سر اهتمام الصين بأوروبا كشريك اقتصادي
٤ يناير ٢٠١١تملك الصين أضخم احتياطيات في العالم من العملة الصعبة، وخلال الأزمة المالية استثمرت احتياطياتها من اليورو في شراء سندات ديون عامة من دول الاتحاد الأوروبي التي عانت من الأزمة، في خطوة تهدف إلى كسب ثقة دول منطقة اليورو. وبذلك قامت ثاني أكبر دولة صناعية في العالم خلال أزمة اليورو بلعب دور المنقذ ومدت يد العون للدول التي ترزح تحت طائلة الديون، مثل إسبانيا والبرتغال واليونان، من خلال شراء كميات كبيرة من سندات الدين العام. ومجرد الإعلان عن ذلك يهدىء أسواق العملات المتوترة ويقوي اليورو المتأثر بالأزمة.
استقرار اليورو يخدم الاقتصاد الصيني
ويعود استقرار منطقة اليورو ومتانة العملة الأوروبية بالفائدة على الصين. وقال نائب رئيس الحكومة الصينية لي كيكيانغ عشية زيارته لإسبانيا في حديث مع صحيفة البايس اليومية "الصين هي مستثمر في سوق المال الأوروبية والإسبانية على المدى الطويل"، مؤكدا أن بلاده تثق بسوق المال الإسبانية، وأنها ستشتري المزيد من سندات الدين العام في إسبانيا وقال إن بلاده ستكون في المستقبل أكبر زبون لشركات التأمين والبنوك وشركات الاتصالات الإسبانية. ومنذ الآن تملك الصين عشرة بالمائة من سندات الدين العام الإسبانية، وبذلك تكون أحد أكبر مانحي القروض لإسبانيا.
ويلعب تنشيط الصادرات دورا كبيرا في تنشيط السوق الداخلية، التي تشكل دعامة أساسية لمسيرة الاقتصاد الصيني، كما يؤكد نائب لي كيكيانغ بقوله أن "السوق الداخلية تلعب دورا كبيرا في تطور الصين، فهذه السوق دعمتنا عندما تقلصت التجارة الخارجية، وفي الوقت نفسه يشكل انفتاح الصين أساس تطورها الاقتصادي." ويشير كيكيانغ إلى أن بلاده أصبحت أكبر دولة مستوردة وأضخم سوق اقتصادية في العالم.
ويعود شراء سندات الدين العام الإسبانية بالفائدة على الصين، فمن خلال ذلك تستثمر احتياطياتها الضخمة من اليورو، وهي تملك أضخم احتياطي من العملات الصعبة في العالم، إذ بلغ احتياطيها من هذه العملات 2648 مليار دولار في نهاية ايلول/سبتمبر الفائت، نظرا إلى فائضها التجاري الضخم. والصين لا تمول الآن فقط ديون الأوروبيين، بل أصبحت منذ فترة طويلة أكبر مانح للقروض للولايات المتحدة .
ما الفائدة من شراء سندات الدين العام؟
ومن أسباب تقديم الصين مساعدات إلى أسبانيا هو السعي للحيلولة دون إفلاس إسبانيا، رابع قوة اقتصادية في منطقة اليورو، لأن هذا إن حدث يكلف الأوروبيين غاليا، ويعود بالتالي بنتائج سلبية على الاقتصاد الصيني، فأوروبا هي أكبر شريك تجاري للصين ووقوع اليورو في أزمة يضعف بشكل قوي الطلب على الصادرات الصينية، كما أن تراجع قيمة اليورو سيؤثر سلبا على مقدرة الصادرات الصينية على المنافسة.
والصين بحاجة إلى الطلب الأوروبي على صادراتها كي تتمكن من تنشيط النمو لديها، لأن الاستهلاك الوطني لا يكفي لوحده لتحريك عجلة النمو. والذي تسعى إليه الصين من خلال تحسين علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي هو إلغاء القيود المفروضة على تصدير السلع ذات التطور التقني العالي إليها، وكذلك رفع الحظر على تجارة الأسلحة والمفروض عليها منذ قمعها الحركة الديمقراطية عام 1989. وبالمقابل تريد الصين تحسين جو الاستثمار فيها وتوفير شروط كفيلة بتأمين حماية أفضل للملكية الفكرية من النسخ المقرصنة.
منى صالح (د ب أ، دويتشه فيله)
مراجعة: عارف جابو