Umstrittener Vertrag
١٠ سبتمبر ٢٠١٢تطلب الأمر ستة أشهر من المفاوضات المعقدة حول مختلف الفقرات القانونية والتفاصيل المالية قبل التوصل إلى التوقيع على اتفاقية دفع التعويضات الألمانية لضحايا المحرقة والجرائم النازية. وكان الأمر شبيها ب" مساومة مالية" كما يتذكر نعوم كولدمان، الرئيس السابق للمنظمات اليهودية المدافعة عن ضحايا نظام البطش النازي. وبتوقيعها على اتفاقية لوكسمبورغ تكون ألمانيا قد اعترفت رسميا بمسؤوليتها الأخلاقية تُجاه ما تعرض له اليهود على يد النازيين وتعهدت بدفع تعويضات مادية لهم.
"تعويض ما لا يعوض؟"
وأثناء المفاوضات بين ألمانيا وممثلي ضحايا المحرقة النازية عرفت الساحة المقابلة للبرلمان الإسرائيلي احتجاجات ونقاشات حادة بخصوص ملف التعويضات هذا. وتساءل أحفاد الضحايا عن "الثمن الذي يَلزمُ دفعهُ لكل فرد من أجدادنا ضحايا النازيين؟". وبهذا الصدد أوضح المؤرخ هانز غونتر هوكرت "تم اختيار معيار عقلاني" أثناء المفاوضات وأضاف أن "اتفاقية لوكسمبورغ مكنت من تحديد إطار للتبادل التجاري البحري، إضافة إلى اتفاقية للتزود بالنفط والمواد الكيمياء والصيدلية".
دعم أمن إسرائيل
توصلت إسرائيل من ألمانيا ببضائع وصلت قيمتها إلى ثلاث ملايير (مارك ألماني سابقا) أي ما يعادل 1،5 مليون يورو مُقسمةٌ على 12 عاماً. كما حصلت المنظمات اليهودية المدافعة عن ضحايا المحرقة النازيةJewish Claims Conferenceعلى 450 مليون مارك. وكانت ألمانيا الاتحادية، في الفترة ما بين 1960 و1970، ثاني أكبر مُصدر أسلحة للدولة العبرية. وهذه المساعدات ساعدت إسرائيل على الحفاظ على وجودها في فترة حساسة خلال الحربين الأولى والثانية في المنطقة. ويرجع الناشر والمؤرخ الإسرائيلي توم زيكيف بالذاكرة إلى الوراء ويقول "لقد اعتبرنا منذ ذلك الوقت ألمانيا كمصدر قوة لإسرائيل".
مصالح مشتركة بين الدولتين
عمل الآباء المؤسسون لاتفاقية لوكسمبورغ، الوزير الأول الإسرائيلي السابق دافيد بن غيريون والمستشار الألماني السباق كونراد أديناور، على تبني منطق سياسية المصالح المشتركة. فمن جهة كان أديناور يسعى لإدماج ألمانيا في منظومة الدول الغربية، وكانت اتفاقية تعويض ضحايا المحرقة شرطا مسبقا للعودة إلى صفوف تلك الدول. أما الوزير الأول الإسرائيلي السابق فكان يطمح من جهته إلى الإسراع في عملية بناء دولة إسرائيل الفتية. لكن "الدفعات المالية" الألمانية، كما يُطلق عليها في إسرائيل، كانت محط جدال.
معارضة قوية للتعويضات
وكان الناجون من المحرقة النازية من أشد معرضي اتفاقية لوكسمبورغ، وحجتهم في ذلك هي أن التعويضات ستجعل الشعب الإسرائيلي أداة توظفها السياسة الألمانية. كما شكك الكثيرون في قدرة ألمانيا على الوفاء بتعهداتها المالية اتجاه الضحايا. وبهذا الصدد أوضح آشر بن ناتان، أول سفير لإسرائيل في ألمانيا الاتحادية "لقد كانت هناك معارضةٌ شديدة لاتفاقية التعويض ال أديناور مالي". وفي الجانب الألماني كانت هناك جهات لا تنظر بعين الرضا إلى تلك الاتفاقية، سواء في حكومة أديناور أو لدى الشعب الألماني نفسه، كما في وسائل الإعلام. ويستند هؤلاء في معارضتهم على القول بأن إسرائيل ليس لها الحق في الحصول على التعويضات باعتبار أنها تأسست بعد الحرب العالمية الثانية.
وحتى في العالم العربي كانت هناك مقاومة لاتفاقية التعويضات، وهددت عدد من الدول العربية باللجوء إلى العقوبات الاقتصادية. غير أن المستشار أديناور لم يوقف مساعيه وواصل الوفاء بالتزامات بلده. وبناءا على بيانات رسمية ألمانية فإن مجموع التعويضات التي دفعتها ألمانيا بلغ حوالي 83 مليار مارك
.