صحف ألمانية: استفزاز جنوب السودان للشمال لا ينفي عن البشير جرائمه
٢٧ أبريل ٢٠١٢علّقت صحيفة أوسنابروكَر تسايتونغ على التصعيد الأخير بين شمال السودان وجنوبه وقالت:
عندما أصبح جنوب السودان جمهورية مستقلة في يوليو/تموز من العام الماضي 2011، كان لا يزال هناك تعاطف دولي مع الرئيس الجنوبي سالفا كير. لكن الحال تغير في الوقت الراهن، وها هو على وشك تبديد الثقة التي مُنِحت له في السابق. صحيح أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا شمال السودان مؤخراً إلى وقف عملياته العسكرية ضد دولة الجنوب، لكن الرئيس الجنوبي سلفا كير أسهم إسهاماً كبيراً في التصعيد حينما أمر باحتلال الحقول النفطية التابعة للشمال، وفقاً للمحكمة الدولية في لاهاي. هذا استفزاز غير مقبول. لكن لا يغيّر هذا من أن رئيس شمال السودان عمر البشير أحد أكثر الزعماء الملطخة أيديهم بالدماء.
لم يتم الاتفاق بين شمال السودان وجنوبها حول العديد من المناطق الحدودية ولا بخصوص تقاسم ثروات هذه المناطق. لذا، يجب على سالفا كير الحرص بعناية في تعاملاته السياسية، ولكنه لا يسعى إلى تبني هذا النهج. وبدلاً من ذلك، فقد قام سالفا كير بالسفر إلى بكين وحاول هناك شرح وجهة نظر سياسته المتشددة. لم يكن ذلك بالأمر الغبي، لأن الصين معروفة بأنها تقدم مصالحها الاقتصادية على القانون الدولي، ولا سيما في أفريقيا. لكن حسابات سالفا كير لم تكن في محلها ولم ينجح في مسعاه. فقد حثت بكين طرفَيْ النزاع في السودان على الحفاظ على الهدوء في المنطقة. وإذا كان هذا مساراًً جديداً لسياسية المصالح التي تتبعها الصين في أفريقيا: فيا مرحباً بها من سياسة.
فيما انتقدت صحيفة بيرلينَر تاغيس تسايتونغ الموقف الدولي من الرئيس البشير في تعليقها وكتبت:
صدرت مذكرة اعتقال دولية ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير على خلفية ارتكابه لجرائم حرب ضد الإنسانية. لكن لا يوجد إجماع حول كيفية التعامل معه. فزملاؤه من زعماء دول افريقية يقومون بحمايته. كما أنه يعتمد على دعم موسكو وبكين، مثله في ذلك مثل معظم الزعماء القتلة على هذه الأرض الذين تحميهم روسيا والصين. ولكن ماذا عن أوروبا؟ وقد قال وزير دولة فرنسي في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مؤخراً بالشأن السوداني:"إذا لم تتطور الأمور بشكل إيجابي فإننا سننظر جدياً في فرض عقوبات ". وفي بيانهم الختامي، اكتفى الوزراء الأوروبيون بمناشدة الطرفين السودانيين "بتجديد جهودهما لتحقيق التفاهم عبر الحوار".
من ناحيتها عَزَت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ أسباب الحرب السودانية إلى الأوضاع الداخلية في البلدين وكتبت:
لماذا من الصعب جداً حلحلة العقدة السودانية؟ هذه الحرب قائمة على منطق من الصعب تفسيره دون التمعن في الوضع الداخلي للمنطقة. ففي شمال السودان يحكم نظام عمر البشير المعزول بشدة دولياً، باستثناء انفتاح بعض أصدقائه القلائل عليه كالصين وبعض الدول العربية. والمفارقة هنا هي أن السلام الدائم في المنطقة يعرِّض نظام البشير للتهديد. فأجواء الهدوء وسيادة النظام والقانون تؤدي إلى ثقافة من الانفتاح السياسي والتعددية في البلاد، وقد ينجم عن ذلك سحب بساط الحكم من تحت أقدام البشير ورجاله. ولذا، فإن البشير يخشى من هذه الأجواء أكثر من أي شيء آخر.
و بعض القوى في الجنوب تريد الحرب لأنها من وجهة نظرها تصرف النظر عن مشاكل دولة جنوب السودان التي تأسست حديثا. في حين يعتقد البعض الآخر في الجنوب أنه لا بد من حرب كبيرة من أجل قهر خصمهم البشير. لكن هذا المنطق لا يؤدي إلا إلى مزيد من الخراب، لأن البشير استطاع النجاة بالفعل من العديد من المعارك في الماضي. يجب على الرئيس الجنوبي سلفا كير أن يُبقي جنوده داخل حدود بلاده إذا كان لا يريد أن يبدد تعاطف العالم الذي رافق نشأة دولة جنوب السودان وهو يشق طريقه الصعب إلى الاستقلال.
إعداد: علي المخلافي
مراجعة: منصف السليمي