"حلف الناتو يختار التصعيد للضغط على نظام القذافي"
٢٤ مايو ٢٠١١في مقال مشترك نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية اليوم (الثلاثاء 24 مايو / أيار 2011) أوضح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وضيفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي يقوم بزيارة رسمية لبريطانيا في إطار جولة أوروبية، أوضح الزعيمان أنهما لن يترددا في استعمال القوة، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، لدعم الثورات الشعبية في البلدان العربية الديكتاتورية. وظهر هذا الموقف بوضوح في موجة القصف المكثف الذي شنته ليلة أمس مقاتلات فرنسية وبريطانية على أهداف عسكرية في العاصمة الليبية طرابلس. ويسعى الناتو إلى رفع ضغطه العسكري على نظام القذافي خصوصا وأن زمن هذه الأزمة بدأ يطول بالنسبة للحلف.
وفي المناطق التي تشهد قتالا بين الثوار وكتائب القذافي وصل الوضع إلى ما يشبه الجمود، حيث لم تتغير علاقة القوة في الميدان منذ أسابيع. إذ بدا إصرار القذافي وأتباعه أقوى مما كان مفترضا في البداية. وهو واقع لم تغير منه الأنباء المتواردة عن انشقاق كبار شخصيات النظام وأحيانا حتى أعضاء من العائلة الحاكمة. لقد بات شهر رمضان على الأبواب، كما فصل الصيف بحرارته التي تشل كل شيء. إنهما عاملان قد يؤثران سلبا على حماسة الثوار وقدرتهم على القتال.
وهذا من أسباب عزم بريطانيا على استعمال مروحيات قتالية من طراز "آباتشي" في ليبيا، مما سيسمح بضرب البنية العسكرية لنظام القذافي بدقة أكبر. وهذا لن يؤدي فقط إلى زيادة قوة وضغط هذا التدخل العسكري، ولكنه سيزيد من خطورته أيضا. فالمروحيات ستصبح هدفا على مرمى الدفاعات الجوية عكس الطائرات المقاتلة ذات السرعة العالية.
وهناك سيناريو آخر يزيد من قوة عامل الضغط الزمني على حلف الناتو، ففي شهر يوليو/ تموز المقبل سيكون التدخل في ليبيا، بما في ذلك المشاركة الفرنسية فيه، قد دخل شهره الرابع، وهو ما يستدعي موافقة البرلمان الفرنسي. وهذا بالضبط ما لا يريده الرئيس نيكولا ساركوزي الذي يسعى إلى تفادي نقاش وطني غير مضمون النتائج، خصوصا في أفق الانتخابات الرئاسية التي تنتظرها البلاد.
كما أن اللجوء إلى مروحيات مقاتلة قد يستدعي تواجد وحدات إسناد خاصة على الأرض، والتي تقول معلومات غير مؤكدة أنها تتواجد أصلا في ليبيا منذ بدء العمليات القتالية. ويذكر أن قرار الأمم المتحدة الخاص بالتدخل في ليبيا يمنع قوات احتلال، لكنه يسمح بتدخل بري شرط أن يخدم ذلك حماية المدنيين. وهذا ما سيجعل ليبيا اختبارا لمدى قدرة الغرب على الوفاء بمبادئه.
إن الأمر يتعلق أيضا باختبار للتحالف الأطلسي، الذي ترى واشنطن أنه يجب أن يقوم على توزيع محدد للمهام. فعلى الأوروبيين تحمل قسطهم من العبء العسكري، حتى لا تتوقف التغييرات في العالم العربي. وفيما تلتزم كل من باريس ولندن بقوة بهذا النهج، خدمة لمصالحهما، فإن ألمانيا تبقى حاضرة خصوصا على المستوى الدبلوماسي ودعم المجتمع المدني في مصر وتونس، حضور ربما تحتاجه ليبيا أيضا قريبا.
دانييل شيسكيفيتس
مراجعة: هبة الله إسماعيل