فيتالي كليتشكو: الملاكم السياسي الذي يريد إنقاذ أوكرانيا
٢٧ أكتوبر ٢٠١٢الكاميرا تظهر فيتالي كليتشكو من الخلف قبل دخوله إلى حلبة النزال وهو يقف وحيداً وبكل هدوء في ممر القاعة الأولمبية بموسكو. وبعدها يدخل البطل العالمي، الذي يبلغ 41 عاماً إلى حلبة الملاكمة تحت أهازيج عشاقه ونغمات أغنيته المفضلة. بعد أربع جولات فقط يفوز كليتشكو أو الدكتور " Ironfist" أي اليد الحديدية، كما يلقبونه بالنزال بعد إصابته لخصمه الألماني مانويل شار بجرح، سبب له نزيفاً.
وبهذا يبقى كليتشكو بطل العالم حسب المجلس العالمي للملاكمة (WBC) في الوزن الثقيل. هذه مشاهد من النزال الاحترافي السابع والأربعين لهذا الملاكم المخضرم، والذي جرى في الثامن من سبتمبر/ أيلول من هذا العام. وبعد أسابيع قليلة فقط سيقف فيتالي كليتشكو أمام نزال من نوع آخر من شأنه أن يغير مسار حياته رأساً على عقب: ففي يوم الأحد القادم، في الثامن والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول ستختار أوكرانيا أعضاء البرلمان الجديد ويعتبر حزب كليتشكو "UDAR" أو "التحالف الديمقراطي الأوكراني للإصلاح" من الأحزاب الأوفر حظاً في هذه الانتخابات.
إنجازات سياسة متواضعة
ولد فيتالي كليتشكو عام 1971 في جمهورية قرغيزستان وكان أبوه يعمل ضابطاً في الجيش السوفييتي وكانت أمه مدرسة. طريقه إلى قمة الرياضة العالمية كان طويلاً وشاقاً، فبعمر ناهز الـ 13 عاماً ارتدى فيتالي لأول مرة قفاز الملاكمة. أما مساره الرياضي العالمي فقد بدأه في الولايات المتحدة الأمريكية في رياضة Kickboxing، حيث فاز بألقاب عالمية متعددة. ثم بدأ بعدها مسيرته في عالم الملاكم الاحترافية. وفي عام 1996 انتقل فيتالي وشقيقه الأصغر فلاديمير لألمانيا، حيث كانا يقاتلان إلى جنب أبرز الملاكمين. وأما حلمهما الكبير بالفوز معاً بالحزام العالمي في الوزن الثقيل فقد تحقق سنة 2008.
وبخلاف نجاحات فيتالي كليتشكو في عالم الملاكمة والألقاب العالمية والشهرة الرياضية التي يحظى بها، تبقى إنجازاته السياسية محدودة حتى الآن. أظهر كليتشكو اهتمامه بالسياسة لأول مرة في عام 2004 في غضون "الثورة البرتقالية"، حيث وقف إلى جانب المرشح الرئاسي الموالي للغرب فيكتور يوشينكو وعمل كمستشار له في وقت لاحق. لكن محاولاته، في دخول البرلمان عبر تحالف حزبي ورئاسة بلدية العاصمة الأوكرانية كييف، باءت بالفشل، لكنه استطاع مع ذلك تشكيل كتلة نيابية برلمانية خاصة في مجلس مدينة كييف.
فجر سياسي جديد
الآن وبعد توالي الإخفاقات السياسية يمكن للبطل الرياضي العالمي تحقيق أول ألقابه السياسية، فبعد أن قام كليتشكو في عام 2010 بإعادة تسمية حزبه من "البلد الجديد"، الذي لم يكن معروفاً، إلى "UDAR" أي "التحالف الديمقراطي الأوكراني للإصلاح"، تضاعفت شعبيته منذ ذلك الحين بثلاث مرات. رسالته الانتخابية بسيطة للغاية: "جاء وقت التحالف الديمقراطي الأوكراني للإصلاح"، هكذا يقوم كليتشكو بالدعاية لنفسه ولحزبه الذي يمكن وضعه داخل المنظومة السياسية في يمين الوسط. ومن المثير للاهتمام هو أن الشباب الأوكرانيين في المدن، وفقاً لاستطلاعات الرأي، يشكلون الفئة الكبرى من الناخبين الذين يريدون الإدلاء بأصواتهم لصالح كليتشكو. وتعطي استطلاعات الرأي الأخيرة لحزب كليتشكو حوالي 15 في المائة مباشرة بعد حزب "تحالف المعارضة" Batkiwschtschina، الذي كانت تترأسه رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو. في حين ما يزال الحزب الحاكم "حزب الأقاليم"، يتصدر استطلاعات الرأي بنسبة تقارب 23 بالمائة.
بعض الخبراء السياسيين مثل فنفريد شنايدر ديتر يرون أن سر تزايد شعبية كليتشكو ترجع بالأساس إلى التوق إلى وجوه جديدة في المشهد السياسي الأوكراني. وكثير منهم يرى في كليتشكو بديلاً للسياسيين التقليدين الذين خيبوا آمال الأوكرانيين في مناسبات عديدة. ويضيف الرئيس السابق لمكتب كييف لمؤسسة فريدريش إيبرت في مقابلة مع موقع DWأن مدى التجديد داخل الحزب يبقى أمراً مثيراً للجدل، خاصة وأن "قائمة حزب UDARتضم أيضاً بعض كبار السياسيين الذين كانوا في السلطة في ظل الرئيس يوشينكو".
كسب كليتشكو للملايين في الخارج بفضل مسيرته الرياضية المتألقة يلعب أيضاً دوراً مهماً في الحملة الانتخابية، على حد تعبير شنايدر: "ففي بلد مثل أوكرانيا، حيث يسود الفساد السياسي يتمتع كليتشكو بصورة جيدة". الخبير الألماني يقارن كليتشكو مع الممثل أرنولد شوارزنيغر، الذي كان حاكماً لولاية كاليفورنيا الأمريكية: "الأميركيون اختاروا ممثلاً، فلماذا لا يختار الأوكرانيون رياضياً على رأس سياستهم؟".
لا تحالف مع الأحزاب المعارضة الأخرى
من يلقي نظرة سريعة على البرنامج الانتخابي لكليتشكو فإنه سيجد بيانات عامة وفضفاضة عن "الفساد أو معايير العيش الأوروبية". في حين تغيب البيانات عن احتمال انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أو سياسة الجوار مع روسيا. وبهذا يبدو أن كليتشكو يريد إرضاء الجميع، هذا ما ينتقده كاتب عمود في كييف. أما هدف كليتشكو من الانتخابات فيبقى هو الإطاحة بـ"حزب الأقاليم" للرئيس الحاكم فيكتور يانوكوفيتش، الذي تتهمه المعارضة والدول الغربية بالسلطوية وتسييس القضاء.
لكن كليتشكو وحده لا يستطيع الإطاحة بيانوكوفيتش وحزبه، خاصة في ظل توتر العلاقات مع حزب "تحالف المعارضة"، فكليتشكو رفض الانضمام إلى التحاف الذي يهيمن عليه حزب تيموشينكو.