ما هي حقيقة خطر برنامج "جوجل ايرث" على الأمن؟
٢٧ أبريل ٢٠٠٦يرى الخبير الألماني في شؤون الأمن كلاوس ديتر ماتشكه أن برنامج «جوجل ايرث» يشكل خطرا على مونديال كأس العالم 2006 الذي تبدأ فعالياته في التاسع من يونيو/حزيران القادم. ويرى الخبير أن الصور التي يقدمها البرنامج على درجة عالية من الوضوح، كما وكأنها التقطت من على بعد 20 مترا فقط، بحيث يمكن أن يستفاد منها في تحديد مواقع وتجمعات رياضية يمكن لمجموعات إرهابية ان تقوم بمهاجمتها. وكانت البرامج السابقة لا تقدم صورا تقل مسافة التقاطها عن 1000متر، الامر الذي كان يراه الخبراء غير مقلق من الناحية الأمنية. إلا أن الإمكانيات التي يمتلكها "جوجل ايرث" يمكن أن تزود المجموعات الإرهابية بصور أوضح وبتكاليف شبه معدومة، على حد قول الخبير. من جهته قال براين ميدلي، المستشار في شؤون التكنولوجيا من ولاية مريلاند الامريكية، لوكالة الانباء الألمانية: "قليلة هي تلك المرات التي وجدت فيها نفسي مذهولا من برنامج لهذا الحد، وإذا أردت الكتابة عن هذا الموضوع فأخبر قراءك أن يستعدوا لتمضية ساعات من الدهشة."
علماء آخرون يخالفون الخبير الألماني الرأي حول خطورة ذلك البرنامج على الأمن القومي. فحسب رأيهم لا يشكل الامر أية خطورة بعد أن أصبحت المعلومات متاحة للجميع على الإنترنت. ولكن هؤلاء يتفقون بشكل عام على الحاجة إلى أسلوب جديد ومنهج أكثر تطورا لحماية أسرار المنشآت العسكرية.
استخدام صواريخ قصيرة المدى
يذهب الخبير الالماني بعيدا في تصوير خطر برنامج «جوجل ايرث» عندما يشير الى أن هناك خطرا من استخدام الإرهابيين لصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى قادرة على إصابة أهداف محددة في أي منطقة في المانيا. وأشار الخبير الى أن الصواريخ الروسية الصنع من طراز سكاد أصبح بالامكان الحصول عليها في السوق السوداء لبيع الأسلحة منذ عدة سنوات. ويصل مدى هذه الصواريخ الى 300 كم ويمكنها أن تصيب أهدافها بهامش خطأ لا يزيد عن 50 مترا. وهذه الصواريخ هي من نفس الطراز التي استخدمها الرئيس العراقي صدام حسين عام 1991 في قصف أهداف في داخل إسرائيل. ويمكن أن تطلق هذه الصواريخ من على متن سفن شحن، كما أثبتت ذلك وحدة الردع التابعة للقوات الأمريكية. ويحاول بعض الخبراء الايحاء بأن ايران هي احدى الدول المشتبه بها لنقل مثل هذه الصواريخ على سفن الشحن واستخدامها عند الضرورة.
شركة جوجل تسخر من آراء "الخبراء"
كثيرة هي آراء الخبراء في هذا السياق، كما يصعب أيضا تحديد اذا ما كان هذا الشخص أو ذاك بالفعل خبيرا يمكن أن يكتسب رأيه مصداقية. للوقوف على حقيقة المخاوف التي أثارها البرنامج قمنا بالاتصال بالمسؤول الإعلامي لشركة جوجول في المانيا شتيفان كويخل الذي بدأ كلامه بالتشكيك في مصداقية وأهلية كلاوس ديتر ماتشكه، "الذي لا يعرفه أحد" بتقديم آراء من هذا النوع. واعتبر كويخل أن "هذه المخاوف ليس لها أي أساس من الصحة، وان بامكان أي شخص أن يحصل من الدوائر الألمانية المختصة على قرص صلب يحتوي على صور من الجو كتلك التي يمكن الحصول عليها عبر البرنامج. واتهم المتحدث باسم جوجل هؤلاء "من يسمون انفسهم بالخبراء" بانهم لا يعرفون الحقائق وان هدفهم هو "إثارة الرعب في قلوب الجماهير وتسويق أسماءهم في وسائل الإعلام المختلفة عبر الترويج لأخبار مثيرة".
وفي معرض رده على سؤالنا حوا قيام السلطات الأمنية الألمانية أو الأمريكية بتقديم شكوى لشركته بسبب هذا البرنامج، أجاب كويخل بالنفي، مشيرا الى أن السلطات تعرف أن هذه الصور يمكن الحصول عليها بسهولة ولا تقدم أي جديد بالنسبة لمعرفة الإرهابيين بأهدافهم المحتملة. اذا لم تقدم هذه الصور أي جديد، فما الهدف من هذا البرنامج اذن؟ هل هو فقط لتقديم المتعة لزبائن جوجل؟ أجاب كويخل على هذا السؤال بالنفي القاطع، مشيرا الى أن هدف شركته من البرنامج تقديم خدمة للزبائن. "فبامكان كل شخص أن يحدد هدف بحثه بدقه، مثلا البحث عن مطعم أو محطة وقود أو مكان للنوم في شارع معين من بلدة أو مدينة معينة."
حول البرنامج
برنامج "جوجل أيرث" هو ماركة مسجلة للشركة العملاقة "جوجل Google". وقد طرحته الشركة للاستخدام في شهر حزيران/يونيو الماضي. "جوجل ايرث" يعتبر أحد أكثر البرامج إثارة، ذلك أنه يتيح لمستخدمي الإنترنت الوصول إلى العديد من الصور، التي تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية، بشكل بالغ الدقة، وبعض هذه الصور تعرض أماكن حساسة فى جميع دول العالم، وبواسطة هذه البرنامج يمكن مشاهدة صورة كاملة للقصر الرئاسى وللمبانى والمؤسسات العسكرية والتحصينات وغرف العمليات، فضلا عن أماكن أجهزة الأمن. عبارات مثل "مذهل" و "رائع" و "لا يصدق" يمكنك سماعها إذا جلست الى جوار من يستخدم برنامج "جوجل أيرث". موقعنا تحدث مع محمود الشافعي من جمهورية مصر العربية الذي يمضي ساعات أسبوعيا وهو يسبح في فضاء "جوجل ايرث" من أجل اكتشاف خبايا هذا البرنامج. وقال الشافعي الذي يدرس الهندسة الكهربائية في ألمانيا "ما عليك إلا تنزيل البرنامج مجانا وخلال دقائق ستنظر إلى الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي كما تستطيع كتابة اسم مكان معين لينقلك البرنامج اليه وتحصل بالتالي على نظرة مقربة منه." محمود الشافعي لم يخف متعته وهو يروي لنا كيف استطاع أن يشاهد بيته في الجيزة وان يتعرف على مدرسته وعلى معالم أخرى.
على خلاف ذلك لم يتمكن محمود مطاحن من التعرف على قريته القريبة من مدينة الخليل في الضفة الغربية، فالصور تبدو غير واضحة ولا تظهر سوى التضاريس الطبيعية للمنطقة. وقال مطاحن الذي يدرس الاقتصاد في ألمانيا إنه يشعر بخيبة الأمل لعدم تمكنه من رؤية قريته وعزا ذلك إلى أسباب سياسية. وبسؤال السيد كويخل المتحدث باسم جوجل نفى نفيا قاطعا أن يكون هناك أي رقابة سياسية على الصور المستخدمة في برنامج جوجل ايرث، وقال إن الأمر لا يتعلق اطلاقا بالصراع العربي الاسرائيلي، فهناك أماكن عديدة على وجه الأرض لم يتم بعد تحديث بنك المعلومات الخاص بصورها، كما أن بعض الاقمار الصناعية لا تستطيع بث صور ملتقطة من ارتفاعات منخفضة.
يذكر أن شركة جوجل كانت قد أصدرت أيضا نسخة معدلة من البرنامج تحت اسم "جوجل إيرث بلاس " Google Earth plus، حيث تم إدخال المزيد من التطويرات على البرنامج الأول، لكنه ليس مجانيا، بل باشتراك يتراوح بين 20 و400 دولار فى السنة، تدفع بالبطاقة الائتمانية. ويتميز الإصدار الجديدة بدقة عالية فى صوره، يمكن بها تمييز وجه شخص يجلس فى شرفة منزله أو غرفة نومه.
ناصر الشروف