حرية الصحافة في العراق، حرية الصحافة في الجوار
٩ سبتمبر ٢٠١٠الكلمة هي أول الكلام، ومن يحمل قلمه وينشر الكلمة هم الصحفيون، والصحفيون للأسف يقتلون كل يوم في العراق، طبعا ليس الصحفيون وحدهم هم من يقتلون، ولكن الصحفيين أكثر من غيرهم تعرضا للخطر لأنهم ينشرون الحقائق، ولأن الناس تعرف من خلالهم حقيقة ما يجري في بلدهم وفي كل إنحاء العالم.
أسئلة كثيرة عن وضع الصحافة في العراق و في دول جواره ومقارنتها بالصحافة الدولية.
لماذا لم يكن الصحفيون يقتلون في عهد صدام حسين؟
ما هي حدود حرية الصحافة في العراق اليوم؟
هل يمكن مقارنة صحافة العراق بصحافة دول الجوار؟
هل تقوم الصحافة العراقية بنشر الحقيقة؟
الصحفي كريم البيضاني رئيس تحرير موقع شبابيك أجاب عن سؤالنا : لماذا لم يكن الصحفيون يقتلون في عهد صدام حسين؟ بالقول أن النظام السابق جعل الإعلام جزءا من فلسفته في الحكم ، وكل من عمل في الصحافة كان لابد من ان يمر عبر" فلتر" السلطة، وكل من يخالف النظام السابق كان ينتهي الى مصير مجهول، كان الصحفيون جزءا من حزب البعث وماكينته الإعلامية التي سعت الى توطيد ونشر فلسفة الحزب في الحكم.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: كريم البيضاني: الصحافة كانت جزءا من ماكينة النظام لذا لم يتعرض الصحفيون للقتل)
وذهب د. إبراهيم محمد مدير تحرير الموقع العربي في دويتشه فله وقد شاركنا الحوار من مدينة بون إلى أن المقارنة بين الإعلام في الشرق الأوسط وبين الإعلام في ألمانيا صعبة، لكنه ذهب الى ان الإعلام في العالم العربي والعراق قد حقق انجازات كبيرة خلال السنوات العشرة الأخيرة بسبب ثورة المعلومات وتطور وسائل الاتصال.
ولكنه عاد واستدرك بالقول" اذا نظرنا الى كل بلد على حدة ففي الغالب فان الرقابة وأجهزة المخابرات تراقب ما يكتبه الصحفيون، بل ان قوى التطرف هي الأخرى بدأت تستهدف الصحفيين، و الصحفي في العراق مثلا في خوف دائم اليوم من الجماعات المتطرفة التي قد يصل بها الحد الى قتله. وهذا الجو يشكل ضغطا على الصحفي ما قد يمنعه من ممارسة مهنته.
ثم ذهب د إبراهيم الى ان الصحافة في ألمانيا هي انعكاس للديمقراطية في هذا البلد، لكن هناك في كل الأحوال خطوطا حمراء لا يمكن للصحفي اجتيازها.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د. إبراهيم محمد: تحرر الإعلام العراقي من قيود السلطة لكن الصحفيين يعانون من قوى التطرف اليوم)
أما الصحفي والإعلامي د محمد صالح صدقيان من طهران فقد تحدث عن حدود حرية الإعلام في إيران مشيرا إلى أن إيران هي جزء من البلدان النامية اسوة بغيرها من الدول النامية وهذا يعني انها نامية في كل شيء بما في ذلك الصحافة وهي جزء من المجالات المعرفية. وأشار صدقيان الى عدم وجود صحافة في عهد النظام الشاهانشاهي ، أي قبل عام 1979، وما نراه من صحافة اليوم إنما هو نتاج سنوات ما بعد الثورة الإسلامية في إيران، وهذا يعني ان عمر الإعلام الإيراني هو 30 عاما، وهي ليست مدة طويلة في عمر المعرفة. وأشار صدقيان الى ان النظام في ايران نظام إسلامي، مبينا ان هناك نوع من الفصل بين السلطات في هذا البلد، ومبينا ان مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بكل قنواتها هي مؤسسة حكومية تابعة للنظام ، ويعين رؤساءها من قبل الحكومة. ثم بيّن صدقيان أن هناك صحفا ومواقع غير حكومية ، كما أن هناك مواقع وصحفا معارضة للحكومة، ويجب التفريق هنا بين مفهوم النظام وبين مفهوم الحكومة، لا احد يعارض النظام الديني للدولة، لكن هناك تياران يضمان المعارضة للحكومة هما الإصلاحي ، والمحافظ ولكل منهما وسائل إعلامه المقروءة.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د محمد صالح صدقيان: الإعلام الإيراني هو إعلام دولة نامية وقد ولد بعد قيام الثورة عام 1979)
كريم البيضاني عاد وتحدث عن دور الصحافة العراقية اليوم في نشر الحقائق مبينا أن العراق يشهد حرية الصحافة ، كما ان الدستور وقوانين البلاد تضمن هذه الحرية، والمشكلة ليست بالقوانين ، بل بالمسؤولين عن إدارة الدولة، لأن مفهوم الحرية جديد عليهم. ثم أشار إلى أن الصحفيين يتعرضون لتهديد كبير من قبل بعض المسؤولين ومن قبل "من وصفهم" بأزلام النظام السابق، والصحفيون صاروا هدفا لأطراف كثيرة اليوم لأنهم يكشفون عن الحقائق وهذا قد لا يروق لكثيرين.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: كريم البيضاني: لا قانون لحماية الصحفيين في العراق الذي يشتعل فيه الصرع )
د إبراهيم أكد أن مفهوم الحرية نسبي لأن الحرية المطلقة قد تتحول الى فوضى ، ولكن من حيث المبدأ يجب أن يعمل الصحفي دون تحزب وبحياد، والصحافة العربية في الغالب لا تراعي هذه المسألة.
وبيّن د إبراهيم انه من خلال عمله في دويتشه فله يتمتع بحرية في العمل والتعبير عن رأيه، ولكنه لا يستطيع ترويج مفاهيم العنصرية وبث الكراهية، لكنه حر في انتقاد النخب السياسية وفي انتقاد اداء الحكومة ، على ان يحقق توازنا في الطرح يغطي آراء جميع الأطراف ذات العلاقة.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د. إبراهيم محمد: لي أن أقول ما أشاء في الإعلام الألماني على أن لا أنشر الكراهية ومفاهيم البغضاء)
د محمد صدقيان علق على وضع الصحفي حين يكون سياسيا ، معتبرا أن الصحفي يجب ان لا ينتمي سياسيا، لأن هذا شرط الحياد والمهنية، وإذا أجبرت الأوضاع الأمنية الصحفي على اللجوء الى جهة سياسية فهذا وضع استثنائي. ثم بين ان الصحافة اذا كانت واجهة الأحزاب هي ليست سوى وسيلة دعاية ولا تختلف كثيرا عن صحافة نظام صدام حسين . وأكد صدقيان ان الصحفي المتحزب لا يمكن ان ينقل الحقيقة. والصحافة في أوروبا تعمل في إطار النظام العام لكنها تعمل بعيدا عن الحزبية والولاءات.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د. محمد صالح صدقيان: الصحافة الحزبية تخل بمهنية الصحفي وحياده)
وسأل مقدم البرنامج الصحفي كريم البيضاني ان كان ينشر في موقعه مواضيع لا تتفق مع خطه الفكري وتوجهاته؟ فاجاب بالقول انه ينشر كل ما يخدم مصلحة العراق بغض النظر عن شخصية الكاتب ، ورأي القراء هو الفيصل في صلاحية المقال، اما المقالات التي تروج للإرهاب والدكتاتورية فلا مكان لها على موقعنا" حسب تعبيره.
وانضم إلى حوارنا من اربيل رئيس تحرير وكالة أنباء أصوات العراق المستقلة زهير الجزائري فبين ان مشكلة الصحفيين في العراق هي انهم يعيشون حالة حرب دائمة ، لكنها حرب ليس فيها جبهة ولا يوجد فيها عدو واضح. ويمكن للصحفي اليوم ان ينتقد كل شيء حتى رئيس الوزراء، لكن الحدود تأتي من الواقع الاجتماعي، وحين يكشف الصحفي عن قضية فساد وتكون مرتبطة بأحد الأحزاب ( في الغالب) فان مصير الصحفي في خطر داهم، والقاتل المجهول هو الحالة الأغلب مقارنة بمن قتلوا على ايدي القوات العراقية او الأمريكية. وما يتعرض له الصحفيون هو جزء مما يواجه المجتمع العراقي برمته.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: زهير الجزائري : قتل مئات الصحفيين ولم يكشف عن قاتل واحد)
واعتبر كريم البيضاني أن الفوضى في الصحافة العراقية هي جزء من الفوضى السائدة في البلد ، وهي طريقة نشرها التحالف الغربي إيمانا منه أن مبدأ الفوضى الخلاقة هو مبدأ سيخلق مخاضا تنتج عنه أوضاع جديدة.
د صدقيان من طهران اعتبر الصحفي صانع حدث حين يثير هذا الحدث، وضرب مثلا على ذلك بالصحفي الذي نشر قضية "ووترغيت" والذي صنع حدثا أدى إلى سقوط رئيس الولايات المتحدة وأثر على سياسة بلاده. وأشار صدقيان إلى ضرورة وجود خطوط حمراء في عمل الصحافة العراقية أسوة بالصحافة الدولية والشرق أوسطية.
زهير الجزائري أكد أن العنف هو الخطر الذي يهدد الصحافة والسلطة، ولذلك يوجد شبه اتفاق غير مكتوب لكليهما يتلخص في هدف مشترك بالوقوف ضد العنف . ومن الواضح ان هناك حالة من عدم الثقة بين السلطة والصحافة، وخصوصا أن ملف الفساد يكبر وتكبر معه الفجوة بين السلطة وبين الصحافة، وقد أصبح الخوف هو القاسم الأهم في العلاقة بين الطرفين. ثم أشار الجزائري إلى أن الدستور في المادة 38 أباح حرية التعبير والصحافة، لكن هناك مصطلحات "مائعة" أو غير واضحة هي التي تخلق مشكلات بين الطرفين.
ودعونا المستمعين إلى المشاركة في حوارنا بالإجابة عن سؤالنا:
ما رأيك في وضع الصحافة والإعلام في العراق اليوم؟
فتنوعت الإجابات فالمستمع عامر من بغداد اعتبر انه لا يمكن مقارنة الصحافة في العراق بالصحافة في دول أخرى لأن وضع العراق خاص وتجربته وليدة.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: المستمع عامر من بغداد)
الكاتب : ملهم الملائكة Mulham Almalaika .