بداية جديدة لدويتشه بنك؟
٨ يونيو ٢٠١٥في نهاية الأمر تتسارع الأمور بسرعة مذهلة، فخلال أقل من ثلاثة أسابيع سيغادر أنشو جين موقعه على رأس مصرف دويتشه بنك، كمدير للمؤسسة، في حين سيستقيل يورغن فيتشن الذي يشارك أنشو جين إدارة أكبر مصرف تجاري في ألمانيا بعد انتهاء جلسة الجمعية العامة للمصرف في مايو/آيار 2016.
وحسب ما أفاد به مصرف "دويتشه بنك" يوم الأحد فإن فيتشن سيزاول مهامه خلال هذه السنة لضمان انتقال سلس للمهام على رأس المصرف. جون كريان هو المدير الجديد للمصرف وهو بريطاني يبلغ من العمر 54 عاما، وكان عضوا بمجلس إدارة مصرف "دويتشه بنك"، وله رؤية خاصة حول إدارة المخاطر في المجلس.
فضائح لا نهاية لها
يبدو أن رصيد جين وفيتشن قد بلغ درجة الصفر، فمرارا وتكرارا تم الزج بالمصرف في فضائح كثيرة، ما أجبره على دفع غرامات تقدر بالملايارات والملايين. وفي ميونيخ مثل يورغن فيتشن رفقة رؤساء سابقين لمصرف "دويتشه بنك" أمام القضاء، الأمر الذي جعل المصرف يمر بأوقات عصيبة، لا تبدو لها نهاية في الأفق. خاصة مع ظهور اتهامات جديدة من روسيا تتعلق بغسيل الأموال.
في الاجتماع الأخير للجمعية العامة عبّر المساهمون في المصرف عن عدم ثقتهم في إدارة المصرف. كما تعرضت الإستراتيجية الجديدة لانتقادات حادة، إضافة إلى أن التحول الثقافي الذي وعد به المديران التنفيذيان للبنك لم يتم. وحتى مدير مجلس إدارة البنك باول أخلايتنر لم يخفي رأيه:"الصورة العامة لمصرف دويتشه بنك تضررت بشكل حاد" وهذه الكلمات كانت شديدة الوضوح فيما يخص انتقاد إدارة المصرف.
موقف واضح للمساهمين
كان لنتيجة تصويت المساهمين في نهاية اجتماعهم دوي الصفعة على الخد: فقط حوالي60 بالمئة من المساهمين من صوت لصالح إدارة المصرف، وهو ما يعد نتيجة كارثية، وكان من الواضح أنه لا يمكن ببساطة الانتقال إلى جدول الأعمال وكأن شيئا لم يحدث. في الوقت الحالي زاد ضغط المساهمين الكبار على مجلس إدارة المصرف للتفاوض، وهم الذي كانوا لوقت قريب إلى جانب جين وفيتشن. أكبر مساهمين في المصرف هما أكبر شركة في العالم بلاك روك بنسبة مساهمة تقدر ب6.6 في المئة وكذلك بارماونت للخدمات القابضة من قطر بنسبة 5.8 في المئة.
الآن على ما يبدو ينبغي توضيح كيف ستتم الإطاحة بجين وفيتشن من القمة مع حفظ ماء وجههما، ومن سيخلفهما؟ دعم كبير المفتشين أخلايتنر لم يعد متوقعا، فقد أبدى هذا الأخير "عدم ولاء" لإدارة المصرف في حوار له قبل اجتماع الجمعية العامة عندما سُئل إذا كان من الصعب الاستغناء عن جين وفيتشن فأجاب :" من هو هذا؟"
آمال معلقة على الإدارة الجديدة
الآن ينبغي إعادة ترتيب الأوراق بشكل جيد. جين ينبغي له عمليا أن يغادر موقعه فورا وأن يبقى فقط" كمستشار" للمصرف. أما فيتشن الذي يبلغ من العمر 67 عاما سيبقى في موقعه لتدريب المدير الجديد وبعدها يتقاعد عن العمل. لكن هل يحتاج جين كراين إلى بداية جديدة فعلا؟ ثم ألن يفقد المصرف سنة أخرى عندما سيكون على رأسه شخصان، في الوقت الذي ثبت عمليا أن السفينة التي يقودها شخصان تغرق؟
على الأقل فإن كريان لن يجلب معه أخطاء الماضي وهو الأمر الذي يعد نقطة ايجابية في كل الأحوال. كما أن أداءه كمدير مالي للمصرف السويسري USB من 2008 وإلى غاية 2011 تميز بحصيلة إيجابية تتعلق بتخليص المصرف من تبعات الأزمة المالية، كما أعاد المصرف السويسري للمسار الصحيح. وهو الأمر المنتظر منه أيضا في إدارته لمصرف "دويتشه بنك".
وحسب تصريحاته الأولية فإنه لا ينوي الخروج عن الاستراتيجية المتفق عليها في الفترة الأخيرة. وأكد بيان أصدره المصرف يوم الأحد على هذا الأمر، جاء فيه:" مستقبلنا رهين بالتطبيق الجيد لاستراتيجيتنا، وإقناع زبئننا والحد من التعقيد." من جانب المساهمين والمحللين هناك ردود فعل إيجابية. فإنغو شبايش من شركة الاتحاد للاستثمارات المالية -وهي واحدة من أهم 20 شركة مساهمة في المصرف- رحب بالتغيير الذي لم يكن مفاجئا بالنسبة له:" إنها تبعات نتائج التصويت الكارثي خلال الجمعية العامة." الأمر كذلك بالنسبة لكلاوس نيدينغ من " الجمعية الألمانية لحماية أوراق الملكية" والذي كان أشرس المنتقدين خلال اجتماع الجمعية العامة، والذي اعتبر التغيير على قمة المصرف هي نتيجة طبيعية لفضائح الماضي.