جمعيات أهلية سورية للحد من انتشار القمامة في المدن
٢٠ نوفمبر ٢٠١٠إنها الثامنة صباحاً في ساحة سعدالله الجابري، إحدى أشهر الساحات العامة في مدينة حلب، حيث يتجمع بضع عشرات من الشبان المتطوعين للقيام بحملة نظافة في أحد أحياء المدينة. نور أحد هؤلاء الشبان المتحمسين لعملهم الطوعي، لاسيما وأن هذا العمل يساهم في جعل حلب أكثر نظافة، وهي المدينة التي تعاني كغيرها من المدن السورية من الرمي العشوائي للقمامة على حد قوله.
وبعد حضور المتطوعين إلى الساحة يتوزعون على مجموعات وينطلقون نحو محيط قلعة حلب وحي الصاخور لتنظيف المنطقة هناك من أكوام القمامة المتبعثرة بشكل ملفت ومزعج وغير حضاري حسب زميله عدنان صهريج.
نور شاب في العشرينات وهو عضو في جمعية "من أجل حلب" التي تهتم بالحفاظ على البيئة. وتعتبر "من أجل حلب" واحدة من بين عشرات الجمعيات الأهلية التي تهتم بحماية البيئة التي تأسست في المحافظات السورية خلال السنوات القليلة الماضية، مثل جمعية "الساحل السوري للبيئة" وجمعية "أصدقاء البيئة في حلب" و"الجمعية الوطنية للتنمية البيئية" وغيرها من الجمعيات التي تقوم بنشاطات متنوعة على مدار العام.
التحذير من مخاطر الإضرار بالبيئة
ويبدو أن الجهات الرسمية تحذو حذو تلك الجمعيات وتروج لها، إذ تم تخصيص يوم طوعي لطلاب المدارس من أجل تنظيف مدارسهم والشوارع المحيطة بها "كما تم الإعلان عن حملة للنظافة العامة، حيث امتلأت الشوارع بيافطات تحذر من مغبة الاستهتار بالبيئة" حسب ما صرح به محمد رام حمداني، المسؤول عن قطاع الخدمات في محافظة حلب.
هذا ولا يقتصر عمل الجمعيات الأهلية البيئية على حملات تنظيف الشوارع والمدارس ومجاري الأنهار، وإنما يشمل حملات توعية أيضاً، تنبه المواطنين إلى مخاطر الإضرار بالبيئة والتأثيرات الكارثية لذلك على مصادر حياتهم من المياه والأراضي الزراعية والهواء الذي يستنشقونه على حد تعبير محمود بادنجكي، رئيس جمعية "من أجل حلب"، ويضيف بأن استفحال ظاهرة رمي القمانة في الأمكنة العامة بشكل غير مسؤول شكل الحافز الرئيسي لمبادرات أهلية كثيرة أثمرت عن تأسيس جمعيات تعمل على نظافة البيئة، ونشر الوعي البيئي في المجتمع من خلال محاضرات وتوزيع منشورات ووضع إعلانات وملصقات في الأمكنة العامة، إضافة إلى الدعاية في وسائل الإعلام المختلفة.
غير أن بادنجكي يتحدث عن صعوبات تواجه عمل الجمعيات في الحفاظ على نظافة الأمكنة العامة التي تشملها حملات النظافة، رغم إقبال الكثير من الشبان على العمل التطوعي في هذه الحملات. إذ أن الالتزام بقواعد النظافة من قبل المارة وقاصدي الأمكنة العامة ضعيف، وذلك لعدم توفر الوعي البيئي لدى الكثيرين، الذين يرمون القمامة بشكل عشوائي بدلا من رميها في الحاويات والسلات المخصصة لها.
ويضيف بأن الفترة المخصصة لحملات النظافة لا تتجاوز الأسبوعين "الأمر الذي يجعل من تلك الحملات مجرد ظاهرة مؤقتة تحدث مرة بالسنة" ولهذا يطالب بادنجكي بتخصيص سنوات للنظافة تظراً للوضع الذي وصلت إليه حال بعض المدن السورية.
الغرامة المالية لردع المخالفين
الدكتورة ميسون بريمو، رئيسة الجمعية الوطنية للتنمية البيئية ترى بأن الجمعيات الأهلية البيئية جاءت أيضا كردة فعل على "تحريك الرأي العام وتوجيهه نحو الاهتمام بقضايا البيئة بشكل فعلي وليس فقط عن طريق الدعوات والإعلانات الآنية"، غير أن مشكلة القمامة ستبقى قائمة حسب رأيها رغم جهود الجمعيات الأهلية والجهات الرسمية، وذلك بسبب "الافتقار إلى الاحساس بخطر التلوث البيئي والاستهتار بمواردنا الطبيعية وأهمية أن يكون لدينا أمكنة عامة نظيفة".
ويري بادنجكي بدوره أن المشكلة في عدم الالتزام بالتوعية التي نقوم بها رغم أن الجميع يتحدث عن ضرورة النظافة، وعليه لم يعد من حل لردع المخالفين سوى "بالمخالفات المالية على غرار مخالفات المرور وغيرها".
ويعود السبب في عدم رغبة الناس بالمشاركة في تلك الحملات إلى ضعف الوعي البيئي، إذ أننا "لم نقم بحملات نظافة ولم يكن في منهاجنا الدراسي دروس حول أهمية الموضوع ولم تكن هناك ندوات ومحاضرات عن أهمية الموضوع" على حد تعبير سعاد سمية، ربة منزل. غير أن البعض لا يرى السبب في ضعف الثقافة بالنظافة العامة فقط، بل في قلة حاويات القمامة "الأمر الذي يجعل البعض يلجأ إلى رمي أكياس القمامة في الشارع بدلاً من حملها" على حد تعبير سمير عليو، عامل في إحدى الورشات الصناعية. وعن الجمعيات الأهلية وعملها يقول سمير "معظمها تحاول عرض عضلاتها لأغراض أبعد من حماية البيئة، فتلك الجمعيات تحصل على إعانات مادية يستغلها البعض لصالحه الشخصي".
عفراء محمد- حلب
مراجعة: عارف جابو