الروس ليس لديهم اهتمام كبير بالانتخابات، التي تكون نتائجها متوقعة. إذ انخفضت المشاركة بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية لعام 2016، وسجلت نسبة المشاركة في موسكو حوالي 35 في المئة.
الآن وحسب اعتقاد عدد من المراقبين يحاول الكرملين من خلال وجوه جديدة جعل الانتخابات أكثر إثارة، ودون المساس بالنتيجة المتوقعة وهي فوز بوتين في الانتخابات، وذلك لأنه لم يتم قبول ترشيح خصمه الأقوى أمامه في الانتخابات، وهو السياسي المعارض أليكسي نافالني، بسبب حكم قطعي. ويرى نافالني ذلك كمحاولة للقضاء عليه كمنافس، كما دعا إلى مقاطعة الانتخابات.
كما غاب عن المشهد الانتخابي الزعيم الشيوعي القديم غينادي زيوغانوف، الذي كان يحل تقريباً دائماً في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية السابقة. وتتضمن لائحة المرشحين سياسيين مخضرمين، بالإضافة إلى وجوه جديدة.
بافيل غرودينين: الوجه الجديد
بافيل غرودينين، السياسي، البالغ من العمر57 عاماً يترأس المؤسسة الزراعية الحكومية وهو من موسكو، تم ترشيح غرودينين بشكل مفاجئ لخوض الانتخابات الرئاسية من قبل الحزب الشيوعي (KPRF)، بالرغم من أنه ليس عضواً فيه. ومن المرجح أن يحقق غرودينين ثاني أفضل نتيجة بعد بوتين، بحوالي ستة في المائة من الأصوات وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها الحكومة. بالمقابل يتنبأ مراقبون آخرون بأن أداء غرودينين سيكون أفضل بكثير، حيث يبدو أن وجهه الجديد ووجهات نظره المعتدلة تلقى الاستحسان لدى الكثير من الروس. وعلى ما يبدو يخشى الكرملين أيضاً من أن يتمكن غرودينين من إخماد انتصار بوتين المتوقع، من هنا وعلى ما يبدو هاجمت في الآونة الأخيرة وسائل إعلام حكومية غرودينين بشكل حاد، ليس بسبب تمجيده لستالين، بل بسبب حسابات مصرفية أجنبية.
فلاديمير شيرينوفسكي: المرشح المحرَض
باعتباره منافسًا رئيسيًا لغرودينين على المركز الثاني، يعد فلاديمير شيرينوفسكي، المسؤول الأكبر سناً بين المرشحين الحاليين للرئاسة. ويذكر أن زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي (LDPR)، والذى يبلغ من العمر 71 عاماً، ترشح في عام 1991 لخوض الانتخابات الرئاسية. وينتمي شيرينوفسكي إلى المعارضة رسمياً، ولكن في نفس الوقت احتفظ بعلاقة مع الكرملين. وتعد خطاباته التحريضية، التي يهدد من خلالها الغرب بالهجوم النووي، جزءا لا يتجزأ من البرامج الحوارية الروسية. خطابات شيرينوفسكي التحريضية هذه جعلت منافسه بوتين يبدو أكثر اعتدالاً وعقلانية. ولهذا هو لا يبدو خصماً ومنافسًا حقيقيًا للرئيس الحالي.
بوريس تيتوف: حماية رجال الأعمال
بوريس تيتوف، البالغ من العمر 57 عاماً، يعتبر أصغر المرشحين سناً للرئاسة. حصل تيتوف في الانتخابات الرئاسية لعام 2000، على نسبة 1.5 في المئة من الأصوات. وهذه المرة يمكن أن يحصل تيتوف على نتيجة مماثلة. يمثل تيتوف حزب الشباب الليبرالي اليميني، "حزب النمو"، والذي لا يلعب دوراً ملحوظاً في السياسة الروسية، ولم يحقق حتى الآن أي نجاحات كبيرة في الانتخابات. تيتوف حقق اسما له كرجل أعمال ناجح. ويهتم منذ عام 2012 بحقوق رجال الأعمال الروس بتفويض من الرئيس. ويحاول السياسي مخاطبة الطبقات الليبيرالية الاقتصادية في الانتخابات الرئاسية.
غريغوري يافلينسكي: الليبرالي القديم
يحاول غريغوري يافلينسكي منذ فترة طويلة تقريباً مثل منافسه شيرينوفسكي أن يصبح رئيساً لروسيا. غريغوري يافلينسكي، يبلغ من العمر 65 عاماً وهو في نفس عمر بوتين. دخل يافلينسكي المجال السياسي منذ بداية تسعينات القرن الماضي. وهو مؤسس الحزب الديموقراطي الروسي المتحد، والذي يعرف اختصاراً باسم "يابلوكو"، وظهر في الانتخابات الرئاسية في عام 2000 وحصل بنسبة سبعة في المئة على المركز الثالث. يتمتع يافلينسكي بصورة السياسي صاحب الآراء الليبرالية المؤيدة للغرب، غير أنه لا يمكنه الوصول إلى شريحة واسعة من المواطنين. ويبدو أن نسبة ناخبيه من الروس قد تتقلص.
سيرغي بابورين: المرشح القومي
بعد غياب طويل، يظهر سيرغي بابورين في الانتخابات الرئاسية القادمة مجدداً. كان هذا الرجل البالغ من العمر 59 عاماً سياسياً محافظاً معروفاً، خاصة عندما تولى منصب نائب رئيس البرلمان في تسعينات القرن الماضي، ولكنه توارى عن الأنظار فيما بعد. ويتزعم بابورين الحزب السياسي الوطني المحافظ "الاتحاد الوطني الروسي"، الذي يدعم بوتين في السياسة الداخلية والخارجية.
كسينيا سوبتشاك: "امرأة ضد الجميع"
لا تعد كسينيا سوبتشاك البالغة من العمر 36 عاماً المرأة الوحيدة المرشحة في هذه الانتخابات وحسب، فهي أيضا مرشحة استثنائية. إنها ابنة العمدة السابق لسانت بطرسبورغ، أناتولي سوبتشاك، الذي يعتبر الأب السياسي الروحي لبوتين. في البداية، صنعت سوبتشاك اسمًا لها في مجال الإعلام. ومع مرور الوقت، أصبحت صحافية ذات آراء معارضة، ولكنها لم تتخذ السياسة مهنة لها. و جاءت حملتها الانتخابية تحت عنوان "مرشحة ضد الجميع" والتي تريد من خلالها الوصول إلى الناخبين المحتجين. تمثل سوبتشاك أجندة ليبرالية وتنتقد بحذر رئيس الكرملين. ومنذ الإعلان عن ترشحها، بدا وكأنها تتمتع بإمكانية الوصول غير المحدود إلى وسائل الإعلام. الأمر الذي فسره الكثيرون كمؤشر على أنها مرشحة برعاية الكرملين. لذا يجب على سوبتشاك مخاطبة أتباع أليكسي نافالني، الشباب غير الراضين. غير أن التوقعات تذهب إلى أنها ستحصل على عدد قليل من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
مكسيم سورايكين: الشيوعي البديل
مكسيم سورايكين، هو أحد الوجوه الجديدة في الانتخابات الرئاسية الروسية. ويرأس المرشح البالغ من العمر 39 عاماً، الحزب الذي تأسس في عام 2009 وهو حزب "شيوعيو روسيا"، والذي يعتبر نفسه بديلاً للحزب الشيوعي الروسي القائم. يتهم الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية ( KPRF)، "شيوعيو روسيا" بأنه مشروع للكرملين لإضعاف الشيوعيين القدامى. وسواء كان المرشحون للانتخابات من القدامى أو الجدد، أو من مؤيدي بوتين أو معارضيه، فإن كل منافسي رئيس الكرملين لديهم شيء واحد مشترك، وهو ضآلة فرصتهم أمام بوتين. وبالرغم من ارتفاع عدد المرشحين في هذه الانتخابات الرئاسية، إلا أنها لا تختلف عن الانتخابات السابقة التي فاز بها الرئيس بوتين.
رومان غونشارينكو/ إ. م