راديو النازحين ـ صوت جديد من أجل الحرية في العراق
١٩ أكتوبر ٢٠١٦في كل يوم من الساعة الثامنة حتى الظهيرة تجلس شادان حبيب وهيفا أحمد وحنين حسن ورنكين سلام في الاستوديو الذي يبث على موجة إف إم ( 88،6 ) باتجاه محافظات حلبجة والسليمانية وكركوك، بل حتى إلى إيران. وعلى شبكة الإنترنت يمكن الاستماع إلى السيدات الأربع في سوريا ومحافظة الأنبار العراقية التي تنحدر منها حنين التي هربت من ميليشيات تنظيم "داعش" الإرهابية. وتقول مديرة البرنامج الإذاعي "إن الكثير من المستمعين يتصلون بنا هاتفيا من هناك، فهم يتحدثون عن الوضع ويسألون عن أهاليهم الذين فروا ويعيشون حاليا في كردستان". ويُذكر أن حلبجة استقبلت 3000 نازح ولاجئ، يعيش أغلبهم على ما يبدو داخل بيوت وليس في الخيم.
في نهاية الثمانينات عندما استخدم صدام حسين أسلحة كيميائية ضد الأكراد، تأثرت هذه المدينة المتاخمة للحدود الإيرانية. في يوم واحد تم قتل 5000 شخصا، والكثيرون من الأكراد فروا إلى الجبال القريبة في إيران ومكثوا هناك لسنوات. وعندما فرضت الأمم المتحدة عام 1991 منطقة حظر جوي لحماية الأكراد من الحاكم في بغداد، عاد أغلب السكان إلى بيوتهم. واليوم يعيش في حلبجة حوالي 80.000 نسمة.
التذكير بالمدون المعتقل بدوي
تم منح جائزة رائف بدوي الأولى للصحفيين الذين يبرهنون على نوع من الشجاعة عام 2015 للمغربي علي أنوزلا. هذا العام منحت مؤسسة فريدرش ناومان الألمانية الجائزة لمعدات البرامج الإذاعية في حلبجة، للتذكير بالمدون السعودي رائف بدوي المحكوم عليه بعشر سنوات سجنا في المملكة العربية السعودية. لكن، لا يمكن لأي واحدة من الفائزات بالجائزة السفر إلى فرانكفورت لاستلامها في الـ 19 أكتوبر شخصيا أثناء فعاليات المعرض الدولي للكتاب بفرانكفورت.
ويتعذر على الأربع سيدات السفر إلى فرانكفورت لأسباب مختلفة، لاسيما السيدة السورية هيفا أحمد التي كانت تأمل في الحصول على جواز سفر للتوجه إلى فرانكفورت. لكن عندما هربت قبل سنتين من كوباني إلى المناطق الكردية في العراق، وجب عليها التخلي عن كل شيء، حيث وصلت إلى حلبجة بدون هوية شخصية. قبل أن تمنح لهن هذه الجائزة، لم تكن هؤلاء السيدات يعرفن إلا القليل عن رائف بدوي الذي بات اليوم رمزا للنضال من أجل الحرية وتقرير المصير.
دعوة إلى حرية التعبير وتقرير المصير
وورد في إعلان للفريق الإذاعي النسوي:"نحن لاجئون ليس فقط لأنه لا توجد حرية تعبير في سوريا والعربية السعودية وبلدان أخرى في الشرق الأدنى. نطالب بحرية التعبير، نريد تقرير المصير في حياتنا، نريد أن نكون مواطنين بحقوق متساوية وليس دُما في أنظمة ديكتاتورية".
عندما تضع هيفا السماعة على رأسها داخل الأستوديو وتشرع في تقديم برنامج الصباح، فإنها تتحدث كورمانجي، إحدى اللغات الكردية الثلاث المتداولة في سوريا وتركيا ومحافظة دهوك العراقية الكردية. أما في أربيل والسليمانية وحلبجة وفي الجزء الكردي من إيران فيتحدث السكان السوراني. ولتجاوز التشابك اللغوي وتقديم برنامج إذاعي جيد، تتولى حنين البالغة من العمر 22 عاما تقديم البرامج بين الحادية عشرة والثانية عشرة باللغة العربية. وتقول هيفا "نحن نتناول كل شيء يهم اللاجئين، لاسيما أخبار المنطقة التي يأتون منها". وتفيد بأن ذلك يشمل "تحقيقات صحفية حول الحياة اليومية والتطبيب ونصائح الصحة، ببساطة كل شيء بدون ممنوعات".
طرح موضوعات ساخنة
قائمة الموضوعات المطروحة طويلة وتتناول مثلا النزاعات بين الرجال والنساء. وتلخص شدان حصيلة زياراتها للعائلات والاتصالات بالمستمعين ملاحظة أن "النساء يواجهن مشاكل أكثر من الرجال عندما يُجبرن على الفرار". وتضيف حنين من حلبجة أن "الضغوط في ازدياد على الأسر، إذ إن حالات الطلاق في ازدياد". وتشير رنجين، مديرة البرنامج الإذاعي، إلى أن الاستماع لهذا البرنامج أصبح جزءا من الحياة اليومية للنازحين واللاجئين، لأنه "يمنحهم الشعور كلاجئين بأن لهم أهمية ويلقون من يصغى إليهم".
وتعتزم مقدمات راديو اللاجئين الأربع القيام بمبادرة مشتركة مع الصحفيات اللاتي يعملن في إطار إذاعة النساء بعد الظهيرة. هذه الإذاعة الخاصة بالنساء تم تأسيسها قبل عشر سنوات من قبل منظمة الإغاثة الألمانية العراقية "وادي"، وهي مبادرة من مركز النساء في حلبجة، وهو أول مركز يقدم لقاءات للنساء في كردستان العراق إضافة إلى دروس الحاسوب والخياطة ومهن أخرى، مثل الحلاقة.
مبادرة فصل الشتاء من إذاعة اللاجئين
توماس فون دير أوستين زاكن مؤسس منظمة "وادي" يشير إلى أن منظمته تعمل منذ 25 عاما في كردستان، وأن الراديو أقل تكلفة من إطلاق صحيفة، موضحا في آن واحد أن الراديو يصل إلى الجميع بما فيهم الأميين، لاسيما وأن نسبة الأمية بين النساء في كردستان جد مرتفعة. وفي إطار هذه المبادرة لفصل الشتاء تعتزم الصحفيات الأربع في إذاعة "الصوت الجديد" جمع ألبسة وأغطية ومسخنات تساعد اللاجئين على تجاوز شدة البرد ومتاعبه.
بيرغيت سفينسون/ م.أ.م