نظام الأسد "دمر جيلاً من الرياضيين" في سوريا
١٧ ديسمبر ٢٠٢٤قالت غادة شعاع، صاحبة الميدالية الأولمبية الذهبية الوحيدة لسوريا، إن عائلة الأسد سرقت فرحتها. وشددت على أن فوزها بذهبية ألعاب دورة أولمبياد أتلانتا الصيفية عام 1996 كان من أجل الشعب السوري وليس نظام الأسد، الذي زعم أنه يمثل السوريين.
وفي مقابلة مع DW، قالت: "الديكتاتور حافظ الأسد هدد بقتلي عبر أجهزته الاستخباراتية. تلقيت الكثير من الوعود بعد الإنجازات التي حققتها لبلدي. كان الناس يسألونني فقط: هل التقيت بالأسد؟ وكنت أجيب بـلا".
وأضافت: "على وقع إجابتي هذه، تلقيت تهديدات، ما كان يعني أنه كان يجب أن أكذب وأقول إن الأسد قابلني وكرّمني وأعطاني حقي المالي. أنا سعيدة لأنني لم أقابل حافظ ولا ابنه الفاسد بشار. أشكر من تمكنوا من تحريرنا من هذا الطاغية".
يذكر أنه في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، سقط نظام الأسد، الذي استمر 54 عاماً عبر الأب والابن، عندما استولى المتمردون على السلطة. وتصف شعاع ذلك اليوم بأنه "يوم عرس سوريا". وهي تأمل أن يؤدي ذلك اليوم إلى مستقبل أفضل لسوريا وأن تصبح وطنا لكل من يعتبرها وطنه.
استحالة العيش في سوريا
عاشت غادة في ألمانيا لمدة 25 عاما تقريبا. وعوقبت ماليًا لعدم عودتها من إعادة تأهيل إصابتها في ألمانيا بعد أولمبياد سيدني عام 2000. وتقول: "لا يمكن تصديق كم القمع والظلم الذي بداخلي". وأشارت بطلة السباعي إلى أنها تلقت تهديدات بالقتل بشكل مستمر، فيما كانت المرة الأخيرة عام 2021، عقب إجرائها لمقابلة مع DW، مضيفة أنها وجدت متفجرات تحت سيارتها قبل حوالي شهرين.
في عام 2022 وبسبب مرض والدتها، قررت غادة شعاع العودة إلى سوريا لترافق والدتها المريضة.
وأثناء وجودها في سوريا، قدمت لها الحكومة عرضا من الصعب رفضه تمثل في تعيينها مستشارة رياضية داخل الجنة الأولمبية السورية. وشددت على أن هذا المنصب وأيضًا الصورة التي أُجبرت على التقاطها عام 2015 مع قوات الدفاع المدني، لم تكن نوعا من التأييد للنظام السوري وإنما تم ذلك تحت الضغط الشديد الذي مارسه النظام عليها.
وقالت شعاع: "جاء سجن صيدنايا بمثابة رسالة واضحة للعالم. الناس يسألون لماذا لم أتحدث. حسنا، لم أستطع لأنني كنت أعيش في كنف القمع وتحت التهديدات حيث يمكن أن أختفي ببساطة تحت الأرض مثل الآخرين".
وأضافت: "كنت خائفة على سلامة عائلتي في سوريا. كنت أعيش في قلق دائم. فكرت في مغادرة البلاد مرة أخرى عدة مرات، لكنني تلقيت رسائل تذكرني بقوة ونفوذ الاستخبارات السورية وأسلوبها الإجرامي".
ورغم ذلك، كانت غادة شعاع تجد بصيص أمل في أن الوضع القاتم سوف يتغير وأنها قد تساهم في هذا التغيير، لكن آمالها تحطمت عقب استبعادها من البعثة الأولمبية السورية التي شاركت في أولمبياد باريس لعام 2024.
وقالت: "وعود النظام السوري لم تكن سوى حبر على ورق. تجاهلوني. لم يعطوني حتى راتبي لمدة عام كامل. أخيرًا، حصلت على نصف الراتب. ربما اتخذت القرار الخاطئ بقبول هذا المنصب، لكن كان علي أن أفكر في مصير عائلتي. كان يحدوني الأمل في غد أفضل".
وتسرد ذكرى اليوم الذي عاصرت فيه سقوط نظام بشار الأسد، قائلة: "سئم الجميع. كان يجب أن يحدث شيء ما. كنت أخطط بالفعل للعودة إلى ألمانيا، خاصة أن بقية عائلتي كانوا يخططون للرحيل عن سوريا. رغبت في التحدث والتعبير عن نفسي فلم يكن لدي ما يمكنني أن أخسره".
الاتحاد الرياضي السوري .. "مقبرة الرياضيين"
منذ تأسيسه عام 1971، استشرى الفساد داخل الاتحاد الرياضي العام السوري الذي أسسه حافظ الأسد بعد فترة وجيزة من وصوله إلى السلطة. وقالت غادة إن الاتحاد الذي يعد أعلى هيئة رياضية في سوريا، أضحى بمثابة "مقبرة للرياضيين" في ظل ارتباطه بحزب البعث الحاكم وعقليته العسكرية.
وأضافت: "لم يتغير شيء في هيكل الاتحاد أو العقلية التي تديره منذ ذلك الحين. لقد أصبح أسوأ وأسوأ مع مرور الوقت حيث يتم إقالة مسؤول فاسد ثم يتم توظيف مسؤول فاسد آخر. لقد دمروا جيلًا كاملًا من الرياضيين السوريين".
يشار إلى أنه تم حل الاتحاد الرياضي العام في سوريا في ضوء ارتباط رئيسه السباح السوري السابق فراس معلا بعلاقات وثيقة بعائلة الأسد.
حكم معلا الاتحاد بقبضة من حديد حيث لم يجرؤ أي شخص على معارضته.
وتطالب غادة بمحاكمة معلا، قائلة: "فراس معلا هو مسؤول فاسد يتبع هذا النظام الفاسد، يجب أن يُحاكم أمام جميع السوريين. استخدم معلا اسم اللجنة الأولمبية لصالح عائلته حيث هدد العديد من الرياضيين في ضوء أن بعض أقاربه في القصر الرئاسي".
يشار إلى أن الأسد كان يظهر أحيانًا في الأحداث الرياضية، بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية 2023 في هانغتشو بالصين.
وكانت غادة تأمل في أن تتمكن من الحديث إلى الأسد بشأن وضع الرياضة في سوريا، لكن تم رفض طلبها.
رفع العلم؟
تريد غادة من الحكومة الجديدة إنشاء وزارة مستقلة تعنى بالرياضة السورية، على غرار الدول الأخرى، وتقول: "علينا القضاء على عقلية الفساد التي خلفها حافظ الأسد وابنه بشار. هذا الفساد أشبه بالسرطان الذي انتشر ودمر منظمتنا الرياضية".
ودعت إلى إرسال الرياضيين السوريين الواعدين إلى الخارج لصقل مهاراتهم فضلًا عن إعادة المواهب الرياضية التي اضطرت إلى الفرار من البلاد.
بيد أن الشيء الوحيد الذي ترغب في الاحتفاظ به هو العلم الذي فازت تحت ظله بميداليتها الذهبية في أتلانتا 1996، قائلة: "هذا العلم ينتمي إلى الشعب السوري وليس إلى نظام الأسد. لماذا تريدون منا أن نعود إلى الوراء وليس التقدم صوب الأمام؟"
وشددت على ضرورة أن تقوم السلطة الجديدة "باختيار المسؤولين على أساس الكفاءة، فيما يجب أن تلعب السوريات دورًا كبيرًا في المناصب القيادية. بناء الرياضة جزء مهم من نجاح أي بلد، سواء أكان نجاحًا سياسيًا أو اقتصاديًا".
ورغم الغموض الذي يكتنف مستقبل سوريا، فإن غادة ما زال يحدوها الكثير من الأمل في أن يكون وطنها في وضع أفضل وأن يتمكن من الهروب من الفخاخ التي سقطت فيها بعض دول المنطقة.
أعده للعربية: محمد فرحان