هل السعودية مؤهلة حقاً لحماية حقوق المرأة؟
٢٥ أبريل ٢٠١٧"هيئة الأمم المتحدة للمرأة" هي هيئة منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتعتبر النصير العالمي الرئيسي لقضايا المرأة والفتاة، حيث أنشئت لغرض التعجيل في إحراز تقدم متعلق بتلبية احياجاتهن على الصعيد العالمي. هكذا تعرف الهيئة الأممية عن نفسها في صفحتها الرسمية. ووفقا للأمم المتحدة، فإن السعودية ستكون من بين 45 دولة سوف تلعب دوراً أساسياً في تعزيز حقوق المرأة وتوثيق واقع حياة النساء في جميع أنحاء العالم، وأيضاً تشكيل المعايير العالمية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وذلك في الفترة بين عامي 2018 و2022.
واقع المرأة السعودية بعيون حقوقية
في المقابل، يضع مؤشر المساواة بين الجنسين للمنتدى الاقتصادي العالمي المملكة العربية السعودية في المركز 141 من بين 144 دولة، ما لا يتفق مع أهداف اللجنة الأممية التي انضمت إليها المملكة. كما انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير أصدرته العام الماضي وضع المرأة السعودية، التي قالت إنها أسيرة نظام ولاية الرجل. وأضافت المنظمة الدولية بأن نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها، رغم بعض الإصلاحات التي اتُخذت في العقد الأخير، إذا تحتاج المرأة البالغة إلى تصريح من وليّ أمرها للسفر إلى الخارج والزواج ومغادرة السجن، وقد تحتاج إلى موافقته أيضاً للعمل أو الحصول على رعاية صحية.
ولعل قصة الفتاة السعودية دينا علي، التي فشلت في الهروب من السعودية بعد إيقافها في الفلبين بأمر من ذويها، لتعود إلى بلادها وسط تكتم شديد، تعتبر آخر مثال على أوضاع المرأة في السعودية. قصة دينا لاقت تعاطفاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن وزارة الخارجية السعودية أعلنت في بيان لها أن ما حدث مع دينا أمر عائلي وأنها عادت مع أهلها إلى السعودية من العاصمة الفليبينية، حيث كانت الفتاة البالغة من العمر 24 سنة قد وجهت في العاشر من أبريل/ نيسان عدة نداءات استغاثة من مطار مانيلا، بعد أن قررت الهرب من أهلها في السعودية والتوجه إلى أستراليا لتقديم طلب لجوء هناك بسبب معاملتهم السيئة لها. من جهتها، أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقرير لها الشهر الماضي إلى أن نحو ألف امرأة سعودية يغادرن البلاد بسبب التمييز بحقهن.
"كيف يمكن لدولة تنتهك حقوق المرأة أن تنتخب في هيئة أممية؟"
وضع حقوق المرأة في السعودية واختيارها في نفس الوقت في لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة وتمكين المرأة أثار سلسلة من الانتقادات من منظمات حقوقية وأيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
"كيف يمكن لدولة تنتهك حقوق المرأة أن تنتخب في هيئة أممية تدافع عن حقوق المرأة؟" سؤال طرحه العديد من الحقوقيين، ومن بينهم هيليل نوير، المدير التنفيذي في المنظمة غير الحكومية (UN Watch)، الذي انتقد هذه الخطوة بشدة ونشر سلسلة تغريدات، من بينها قوله: "إن انتخاب السعودية لحماية حقوق المرأة هو كمن يضع مُشعل الحرائق مسؤولاً عن إطفائها".
بالإضافة إلى ذلك، أبدى العديد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي استغرابهم من هذه الخطوة:
" اختيار السعودية تأكيد على مضيها في طريق إصلاح شؤون المرأة"
وبخلاف الأصوات المنتقدة، لقيت هذه الخطوة ترحيباً شعبياً داخل السعودية وأيضاً من بعض الساسة حول العالم، حيث أشادت هيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، التي كانت مرشحة لخلافة بان كي مون في الأمانة العامة للأمم المتحدة، باختيار السعودية في المنظمة الأممية لأنها ستساعد الناشطات السعودية المدافعات عن حقوق المرأة، حسب رأيها. وتضم اللجنة بالإضافة إلى السعودية كلاً من العراق وكوريا الجنوبية واليابان وتركمانستان.
من جهتها، رحبت الدكتورة سهيلة زين العابدين حامد، عضو مؤسس في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، بهذا الاختيار وقالت في مقابلتها مع DW عربية: "اختيار السعودية في هذه الهيئة هو تأكيد على أنها ماضية في منح المرأة حقوقها وفي طريق تصحيح بعض الأنظمة والقوانين التي تحرم المرأة من بعض حقوقها". كما أضافت الباحثة السعودية بأن هذه الخطوة تعتبر "مكسباً كبيراً للمجتمع الإنساني وإشاعة القيم الخلقية"، مشيرة إلى إمكانية تأثير السعودية على الهيئة بما يتناسب مع الأديان في مختلف الدول. وفي هذا الصدد، أوضحت زين العابدين حامد، التي حصلت قبل أيام على جائزة الأمير نايف للمرأة المتميزة في البحوث والدراسات والأمن الفكري: "لا يجب أن تفرض علينا أمور لا يقبلها الدين والقيم الخلقية... بإمكان السعودية أن تخلق التوازن داخل لجنة حقوق المرأة إلى جانب الدول العربية والمسلمة الأخرى".
أما عن المرتبة المتدنية للسعودية في مؤشر الفجوة بين الجنسين، فتبررها زين العابدين حامد بالقول: "لا توجد فجوة بين الجنسين في التعليم على سبيل المثال، وليس هناك تمييز في الرواتب بخلاف بعض الدول الأوروبية". كما تشرح الباحثة السعودية في حوارها مع DW عربية بأن المرأة السعودية أصبح لها حضور قوي في العديد من المراكز القيادية، سواءاً في الجامعات أو المجال الصحي والقطاع الاقتصادي والبنكي وحتى على الصعيد السياسي، حسب تعبيرها. ولهذا فهي ترى أنه لا ينبغي ربط حقوق المرأة السعودية بقيادة السيارة "فقيادة السيارة مسألة وقت فقط "، على حد تعبيرها.
"المرأة السعودية تريد الحقوق التي منحها لها الإسلام"
علاوة على ذلك، تقول الدكتورة سهيلة زين العابدين حامد، إن "المرأة السعودية تريد الحصول على الحقوق التي منحها إياها الإسلام"، مشيرة إلى أن حرمان المرأة من بعض حقوقها في السعودية يعود بشكل أساسي إلى بعض التقاليد والعادات الموروثة.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الجدل حول هذا الاختيار على المستوى الحقوقي والسياسي، وأيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى هذا القرار ساري المفعول، إذ ستتمتع السعودية انطلاقاً من السنة القادمة بحق التصويت والإشراف على العديد من الآليات والقرارات والمبادرات التي تؤثر على حقوق المرأة، ليس فقط في السعودية ولكن في جميع أنحاء العالم.
أمين بنضريف