سوريا - منذ تأسيس حزب البعث حتى سقوط نظام الأسد
٨ ديسمبر ٢٠٢٤مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه اليوم الأحد الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024 لتحقق المعارضة أهدافها بعد قرابة 14 عاما في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
وفيما يلي مراحل تطور الأحداث:
تسلسل زمني - سقوط حكم بشار الأسد بعد سنوات من إراقة الدماء
* في عام 2011، في ذروة الربيع العربي، عمّت احتجاجات سلمية ضد نظام الأسد عددا من المدن السورية، واجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. وفي ظل العنف الشديد وحملات القمع والتعذيب، سُلحت المعارضة وانشقت وحدات عسكرية بالجيش، لتتحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك بدعم تركيا.
* في عام 2012 - وقع تفجير في دمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة الجديد في سوريا، والتي اكتسبت قوة وبدأت في سحق الجماعات ذات التوجهات القومية.
اجتمعت القوى العالمية في جنيف واتفقت على الحاجة إلى انتقال سياسي، لكنها انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. إلى ذلك شنّ سلاح الجو السوري غارات على معاقل المعارضة، في ظل سيطرة المقاتلين على مزيد من الأراضي لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
2013 - ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. وحددت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما حينها، استخدام الأسلحة الكيميائية كـ "خطٍّ أحمر"، لكن هجوما بغاز السارين على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يعقب ذلك أي ردٍّ من الجانب الأمريكي.
* 2014 - سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" فجأة على الرقة في الشمال الشرقي وعلى مساحات في سوريا والعراق. في المقابل، استسلم مقاتلو المعارضة في حمص القديمة ووافقوا على المغادرة إلى منطقة أخرى في أول هزيمة كبيرة لهم في منطقة حضرية كبرى، وهو ما مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك.
شكلت واشنطن تحالفا مع الأكراد ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وبدأت في تنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مدّ المتشددين لكنه تسبب في توترات مع حليفتها تركيا.
* 2015 - بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج، تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب. بعدها انضمت روسيا إلى الحرب لدعم بشار الأسد، في تطور نوعي حول دفة الصراع لصالح الرئيس السوري لسنوات لاحقة.
* 2016 - مع القلق من تقدم الأكراد على الحدود، شنّت تركيا عملية توغل مع جماعات المعارضة المتحالفة معها مما أدى إلى إقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية.
وتمكن الجيش النظامي وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب.
انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على "هيئة تحرير الشام".
* 2017 - أقرت إسرائيل بشنّ ضربات جوية ضد حزب الله في سوريا بهدف إضعاف القوة المتنامية لإيران وحلفائها. وتمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد من هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد الجماعة المتشددة من كل الأراضي تقريبا التي استولت عليها.
* 2018 - استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي.
* 2019 - فقد تنظيم "الدولة الإسلامية" آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لمنع الهجمات على حلفائها الأكراد.
* 2020 - ساندت روسيا هجوما للقوات النظامية انتهى بوقف إطلاق النار مع تركيا ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على معظم الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه.
وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
* 2023 - وقع هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد على نحو مهلك.
* 2024 - شنّت المعارضة هجوما جديدا على حلب. وفي ظل انشغال حلفاء الأسد: إيران في مواجهتها مع إسرائيل، وروسيا بحربها في أوكرانيا، انهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب يستولي المعارضون على معظم المدن الكبرى ويدخلون دمشق ليسقط حكم الأسد.
حزب البعث - نصف قرن من الانقلابات والقمع
بعد أكثر من نصف قرن من إمساكه بالسلطة، خسر حزب البعث الأحد الحكم في سوريا. حزب البعث تأسس في 17 / أبريل نيسان 1947 على يد ميشيل عفلق، المسيحي الأرثوذكسي، وصلاح البيطار، المسلم السني.
في عام 1953 اندمج الحزب مع الحزب العربي الاشتراكي، ما أكسبه شعبية بين المثقفين والفلاحين والأقليات الدينية. وامتدت شعبيته الى دول عربية عدة أبرزها العراق.
في الثامن من مارس / آذار 1963، وصل البعث إلى الحكم في سوريا إثر انقلاب عسكري وفرض حالة الطوارئ. وفي 16 نوفمبر / تشرين الثاني 1970، نفّذ الأب حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" أطاح عبره برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي، ووضع حدّاً لسلسلة من التجاذبات الداخلية في الحزب وعلى السلطة.
في 12 مارس / آذار 1971 اُنتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية السورية في اقتراع من دون أي منافس، ليصبح أول رئيس ينتمي الى الأقلية العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
في السادس من أكتوبر / تشرين الأول 1973 شنَّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في محاولة لاستعادة ما خسرته البلدان خلال حرب يونيو / حزيران 1967. وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس، بينما استعادت القوات السورية بعضا من المناطق في هضبة الجولان.
في مايو / أيار 1974 وقعت سوريا وإسرائيل رسميا اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
في العام 1979 تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك -صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة- دمشق بالتآمر.
قطعت بغداد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق في أكتوبر / تشرين الأول 1980، بعدما دعم حافظ الأسد إيران في الحرب مع العراق.
في فبراير / شباط 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم الإخوان المسلمون في مدينة حماة (وسط). وأدى القمع الدامي الى مقتل الآلاف، قدرت أعدادهم بما بين 10 آلاف و40 ألف شخص.
وأتى ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل ثمانين جندياً من العلويين. واتهم الإخوان المسلمون في حينه بالوقوف خلف الهجوم.
في نوفمبر / تشرين الثاني 1983 تعرَّض حافظ الأسد لأزمة قلبية نُقل على إثرها إلى مستشفى بدمشق. وبينما كان يقبع في غيبوبة، حاول شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل. استعاد حافظ عافيته وسلطته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا.
توفي حافظ الأسد في 10 يونيو / حزيران 2000 عن عمر ناهز 69 عاماً، بعد عقود حكم خلالها سوريا بقبضة حديد، أرسى خلالها بالقوة استقرارا أكسب بلاده دورا وازنا في إقليم دائم الاضطراب. وبعد شهر تولَّى نجله بشار السلطة بعد تعديل دستوري سمح له بالترشُّح من خلال خفض السن القانونية لتولِّي الرئاسة. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه، على 97 في المئة من الأصوات.
أصبح بشار الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في البلاد.
في يوليو / تموز 2024 فاز الحزب مجددا بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تُجرى بعد اندلاع الصراع.
صباح الأحد الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024 أعلنت فصائل معارضة "هروب" بشار الأسد ودخول قواتها دمشق إثر عملية عسكرية واسعة ومباغتة بدأتها في 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2024 من معاقلها في إدلب. وقالت فصائل المعارضة عبر تلغرام إن "الطاغية بشار الأسد هرب"، و"نعلن مدينة دمشق حرة". أضافت "بعد 50 عاما من القهر تحت حكم البعث، و13 عاما من الإجرام والطغيان والتهجير (...) نعلن اليوم (...) نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا".
عقب ذلك، أعلن رئيس الحكومة محمد الجلالي أنه مستعد للعمل على "تسليم" السلطة. فيما دعا قائد "هيئة تحرير الشام" الملقب بأبو محمد الجولاني قواته، إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها "ستبقى" تحت إشراف رئيس الوزراء حتى "تسليمها رسميا".
ع.م / و.ب (أ ف ب ، رويترز)