قانون فرنسي ضد الإرهاب يطال الحريات الشخصية
صادق البرلمان الفرنسي أمس على قانون جديد لمكافحة الإرهاب. وينص هذا القانون على تشديد الرقابة الأمنية المطبقة في مجال الاتصالات والمعلومات والبيانات بما فيها البيانات الشخصية. ففي مجال الاتصالات يلزم القانون مثلاً أصحاب مقاهي الإنترنت والشركات المزودة لخدماتها على تخزين المعلومات المتداولة عن طريقها لمدة سنة بغية وضعها تحت تصرف سلطات القضاء والأمن عن الطلب. وكذلك الأمر بالنسبة لشركات الاتصال الهاتفي التي يلزمها بتسجيل المكالمات بغية الاستفادة منها على الصعيد الأمني. ومما يعنيه ذلك فتح المجال أما التنصت على المكالمات الشخصية واستباحة البيانات الشخصية.
تعزيز الرقابة في الأماكن العامةإضافة إلى ذلك يسمح القانون الجديد الذي أعده وزير الداخلية المثير للجدل نيكولا ساركوزي بتوسيع المراقبة عن طريق الفيديو لتشمل المتاجر ودور العبادة وشركات النقل ومختلف الأماكن العامة. وأوضح ساركوزي انه تم التركيز على هذه النقطة وفقا للعبر التي أخذت من نتائج التحقيقات البريطانية التي أُجريت بعد اعتداءات لندن. يجدر ذكره أن كاميرات الفيديو المركبة في الأماكن العامة هناك ساعدت في الكشف عن عدد من المشتبه بهم في التحضير والقيام بالاعتداءات المذكورة. ومن بين النقاط الأخرى المهمة في القانون تشديد عقوبة السجن بتهمة الإرهاب لتصل إلى 20 سنة بدلا من عشر سنوات. أما زعماء المجموعات الإرهابية فخصهم القانون بأحكام بالسجن تصل إلى 30 بدلاً من عشرين سنة. ويستطيع المحققون بموجبه كذلك إلزام شركات النقل البحري والجوي والبري تقديم المعلومات الشخصية. كما أصبح بإمكانهم الإطلاع بسهولة على ملفات السجلات الرسمية ورخص القيادة والهويات وجوازات السفر.
معارضة لا تُذكروقد مر التصويت على القانون في البرلمان دون معارضة جدية تذكر. صحيح أن نوابا من الحزبين الاشتراكي والشيوعي انتقدوه بشدة على أساس أنه يشكل تهديداً للحريات الفردية الأساسية. كما يخلط بشكل كبير بين الإرهاب والهجرة على حد قول بعضهم. غير أن معارضة الاشتراكيين لم تصل إلى حد رفضه إذ اكتفى نوابه بالامتناع عن التصويت لصالحه. ويعكس مرور القانون بهذا الشكل السهل المناخ السياسي العام في فرنسا. فبعد أحداث الشغب التي شهدتها الضواحي الفقيرة في باريس والمدن الأخرى ارتفعت الأصوات المطالبة بإجراءات أمنية صارمة ضد مثيريها وخاصة من أبناء المهاجرين. وينتمي قسم كبير من هؤلاء إلى أصول جزائرية ومغربية.
تشديد إجراءات الهجرةوتعد الحكومة الفرنسية للمصادقة على إجراءات قانونية أخرى في فبراير/ شباط القادم، ومن بينها تشديد الإجراءات الإدارية والقانونية المطبقة على المهاجرين. وفي هذا الإطار سيتم تشديد الرقابة على عقود الزواج من الأجانب. وبموجب ذلك لن يسمح للشريك الأجنبي تقديم طلب الحصول على الجنسية الفرنسية قبل مرور 4 سنوات على العيش المشترك في بيت الزوجية. يجد ذكره أن القانون الحالي يسمح بذلك بعد مرور سنتين. وإضافة إلى تشديد الرقابة على عقود الزواج سيتم أيضا تعقيد شروط لم شمل عائلة الأجنبي المقيم في فرنسا. وفي تبريره لمثل هذه الإجراءات صرح وزير الداخلية الفرنسي ساركوزي أن عدم مراقبة الهجرة بهذا الشكل المقترح تؤدي إلى نشوء مجتمع هش وممزق كما أثبتت على ذلك أحداث الأخيرة على حد تعبيره.
الخشية من التركيز على الأمنوفي الوقت الذي يخشى فيه ساركوزي من المهاجرين، فإن المراقبين يخشون من تركيز حكومته على الإجراءات الأمنية بدلاً من السعي إلى حل المشاكل الاجتماعية في الأحياء التي شهدت أحداث الشغب. وقد أثبتت هذه الأحداث أن هذه المشاكل في صفوف الشباب العاطل عن العمل كانت ورائها وليس الإرهاب كما يرى مسؤولين فرنسيين كانوا مؤخراً وراء اتخاذ إصدار عدد من الإجراءات القانونية والأمنية الأخرى ومن بينها إعادة العمل بقانون الطوارئ. ومن شأن التركيز على هذه الإجراءات بدلاً من تحسين الوضع الاجتماعي في الضواحي الفقيرة زيادة التوتر الاجتماعي فيها. ويشكل هذا الأمر أرضية خصبة لإعمال فوضى جديدة.
وكالات