وزارة العدل المصرية: محاكمة مبارك ستجري في القاهرة
٣٠ يوليو ٢٠١١أعلن مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع أمس الجمعة (29 يوليو / تموز 2011) أنه "تقرر بصورة نهائية" البدء بمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك في القاهرة في الثالث من شهر آب/ أغسطس. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن منيع أنه من المقرر أيضاً في نفس التاريخ البدء بمحاكمة نجلي مبارك علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وكذلك محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار معاونيه ومساعديه. وأضاف منيع أنه تم اتخاذ هذا القرار خلال اجتماع عقد أول أمس الخميس بينه وبين وزير الصناعة والتجارة الخارجية محمد عبد الرحمن عيسى وبحضور عدد من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية وممثلين للقوات المسلحة.
شكوك حيال موقف الجيش تجاه محاكمة مبارك
ويرى محللون أن المحاكمة ستضع الجيش في موقف حرج. فالمجلس العسكري يقع تحت ضغط من المحتجين الذين يطالبون بمحاسبة الرئيس السابق، ومن ناحية أخرى يتعرض لضغوط من دول خليجية محافظة تحث مصر سراً على ألا تهين حليفا سابقا، لأن هذا قد يمثل سابقة خطيرة لحكام تلك الدول.
ولا يصدّق بعض المحتجين في مدينة السويس المصرية أن الجيش سيسمح باتخاذ أحكام قاسية على الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان قائده سابقاً. ويقول محمد محمود (33 عاما) لرويترز وهو منسق لإحدى الحركات الشبابية في السويس التي كانت واحدة من النقاط الأكثر عنفا في الثورة التي أطاحت بمبارك: "انطباعنا الآن هو أنه لا يزال هناك من يحمي مبارك: ربما المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو جهة خارجية. بعض الدول مازالت تحميه". وبعد أن تحدث بقليل خرج عشرات المحتجين في مسيرة مرت من أمام مقر الشرطة المحترِق بالسويس. واتجهوا إلى ثكنات عسكرية وهم يرددون شعارات مناهضة للجيش تتهمه بالتباطؤ في الحسم. في حين أغلِقت الطريق المؤدية إليها بالأسلاك الشائكة وبمركبات الجيش.
من ناحيته قال شادي حامد من مركز بروكينغز للأبحاث السياسية في الدوحة في حوار مع وكالة رويترز إن الجيش "لن يحمي مبارك لأن الحفاظ على كيان ومؤسسة الجيش أهم". وأضاف "السؤال هو: هل هذا شيء هو مضطر للقيام به أو يشعر بالحاجة إلى القيام به في هذه المرحلة؟ أعتقد أن هذا الأمر لم يحسم بعد". ويقول محمود أحد المحتجين من السويس إن الجيش ربما تكون لديه خطة أخرى. وأضاف "إنهم يريدون أن يضيعوا الوقت إلى أن يموت مبارك. هذه هي اللعبة. وإذا أدين بالضلوع في قتل المحتجين وهي أخطر تهمة يواجهها مبارك فقد يصدر حكم بإعدامه".
وفي حين يضغط المحتجون على الجيش لمحاكمة مبارك فإن دولا عربية وخاصة دول الخليج التي تعهدت بتقديم مليارات الدولارات من المساعدات لمصر تحث المجلس الأعلى للقوات المسلحة على ألا يُحْدِث سابقة تسبب حالة من عدم الارتياح في المنطقة. ويقول كمران بخاري المحلل في مؤسسة ستراتفور المتخصصة في تحليل معلومات المخابرات العالمية في حوار مع رويترز: "ما يحدث في مصر تكون له عادةً أصداء في كل المنطقة. ودول الخليج تعلم هذا وهي تريد أن تتمكن من السيطرة على هذه النزعات".
هل سيُحكم على مبارك بالإعدام؟
ورغم أن بعض المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة أو في ميدان الأربعين في وسط السويس ينادون بإعدام مبارك في هتافاتهم، فإنه ليس بالضرورة أن يكون هناك إجماع بين المصريين على هذه الرغبة. لكن حتى إذا كان هناك كثيرون لا يريدون له الموت فإنهم يريدونه أن يتحمل مسؤولية ما يعتبرونه إساءة لاستغلال السلطة خلال حكمه الذي استمر 30 عاما. وهم يتهمونه بسحق المعارضين والسماح لحلفائه والنخبة المقربة منه بالتصرف وكأنهم فوق القانون. ويتبنى هذه الآراء كثيرون ممن يعيشون في البلدة التي ينتمي إلها مبارك بدلتا النيل. ويقول فتحي راضي (52 عاما) الإداري بمدرسة أثناء اعتنائه بالزرع في بلدة كفر المصيلحة، لرويترز:"ستتم محاكمته كأي شخص آخر، لأن الثوار يقولون إنه إذا لم تتم محاكمته فإنهم سيطيحون بالجيش. لابد من العدالة".
لكن البعض في بلدة مبارك وفي أجزاء أخرى من مصر يشكك في الحاجة إلى محاكمته. ويقولون إن الجيش يرضخ لضغوط من المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة الذين "يتسببون في استمرار الاضطراب الاقتصادي الذي يضر بالمصريين". وقال سعيد عبد العزيز (36 عاما) الذي يعمل في إدارة المحافظة لكنه يكوي الملابس كعمل إضافي في الشارع الذي كان مبارك يعيش فيه ذات يوم: "إذا طلب الناس المحاكمة فستتم محاكمته. لكن هؤلاء (المحتجين) يسبّبون المشاكل للبلاد".
ويرقد مبارك (83 عاما) في مستشفى شرم الشيخ منذ إبريل /نيسان. وجرى استجوابه وصدر قرار بحبسه هناك على ذمة التحقيق، لكنه لم ينقل إلى السجن مثل ابنيه ومسؤولين آخرين في نظامه بسبب اعتلال صحته. ويرى الكثير من المصريين أن مرض مبارك ذريعة لتجنب إهانة الرئيس السابق، وأنه يستغل مرضه حتى يتجنب المثول أمام المحكمة. وقال مصدر مقرب من مبارك إن محاميه سيقول للمحكمة في الجلسة التي ستنعقد في القاهرة في الثالث من أغسطس إن مرض موكله حال دون حضوره أولى جلسات القضية. وكان مبارك ثاني رئيس عربي يسقط بعد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي فرّ إلى السعودية وتمت محاكمته غيابيا. لكن مبارك قد يكون الرئيس الأول الذي سيحاكم في وطنه.
(ع.م / أ ف ب، رويترز)
مراجعة: طارق أنكاي