"العدل الدولية" تنظر في أكبر قضية في التاريخ متعلقة بالمناخ
٢ ديسمبر ٢٠٢٤تنظر محكمة لاهاي في أكبر قضية في تاريخها اليوم الاثنين (الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2024)، حيث ستبدأ في جلسات استماع لمدة أسبوعين بشأن ما يتعين على الدول في أنجاء العالم القيام به لمواجهة التغير المناخي ومساعدة الدول الأكثر تضررا في التغلب على تداعياته المدمرة.
يأتي ذلك بعدما التجأت جزر تخشى على وجودها من آثار التغيرالمناخي بفعل ارتفاع منسوب المياه، إلى المحكمة الدولية، بهدف وضع إطار عمل قانوني بشأن كيفية تعامل البلدان مع تغيّر المناخ. ومن المقرر أن تقدّم أكثر من مئة دولة ومنظمة مرافعاتها في الملف خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي هذا الإطار صرح ممثل فانواتو في ملف المناخ، رالف ريغينفانو، لدى انطلاق الجلسات في مقر المحكمة في لاهاي قائلا: "ستتردد أصداء نتيجة هذه الإجراءات القضائية على مدى أجيال، محددة مصير بلدان مثل بلدي ومستقبل كوكبنا". وتابع بأنها محاكمة "قد تكون أكثر قضية تترتب عليها تداعيات في تاريخ البشرية".
ويأمل ناشطون أن يكون لرأي قضاة محكمة العدل تداعيات قانونية واسعة النطاق في إطار هذه المعركة، وقد تؤثر على قضايا مرفوعة حاليا في المحاكم والقوانين المحلية والدولية بهذا الشأن. في المقابل، يخشى آخرون من أن تكون تداعيات الطلب المدعوم من قبل الأمم المتحدة للحصول على رأي استشاري غير ملزم محدودة، مشيرين إلى أن صدور حكم الحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة قد يستغرق شهورا أو حتى سنوات.
ويذكرأن قرار الحكمة الدولية يبقى غير ملزما وله صبغة استشارية فقط. بينما تأتي الجلسات بعد أيام على الاتفاق الذي تمّ التفاوض عليه بصعوبة أثناء قمة "كوب29"في أذربيجان.
واتفقت البلدان الثرية المسببة للتلوث في نهاية المطاف على تخصيص مبلغ قدره 300 مليار دولارعلى الأقل سنويا بحلول العام 2035 لمساعدة البلدان الأفقر على الانتقال إلى مصادر طاقة صديقة أكثر للبيئة والتحضير للتداعيات المتزايدة للتغير المناخي.بينما دانت البلدان النامية التعهّد معتبرة إياه ضئيلاً ومتأخراً. كما أن البيان الختامي لم يتضمن تعهّدا عالميا بالتخلي عن مصادر الوقود الأحفوري المتسببة بارتفاع درجة حرارة الأرض.
فحوى القضية
على القضاة الدوليين الإجابة على سؤالين، وردا في بيان الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي. ويتعلق الأول عن مدى التزامات الدول بموجب القانون الدولي لحماية مناخ الأرض من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للتلوث. أما السؤال الثاني، فيدور حول التداعيات القانونية لهذه الالتزامات بالنسبة للدول الغنية "من خلال أفعالها وإغفالها تسببت بأضرار كبيرة للمنظومة المناخية وأجزاء أخرى من البيئة". وذلك تجاه الدول الصغيرة والبلدان المهددة جراء ارتفاع مستويات البحار وأنماط الطقس القاسية في أماكن مثل المحيط الهادئ".
وقالت المحامية الرفيعة لدى "مركز القانون الدولي البيئي" ومقره الولايات المتحدة وسويسرا جوي شاودري إن المدافعين عن المناخ لا يتوقعون بأن يقدّم رأي محكمة العدل الدولية "أي إجابات محددة كثيرا". وعوض ذلك تنتظر الخبيرة بأن تقدم المحكمة "خطة قانونية.. يمكن على أساسها اتّخاذ قرار بشأن أسئلة محددة أكثر". وأوضحت بأن رأي القضاة الذي يتوقع صدوره العام المقبل "سيكون أساسا يستند إليه التقاضي المناخي على المستويات المحلية والوطنية والدولية".
وستكون بعض بلدان العالم الأكثر تسببا بالانبعاثات الكربونية، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة والهند (الأكثر تسببا بانبعاثات الغازات الدفيئة)، من بين الدول الـ98 والمنظمات الـ12 التي تخاطب المحكمة.
اتفاق حول الهدف وتباين حول سبل تحقيقه
وفي 2015، اتفق العالم على محاولة الحد من الاحترار العالمي ليكون عند 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. لكنه لم يحدد كيفية تحقيق الهدف الذي يبدو بعيد المنال.
وأظهرت بيانات علمية أولية صادرة عن "مشروع الكربون العالمي" ونشرت أثناء مفاوضات كوب29 أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن إحراق مصادر الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز بلغت مستويات قياسية جديدة هذا العام.
وقالت رئيسة "طلبة جزر الهادئ لمكافحة تغير المناخ" سنتيا هونويهي للمحكمة "عندما تم التوصل إلى اتفاقية باريس، تطلع شباب العالم إليها على اعتبارها مصدر أمل".
وأضافت "اليوم، خطف أكبر المتسببين بالانبعاثات وكبار منتجي الوقود الأحفوري العملية بأكملها، وحولوها إلى ملاذ سياسي آمن وفخ للآخرين". وتابعت "بالنسبة لشباب العالم والأجيال المستقبلية، فإن التداعيات وجودية".
و.ب/ح.ز (أ ف ب، د ب أ)