قطاع غزة ـ أزمة رواتب مع حلول شهر رمضان
٢٨ يوليو ٢٠١١"كل شهر بتأخر صرف راتبنا ...وإحنا داخلين على شهر رمضان وما خدناش إلا نص الراتب". غضب وحيرة بدأت على ملامح ونبرة صوت الموظف عزت أبو لحية من مدينة غزة عندما روى لدويتشه فيله ضيق الحال بسبب عدم تلقيه كامل راتبه الشهري. وأشار أبو لحية إلى أن نصف الراتب لا يسد احتياجات ومتطلبات أسرته المكونة من سبعة أفراد والتي تعيش في بيت بالأجرة.
موظف آخر قال لدويتشه فيله إنه يعتمد على الاستدانة لتوفير احتياجاته وقوت أسرته، بينما أبدى محمد المصري امتعاضه الشديد من قيام البنك بخصم قسط القرض المستحق عليه رغم أن السلطة صرفت له نصف الراتب فقط. ولم يخف أحمد بشير مخاوفه من تراكم ديونه في ظل استمرار عدم تلقي الرواتب والتصريحات غير المطمئنة بوجود أزمة مالية تعصف بمؤسسات السلطة الفلسطينية.
أزمة مفتعلة
كثر الحديث وكثرت التكهنات في الأوساط الشعبية والحكومية حول أسباب عدم دفع أو تأخر السلطة الفلسطينية في منح الموظفين رواتبهم. فالبعض يتهم رئيس الحكومة سلام فياض بـ"الابتزاز السياسي"، في ظل عدم توافق الفصائل الفلسطينية على ترشيحه لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة، وإصراره والرئيس محمود عباس على تولي هذا المنصب.
ويعتبر محمد الشوا أن تأخر الرواتب والتذرع بوجود أزمة مالية في السلطة ومؤسساتها "ابتزاز من فياض للضغط على الموظفين والسلطة على إبقائه رئيس للوزراء". شخص آخر من غزة يؤكد على كلام الشوا لكنه رفض ذكر اسمه قائلا لدويتشه فيله "هذا أمر مكشوف لنا وبنعرفه كالشمس...ليش الآن الأزمة صارت؟ علشان (لأن) فتح وحماس بدهمش (لا تريدان) إياه".
ويؤكد رئيس نقابة العاملين بالوظيفة العمومية بسام زكارنة في تصريحات صحافية على أن هذه الأزمة مفتعلة وليست حقيقية: "لا مبرر حقيقي لهذه الأزمة بدليل أن العائدات الضريبية قد حولت من الطرف الإسرائيلي وهي بقيمة 150 مليون شيكل، كما أن الضرائب المحلية قد تمت جبايتها وهي 150 مليون شيكل و160 مليون شيكل حُولت من الاتحاد الأوروبي"، مطالباً الحكومة بتوضيح هذا القرار وأسبابه الحقيقية المقنعة.
استطلاع للرأي حول سبب الأزمة المالية
وقد أظهرت نتائج الدراسة التي أعدتها مؤسسة "ألفا" العالمية حول أزمة الرواتب التي ظهرت بعد إعلان المصالحة بين حماس وفتح أن "40% من الفلسطينيين قالوا إن السبب هو عدم تحويل إسرائيل لأموال الضرائب، 31.4% أفادوا بأنه ابتزاز سياسي من قبل سلام فياض ليظهر أنه لا يمكن أن تسير الأمور بدون أن يكون رئيسا للحكومة، 26.9% قالوا عدم التزام الدول المانحة في تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية، و1.8% قالوا لا رأي لهم".
فياض يعد بالتغلب على الأزمة المالية
ومنذ إبرام اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة، وتعثر تطبيق بنودها على الأرض، والقادة الفلسطينية تكثر من تصريحاته التي تتحدث عن وجود أزمة مالية خانقة تعصف بمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، كما أعلنت الحكومة في رام الله حالة تقشف عامة. وحسب رئيس الوزراء سلام فياض، فإن العجز التمويلي في ميزانية السلطة الفلسطينية لعام 2010 وصل الى100 مليونِ دولار؛ فيما سجل العام الجاري منذ بدايته عجزا بقيمة 30 مليون دولار شهريا. كما انخفضت قيمة المساعدات المالية إلى الثلث، وهو ما دفع بالسلطة الفلسطينية إلى إعلان حالة التقشف والتقدم بطلب عاجل إلى الدول المانحة للإفراج عن المساعدات المالية لتفادي الأزمة المالية.
وخلال مشاركته في الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية في القاهرة، أكد فياض في تصريحاته الصحفية بأنه التقى ممثلي الدول العربية كافة، وطلب منهم نقل صورة الوضع المالي بكامل مكوناته وصعوباته إلى دُولهم مشدداً على القول :"أكدنا على ضرورة التحرك وبشكل حثيث لمساعدة السلطة الوطنية على تجاوز هذه المحنة وفي هذا الوقت بالذات".
أزمة مالية تسبب ركودا في الأسواق
انعكست هذه الأزمة على الأسواق في المناطق الفلسطينية. فحركة الأسواق في قطاع غزة تعتمد بشكل أساسي على رواتب الموظفين، حيث دائرة الإنتاج وغيرها في حالة بطالة مستشرية بسبب الحصار الإسرائيلي منذ خمس سنوات.
"نحن على أبواب رمضان..فش (لا يوجد) بيع خالص بسبب الرواتب"، قالها بصوت مرتفع غاضب أحد باعة فوانيس رمضان مشيرا إلى عدم بيعه في اليوم سوى 9 فوانيس رغم امتلاكه المئات. فيما يشتكي كافة بائعي التمور ولوازم رمضان وغيرهم من بائعي الملابس والأحذية من تدني حركة الشراء. ومنهم من أقسم لدويتشه فيله بأغلظ الأيمان: اليوم ما بعتش ولا بشيكل واحد..الأسواق ميتة خالص". ومنهم من قال: " إذا الوضع تم على هيك حنغلق محلاتنا".
شوقي الفرا ـ غزة
مراجعة: أحمد حسو