تطبيق دمشق للبروتوكول العربي آخر" فرصة لتجنب حرب أهلية في سوريا"
٢٠ ديسمبر ٢٠١١بعد تصعيد الضغط على النظام السوري من قبل الجامعة العربية التي هددت بإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن، وبعد قيام روسيا، الحليف التقليدي للنظام في دمشق، بعرقلة كل محاولات تبني أي نص ضد سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات قبل تسعة أشهر، لكن أيضاً، في خطوة مفاجئة، بتقديم مشروع قرار إلى المجلس يدين أعمال العنف في سوريا، وقع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عل بروتوكول الجامعة المتعلق بإرسال مراقبين عرب إلى البلاد. وسبق هذه الخطوة تردد الحكومة السورية لعدة أسابيع في توقيع البروتوكول، مما أدى إلى قيام جامعة الدول العربية بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على دمشق.
في حين أبدى العديد من الساسة والدبلوماسيون العرب تفاؤلهم باعتبار التوقيع خطوة إيجابية في اتجاه تسوية الأزمة السورية من خلال تطبيق المبادرة العربية التي تقضي بوقف العنف ضد المدنيين وسحب الآليات العسكرية من المناطق السكنية وإطلاق صراح المعتقلين، إضافة إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني يضم الحكومة السورية وكل أطياف المعارضة، اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون التوقيع مجرد مراوغة من قبل نظام بشار الأسد للحيلولة دون نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن وبالتالي تدويل الأزمة السورية، منتقداً الجامعة العربية بأنها "أتاحت للنظام السوري فرصة التهرب من مسؤولياته".
تعهدات فاقدة للمصداقية
هذا الرأي يشاطره زيباستيان زونس، رئيس فرع البحوث في معهد الشرق الألماني في برلين، الذي أشار إلى أن "النظام السوري تعهد بتنازلات نظرية بين الحين والآخر، غير أنه لم يف بتعهداته في نهاية المطاف. لذا يتعين علينا أن نتوخى الحذر فيما يخص مدى تأثير الإجراءات على الواقع في سوريا وإن كانت دمشق ستسمح فعلاً بدخول مراقبين إلى أراضيها".
من جانبه تساءل خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس، عن مدى صدق نية النظام السوري إزاء توقيع البروتوكول أصلاً، مستشهداً بما قاله "وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي تكلم أثناء مؤتمر صحفي في دمشق عن قبول جامعة الدول العربية بسبعين في المائة من التعديلات التي اقترحتها سوريا لضمان سيادتها، في حين قال أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي إنه لم تتم تعديلات جوهرية".
وفي ظل هذا التناقض يرى أبو دياب في التوقيع مناورة من طرف الحكومة السورية بغية "كسب المزيد من الوقت، بل استنفاذ الوقت ككل" على حد تعبيره.
خيارات محدودة
بالرغم من تفهم زونس لعدم ترحيب المجلس الوطني السوري بتوقيع نظام الأسد على البروتوكول لأنه يرى في هذه الخطوة تمديداً في عمر نظام بشار الأسد، إلا أنه ينصح المعارضة السورية بالاقتناع بأن أهدافها لن تتحقق إلا تدريجياً، نظراً لمحدودية خيارات الجامعة العربية. فالجامعة العربية، وإن كانت تعاملت مع القضية السورية "بصرامة وحدة غير معهودتين" من خلال ممارسة ضغوط على دمشق وعزلها عربياً، إلا أن ليس في يدها ما يتعدى هذه الإجراءات المحدودة التأثير على سوريا، سوى إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن في حال عدم التزام نظام الأسد ببنود البروتوكول.
أما أبو دياب، فلا يرى في هذه الخطوة آلية ناجحة لحل الأزمة السورية، نظراً لكون مجلس الأمن مقيداً بالفيتو الروسي والفيتو الصيني. "لكن من ناحية عامة تقرير اللجنة الدولية لحقوق الإنسان حول حقوق الإنسان ومسؤوليات معينة في داخل سوريا أحرج الكثيرين في مجلس الأمن ومن ضمنهم روسيا نفسها".
ويعلق أبو دياب أمله على استحالة "أن تترك سوريا عرضة لحرب أهلية وانهيار كامل لحماية المدنيين وللحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد من دون تحرك من داخل مجلس الأمن. لذا ستتوقف الأمور على المفاوضات التي تجري الآن بين كل من موسكو وبرلين وواشنطن وباريس حول إمكانية تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن الحماية الدولية للمدنيين في حال تبنيها".
ويجمع كلا الخبيرين على أن الأزمة في سوريا لن تحل في المستقبل القريب نظراً لمراهنة نظام بشار الأسد على الحل الأمني المطلق للأزمة من خلال قمع حركات الاحتجاج إضافة إلى تمتعه بموالاة شرائح عريضة من المجتمع السوري، خاصة في مدينتي دمشق وحلب.
بشير عمرون
مراجعة: عماد غانم