1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ساعدت دول عربية إسرائيل في التصدي للهجوم الإيراني؟

١٥ أبريل ٢٠٢٤

أثار قيام الأردن ـ باعترافه ـ بالتصدي في أجوائه لمسيّرات وصواريخ إيرانية كانت متجهة إلى إسرائيل، جدلاً كبيراً، كما طُرحت تساؤلات حول مدى قيام دول أخرى في المنطقة بأدوار مشابهة. DW رصدت ردود الفعل وحاورت خبراء بهذا الشأن.

https://p.dw.com/p/4enFp
النظام المضاد للصواريخ في عسقلان وقد تم تفعيله بعد أن الهجوم الإيراني على إسرائيل، 14 أبريل 2024.
يدور جدل كبير حول أدوار مزعومة لدول في المنطقة ساهمت في التصدي للهجمة الإيرانية على إسرائيل وما إذا كان الأمر يتعدي حدود الدفاع عن الأمن القوميصورة من: Amir Cohen/REUTERS

شنت إيران هجوماً غير مسبوق على إسرائيل وهو ما كانت قد توعدت بعمله قبل أسابيع، إذ قالت طهران إنه جاء رداً على استهداف قنصليتها في دمشق.

وبحسب دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فقد تم التصدي لأكثر من 99 بالمائة من الصواريخ والمسيرات الإيرانية. لكن إسرائيل لم تكن وحدها، إذ قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حلفاء تقليديين وغير تقليديين تعاونوا مع إسرائيل.

تعاون عربي "خفي"؟

بحسب القناة 12 الإسرائيلية فقد شاركت قوات جوية أمريكية وبريطانية في إسقاط الأهداف الإيرانية، ودار حديث أيضاً عن مشاركة فرنسية بسيطة من خلال تسيير دوريات في المنطقة، لكن الأمر الذي ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بشأنه هو ما قيل عن تعاون بعض الدول العربية وتحديداً الأردن في التصدي للهجمة الإيرانية.

وفقاً لوسائل إعلام دولية، فإن دول عدة في المنطقة أكدت أنها ستتصدى للهجوم الإيراني إذا ما عبرت المسيرات والصواريخ مجالها الجوي، وأكدت تلك الدول أن الأمر يتعلق بالأمن القومي وأن دفاعاتها الجوية والأرضية ستسقط أي هدف يمر في سمائها لتأمين مواطنيها وأرضها.

صحيفة الإيكونوميست البريطانية تحدثت عن أن "دول الخليج، بما في ذلك السعودية، ربما لعبت دوراً غير مباشر أيضًا، حيث تستضيف أنظمة دفاع جوي غربية، وطائرات مراقبة وطائرات للتزود بالوقود، على الرغم من إعلان أكثر من دولة خليجية أنها لن تسمح بضرب إيران انطلاقاً من أراضيها". 

دور أردني فعال؟

لكن الحديث يدور عن دور أردني فعال في التصدي للهجوم الإيراني على إسرائيل، ليس فقط من خلال فتح المجال الجوي أمام المقاتلات الإسرائيلية والأمريكية - بحسب ما ذكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي - وإنما من خلال تدخل القوات الجوية الملكية الأردنية لإسقاط طائرات من دون طيار انتهكت مجاله الجوي.

ووفقاً لوكالة رويترز للأنباء، سمع السكان أصوات المقاتلات في الجو كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات لما قيل إنها بقايا طائرة من دون طيار تم إسقاطها في جنوب عمان.

وقالت ميراف زونسزين كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية والكاتبة في صحيفة هآرتس في تغريدة لها إن "العنوان الرئيسي في إسرائيل هذا الصباح هو اعتراض القوات الجوية الأردنية لطائرات دون طيار في مجالها الجوي في طريقها إلى إسرائيل. والخلاصة هي أن الصفقات الدبلوماسية حيوية لتحقيق الاستقرار".

من جانبه، كتب إميل حكيم، الخبير بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، على حسابه بموقع "اكس" إن مشاركة الأردن كانت في جزء منها "تتعلق بإثبات أن عمّان شريك جيد للولايات المتحدة".

وقال مسعود مستجابي، نائب مدير برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي بالولايات المتحدة في تحليل نشره موقع المجلس: "بالنسبة للاعبين الإقليميين، وخاصة السعودية والأردن - الذين أفادت التقارير أنهم اعترضوا طائرات إيرانية من دون طيار - فإن الحجة ستكون أنهم يحمون مجالهم الجوي السيادي".

وأضاف مستجابي: "ومع ذلك، إذا تصاعدت هجمات إيران إلى صراع إسرائيلي إيراني أوسع، فإن الجهات الفاعلة الإقليمية التي يُنظر إليها على أنها مدافعة عن إسرائيل قد تجد نفسها مستهدفة ويتم جرها إلى الأزمة الإقليمية.. لذا يجب العمل بين جميع الأطراف لإنهاء هذه المواجهة".

الحكومة الأردنية بدورها سارعت للدفاع عن نفسها أمام الانتقادات الحادة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت الحكومة في بيان لها إنه "تم اعتراض بعض الأجسام التي دخلت مجالنا الجوي لأنها تشكل خطراً على شعبنا ومناطقنا المأهولة بالسكان". وأضاف البيان أن "عدة شظايا [من الأهداف التي تم إسقاطها] سقطت داخل أراضي البلاد دون أن تسبب أي أضرار كبيرة".

اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة

ويستند نشطاء أردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي في حديثهم عن مشاركة مقاتلات أمريكية - وربما من دول أخرى- في التصدي للهجمة الإيرانية في سماء الأردن إلى اتفاقية التعاون الدفاعي (DCA) والموقعة عام 2021 بين الولايات المتحدة والأردن والتي قيل إنها جاءت في إطار التعاون لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ويرى منتقدون أن الاتفاقية تمثل "تعدياً وتجاوزاً على القوانين وسيادة بلادهم، إذ يوفر الأردن، وفق الاتفاقية، "أماكن حصرية للقوات الأمريكيةبعضها غير معلن"، وتعطيها صلاحيات وامتيازات واسعة في مختلف الأمور العملياتية والعسكرية.

كما يسمح وفقاً للاتفاقية للطائرات والمركبات والسفن التي يتم تشغيلها بواسطة قوات الولايات المتحدة أو بالنيابة عنها دخول الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية الأردنية والخروج منها والتنقل بحري.

الأردنيون .. مع أم ضد؟

على مواقع التواصل الاجتماعي نشر نشطاء أردنيون اتهامات لحكومة بلادهم بشأن دورها في التصدي للهجمة الإيرانية. لكن خلف الطاهات وهو أستاذ جامعي أردني، رفض وصف الموقف الأردني بأنه جاء لخدمة ومساعدة إسرائيل، "فالمتابع المنصف للخطاب الإعلامي والتحرك السياسي والدبلوماسي الأردني منذ سنوات وتحديداً خلال أزمة غزة يرى أن الأردن هو الأصدق في دعم غزة، ورفضاً للنهج الإسرائيلي في الحرب".

وأضاف في حوار مع DW عربية أنه رغم مخاوف الأردن من محاولات إسرائيل للدفع بفلسطيني الضفة للخروج منها والتوجه إلى الأردن، إلا أننا في الأردن أيضاً لا نثق بإيران، وسلوكها شاهد على ما اقترفته في المنطقة من خراب وفوضى وتدمير".

وأضاف أن الأردنيين "يثقون في قيادتهم الهاشمية ووعي الأردنيين يكفي لتفويت أي فرصة لأن تكون بلادنا مسرحاً أو ساحة حرب بين دول لديها أجندات تخدم مصالحها هي فقط". 

أما حسين (اسم مستعار) الناشط السياسي الأردني فيقول: "أنا مستاء للغاية مما قامت به الأردن بالدفاع عن إسرائيل وإسقاط عدد من الصواريخ.. هذا العمل لا يقبل به كثير من الناس في الأردن".

وأضاف لـ DW عربية: "نحن في الأردن لا نجمع على حب إيران ولا على دعمها.. لكن السلطات بحاجة إلى إعادة التفكير في تحالفاتها، خاصة بما يخص إسرائيل وإيران.. وكل ما نطلبه هو إيقاف الحرب في غزة بغض النظر من يساهم في ذلك".

وتقول طالبة جامعية رفضت الكشف عن اسمها وتقيم بالقرب من منطقة مرج الحمام التي سقط فيها أحد الصواريخ الإيرانية، إن "إيران غير محبوبة في الأردن عموماً لأسباب تتعلق بالطائفية والدين وأسباب أخرى تتعلق بدورها في المنطقة .. لكني أرفض اعتراض الأردن للمسيرات والصواريخ الإيرانية وإقحام نفسه في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل".

التزام باتفاقيات دفاعية .. أم أبعد من ذلك؟

من جانبه، قال اللواء المتقاعد محمود رديسات الخبير العسكري والاستراتيجي من عمان: "لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد تدخل القوات الجوية الأردنية في هذا الأمر لأنه لم تصلني أي معلومة من أي جهة أردنية بحدوث أمر كهذا، لكن يمكنني تأكيد أنه إذا حدث فلن يكون أبداً في إطار الدفاع عن إسرائيل وإنما في مجال الدفاع عن السيادة والأجواء الأردنية، وهذا حق مكفول للدول في القوانين الدولية".

وأضاف في اتصال هاتفي مع DW عربية أن "أي جسم غريب أو طائرة غير مصرح لها تمر بأجواء دولة أخرى يتم التعامل معها على أنها هدف معادي لأنك لا تعرف هل هدف هذه الطائرة أنت أم غيرك .. واقع الحال أننا وجدنا أجساماً غريبة في السماء الأردنية فكيف نعرف وجهتها؟ فمن حق أي دولة الدفاع عن سمائها بغض النظر من المرسل لهذه الصواريخ أو هذه الطائرات".

أما تهاني مصطفى، المحلل الأول للشؤون الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، ترى أن هناك الكثير من التفاهمات بين إسرائيل والدول الأخرى يشوبها الغموض ولا يتوفر عنها سوى معلومات قليلة جدًا للجمهور. وقالت في حوار مع DW إنه على سبيل المثال، عندما بدأت الاحتجاجات بشأن غزة، علم الناس عن اتفاقية تعاون دفاعية أردنية أمريكية تم توقيعها في يناير/كانون الثاني عام 2022.

وأضافت أن "الناس في الأردن غضبوا وطالبوا بإنهاء هذه الاتفاقية وكان أساس الغضب هو عدم معرفتهم بتفاصيل هذه الاتفاقية قبل ذلك، مضيفة أن مثل هذه الأمور لا يُسمح بالإبلاغ عنها مثلها مثل تفاصيل العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية الأردنية".

بدوره، يرى جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن ما قيل عن التدخل الأردني في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية لن يزعزع استقرار الحكومة الأردنية.

وأضاف في حوار مع DW عربية: "أعتقد في نهاية المطاف أن الأردنيين يمكنهم تبرير أفعالهم من خلال حقيقة أن هذه الأجسام كانت تحلق عبر مجالهم الجوي ولم يعرفوا بالضرورة أين ستهبط وكان التدخل الأردني يهدف أكثر إلى منعها من الوصول إلى أراضيها".

وأشار بارنز ديسي إلى أن ما قد يكون أكثر زعزعة للاستقرار وخطورة بالنسبة للأردن ودول أخرى في الشرق الأوسط، هو نشوب حرب إقليمية. وخلص إلى القول: "أعتقد أن هذا يعني أنهم (الأردنيون) سيواصلون العمل لوقف أي أحداث يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد". وأضاف: "سيواصلون التحدث مع الإيرانيين وسيواصلون محاولة إيجاد بعض قنوات للتهدئة.. وإذا وقع المزيد من الحوادث الأمنية أو إذا وقعت هجمات فوق مجالهم الجوي، فسوف يتدخلون".

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.
كاثرين شير محررة في قضايا الشرق الأوسط