وجهة نظر: الاتفاق مع إيران تاريخي يجب الإسراع في إتمامه
٣ أبريل ٢٠١٥"اتفاق أم لا؟" كان هذا هو السؤال طيلة اثنتي عشرة سنة! والعالمُ وجَّه أنظاره إلى لوزان، حيث كان الأمل والخوف قريبين من بعضهما البعض، وكان الخط الفاصل بين النجاح والفشل رفيعا جدا. وأخيرا جاء الخبر السار إلى منطقة الأخبار السارة فيها نادرة. الاتفاق المبدئي (مع إيران) بخصوص النزاع النووي، هو بلا شك لحظة تاريخية ليس فقط بالنسبة لإيران وللمنطقة وإنما أيضا للمجتمع الدولي. بيد أنه وللأسف، يجب النظر إلى اتفاق لوزان بحذر شديد، فالشيطان يكمن في التفاصيل.
انتصار العقل
هذه ليست المرة الأولى التي تتحول فيها المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني إلى جولة عملاقة، والمحادثات النووية إلى لعبة أوارق (بوكر) نووية، لم يبق منها في النهاية على طاولة اللعب سوى ورقتين الأولى عليها "مكسب – مكسب – حل" أما الأخرى فـ"خسارة – خسارة- كارثة". لكن العقل انتصر.
كانت لعبة خطيرة حول قضايا مصيرية بعواقب، لا يمكن التنبؤ بها، على السياسة العالمية. ويظهر استغراق المسألة كل هذا الوقت الطويل من أوقات أهم الزعماء السياسيين في العالم وبشكل واضح مدى الأهمية الكبيرة للمفاوضات بالنسبة لقوى الفيتو الخمسة زائد لألمانيا، وأخيرا وليس آخراً بالنسبة لإيران.
عندما بدأت مباراة "البوكر النووي" في لوزان، كان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف يعرفان جيدا أنهما لا يمكنهما العودة إلى بلديهما خاليي الوفاض. فمهمتهما كانت واضحة وهي الاستمرار في التفاوض إلى حين التوصل إلى اتفاق. وهذا هو ما فعلاه بالضبط. والآن تم التوصل إلى اتفاق مبدأي، والسؤال الآن، هل كان يستحق هذا الجهد؟ وهل هذه هي النتيجة التي كانت تأملها إيران ويأملها الغرب؟ الجواب باختصار وبوضوح: نعم!
اتفاق ضروري بالنسبة لإيران
بالنسبة لحكام إيران، فإن الاتفاق في هذه المرحلة أمر ضروري جدا. فالاقتصاد المحلي يعاني بشكل خطير تحت وطأة العقوبات. وتوقفت الحياة المالية بشكل ملحوظ. وتفشي التضخم ملتهما القوة الشرائية للمواطنين. بينما دفعت البطالة ومن ثمة غياب الآفاق الشعب الإيراني وخاصة الشباب إلى حافة اليأس. وأخيرا وليس آخرا أدى خطر نشوب حرب جديدة مع تحالف من الدول العربية تحت قيادة السعودية إلى أن تقول إيران في نهاية المطاف "نعم".
الوضع خطير حقا. فبعد الغارات الجوية على المتمردين الحوثيين في اليمن تدخل الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران مرحلة جديدة. والصراع على السلطة في اليمن بإمكانه إشعال حريق في منطقة الشرق الأوسط برمتها، لتتحول اليمن لمجرد ساحة قتال لحرب أكبر بكثير تلهب المنطقة كلها.
كان الفشل مجددا في المفاوضات النووية سيعزز موقف المعارضين للاتفاق في النزاع النووي. وهذا ما كانت تدركه الحكومة الإيرانية، بل وحتى غلاة المحافظين حول المرشد الأعلى آية الله خامنئي. الحل الدبلوماسي للنزاع النووي مع إيران هو أكبر نجاح للسياسة الخارجية للرئيس الأميركي باراك أوباما. لكن العمل الحقيقي هو الذي سيبدأ الآن. ربما يصبح اتفاق لوزان بداية الحل للنزاع النووي مع إيران، وهنا التركيز الأساسي على كلمة "ربما"، فالمعارضون الكثر والأقوياء لهذا الاتفاق أمامهم الآن مدة ثلاثة أشهر يستطيعون فيها إبطال ما تم إنجازه.
الاتفاق لم ينجز بعد
بعد نشر خبر النجاح من لوزان، سيكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الارجح من أوائل المعلقين عليه وسينتقد بشدة ما تم التوصل إليه من اتفاقات. ومن الواضح أن نتنياهو لا يقف وحده في معكسر المعارضة. لذلك يجب على المرء أن يتذكر فقط التصفيق الحار الذي لاقاه مؤخرا خطابه الناري أمام الكونغرس الأمريكي. كما يجب عدم نسيان الرسالة التي وجهها 47 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إلى الحكومة الإيرانية، يهددون فيها بإلغاء (أي) اتفاق بعد نهاية حقبة أوباما.
كذلك هناك قوى إقليمية مثل السعودية وتركيا ومصر تعارض بشدة حدوث اتفاق نووي مع إيران، ومثلهم أيضا المتشددون في إيران نفسها. لأن تسوية النزاع النووي يمكن أن يؤدي إلى تقارب سياسي بين طهران وواشنطن وعودة إيران إلى المجتمع الدولي. وهذا هو بالضبط ما يراد منعه. الاتفاق بشأن النزاع النووي، والذي طال انتظاره من قبل الكثيرين، يجب إتمامه الآن بأسرع ما يمكن، لأن معارضيه كثر علاوة على أنهم أقوياء.