1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هكذا تحاول إسرائيل تدمير الشبكة المالية لحزب الله اللبناني

٢٤ أكتوبر ٢٠٢٤

هذا الأسبوع، بدأت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على مواقع مرتبطة بالنظام المالي لحزب الله. وقد ركزت الهجمات بشكل أساسي على فروع مؤسسة "القرض الحسن"، لكن الخبراء يقولون إن الميليشيا لديها مصادر تمويل متعددة.

https://p.dw.com/p/4mBSC
مبنى تابع لجمعية "مؤسسة القرض الحسن" في لبنان بعد استهدافه من قبل إسرائيل (21/10/2024)
جمعية "مؤسسة القرض الحسن" المالية في لبنان تلعب دوراً رئيسياً في تمويل حزب اللهصورة من: -/AFP

الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد ميليشيا  حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران ركزت هذا الأسبوع على هدف جديد، ألا وهو: بنيتها التحتية المالية. فقد شنت إسرائيل، يوم الأحد (20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024)، غارات جوية في بيروت وأماكن أخرى على فروع جمعية "القرض الحسن" (AQAH)، وهي مؤسسة مالية مرتبطة بحزب الله.

وفي يوم الاثنين الماضي، قدم المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي دانيال هاغاري عددا من الادعاءات بشأن تمويل حزب الله وسبب الضربات، في رسالة فيديو نشرت على الإنترنت. وادعى هاغاري أن حزب الله، الذي تدرجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عدة في قائمتها للمنظمات الإرهابية، استغل "الأزمة المالية العميقة" في لبنان خلال السنوات الأخيرة لتحقيق مكاسب خاصة به، وأن شبكته المالية تعتمد على مصدرين رئيسيين للدخل: الأموال القادمة من  إيران، والأموال التي يحصل عليها من الشعب اللبناني. كما أشار إلى أن  الضربات الإسرائيلية استهدفت مواقع متعددة مرتبطة بمؤسسة "القرض الحسن"، لكنه زعم أيضًا، دون تقديم أي أدلة، أن حزب الله يخزن "مئات الملايين من الدولارات" في مخبأ تحت مستشفى في وسط بيروت.

ما هي "مؤسسة القرض الحسن"؟

ديفيد آشر، الذي قدم استشارات للحكومة الأمريكية لسنوات بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي شارك في حملات سابقة للحكومة الأمريكية لاستهداف تمويل حزب الله، وصف مؤسسة "القرض الحسن" في حديث مع DW بأنها "جمعية ادخار وإقراض، وليست بنكًا بالمعنى التقليدي".

ووفقًا لجوناثان لورد، مدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث، فإن جمعية "القرض الحسن" تلعب دورًا رئيسيًا في لبنان لصالح حزب الله. "إنهم يقدمون خدمات مالية"، حسبما قال لورد لـ DW، مضيفا: "لقد كانت بمثابة ميزة تنافسية استراتيجية لحزب الله في لبنان، لأن القطاع المصرفي التقليدي، لاسيما في السنوات الأخيرة، أصبح محفوفا بالمخاطر ومليئا بالتحديات بسبب الفساد في لبنان والمشاكل المصرفية والاقتصادية الأوسع نطاقا."

تم تأسيس مؤسسة "القرض الحسن" في عام 1983، ويُقدر أن لديها حوالي 30 فرعًا. وتحظى في العادة بشعبية في في المناطق التي يكون فيها التأييد لحزب الله أقوى. غير أن الجمعية أصبحت أكثر شهرة منذ انهيار جزء من النظام المصرفي اللبناني التقليدي كجزء من الأزمة المالية الواسعة التي عصفت بالبلاد في عام 2019. والجمعية غير خاضعة لتنظيم البنك المركزي اللبناني وليست جزءًا من النظام المصرفي الدولي. كما أنها تخضع لعقوبات أمريكية منذ عام 2007.

من أين يحصل حزب الله على أمواله؟

في رسالة الفيديو على الإنترنت، قال دانيال هاغاري إن حزب الله يحصل على أمواله من مصدرين رئيسيين:  إيران، ومن الشعب اللبناني عبر الخدمات المالية والاجتماعية المقدمة من خلال جمعية "القرض الحسن".

ويشير ديفيد آشر إلى أنه "من الصعب استهداف مؤسسة القرض الحسن، لأنها مجرد جزء من المعادلة". وقال إن جزءًا كبيرًا من دور الجمعية يتمثل في دفع رواتب الأعضاء "العاديين" في حزب الله وتقديم أشكال مختلفة من الخدمات الاجتماعية والمالية للعامة. وأكد أن حزب الله يستخدم أيضًا النظام المصرفي اللبناني السائد، وأن ثروته موزعة بطرق متعددة. ويقدر آشر شخصيًا أن ميزانية حزب الله السنوية تتراوح بين "12 إلى 15 مليار دولار سنويًا".

وبالنسبة للتصريحات الإسرائيلية بأن جزءًا كبيرًا من ثروة حزب الله يأتي من إيران، فيقول جوناثان لورد إن هذا الأمر لا يمكن إنكاره، وحزب الله موجود فعليًا كجزء من الحرس الثوري الإيراني. وأضاف: "إذا نظرت إلى تنظيم المعارك التي لإيران علاقة بها، فإن الحرس يعتبر حزب الله جزءًا من بنيته التحتية للدفاع الوطني"، مضيفا أن هذا يجعل التصريحات الإسرائيلية بأن إيران تمول الحزب مباشرةً عبر أموال يتم جلبها إلى سفارتها في البلاد أمرًا ذا مصداقية كبيرة.

وأشار ديفيد آشر إلى أن مصدرًا ضخما آخر لثروة حزب الله هو الأموال الناتجة عن الأنشطة الإجرامية، مثل تهريب المخدرات والاتجار الدموي بالماس. وقال إن هناك أدلة واسعة تظهر أن حزب الله يجمع الأموال عبر شبكات إجرامية منتشرة حول العالم، ثم يقوم بغسيل جزء كبير من هذه الأموال عبر أعمال تبدو شرعية ظاهريا، وغالبًا ما تكون في  أوروبا. ويقدر آشر أن إيران توفر ما يصل إلى نصف احتياطيات حزب الله، بينما يأتي جزء كبير من الـ 50 بالمائة المتبقية من عائدات الأنشطة الإجرامية غير القانونية في جميع أنحاء العالم.

كيف يؤثر هذا كله على الاقتصاد اللبناني؟

بشكل روتيني يصف الخبراء  الوضع الاقتصادي في لبنان بأنه كارثي منذ عام 2019. وقد أدت العقوبات المفروضة على إيران إلى أزمة سيولة حادة في لبنان في ذلك العام، والتي تفاقمت بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19) وانفجار  مرفأ بيروت عام 2020.

وانهار نظام العملة والمصارف في البلاد وكذلك الكثير من الخدمات العامة. كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف تقريبًا. ونزح ما يصل إلى مليون شخص في الأسابيع الأخيرة بسبب القصف، أي حوالي 20 بالمائة من إجمالي سكان البلاد. 

هل ستنجح خطة إسرائيل؟

يقول جوناثان لورد إن هدف إسرائيل من استهداف البنية التحتية المالية لحزب الله يشير إلى أنهم (الإسرائيليون) "يفكرون بشكل مختلف" عن الحملات السابقة. ومع ذلك، ورغم أنه من الواضح أن إسرائيل تلحق ضررًا كبيرًا بحزب الله، إلا أن هناك خطرًا حقيقيًا من "توسيع العملية"، حيث قد تصبح  الأراضي اللبنانية والصراع ضد حزب الله "فيتنام إسرائيل"، على حد تعبيره.

ويعتقد ديفيد آشر أن الضربات الإسرائيلية هذا الأسبوع على المواقع المرتبطة بجمعية "القرض الحسن" والبنية المالية لحزب الله "أخرجت حوالي 30 إلى 40 بالمائة من السيولة النقدية المتاحة لحزب الله".

وفي الوقت نفسه، يؤكد آشر أن حزب الله لا يزال يمتلك الكثير من الثروة المرتبطة بالنظام المالي اللبناني السائد، وأن نهج إسرائيل الحالي "من غير المرجح أن يؤثر على تدفقات الإيرادات التي لا يزال حزب الله يحصل عليها من إيران ومن مختلف أنشطته غير القانونية حول العالم".

تحرير: أوفه هيسلر

Arthur Sullivan
آرثر سوليفان مراسل ومحرر يركز على القصص الاقتصادية العالمية من منظور جيوسياسي.@drumloman86