"أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية تحدت الاحتلال ونالت التكريم
٣٠ سبتمبر ٢٠١٠مَنَحت منظمة سويدية جائزة نوبل البديلة لعدد من المنظمات من ضمنها جمعية إسرائيلية غير حكومية وغير ربحية اسمها "أطباء من أجل حقوق الانسان" وذلك تكريما لجهودها في تحقيق المساواة بين الإسرائيليين والعرب فيما يتعلق بالحصول على الخدمات الطبية. وقالت المنظمة السويدية إن تكريم الجمعية يأتي تثمينا لعملها الدؤوب في سبيل ضمان حقوق كل الناس لحقهم في العلاج سواء في الأراضي الفلسطينية أو الإسرائيلية.
وفي حوار مع دويتشه فيله قالت مؤسِّسة الجمعية، الطبيبة النفسية اليهودية روخاما مارتون، بأن جائزة نوبل البديلة، ستجعل العمل السياسي للجمعية أكثر سهولة لأنها جائزة جديرة بالاحترام، وستمكن جمعيتها من موارد وإمكانيات عمل أوسع من أجل مساعدة ضحايا الحرب والإحتلال.
زيارة أدت إلى تأسيس الجمعية
كان وراء تأسيس هذه الجمعية غير الحكومية عام 1988 عند قيام الانتفاضة، قصة كما تقول مؤسِّستُها الطبيبة النفسية اليهودية روخاما مارتون: "في البداية كنتُ أريد أن أعرف ماذا يحدث في غزة ولم أكن أثق بوسائل الإعلام الإسرائيلية فاتصلتُ بأصدقاء لي في غزّة ونظمتًُ عدداً من الأطباء وذهبنا معاً لزيارة المستشفيات في غزة". وهناك تحدثت الطبيبة وزملاؤها مع المرضى والأطباء والعاملين في غزة ليوم كامل.
وكما تقول روخاما مارتون فإن ذلك كان بالطبع في يوم السبت، يوم العطلة، لأنها وزملاءها كانوا مشغولين في الأيام الأخرى بالعمل. وتتابع قائلة ً:"لقد تأثرت كثيراً بالحال في غزة. وعند رحلة العودة في المساء اقترحت على زملائي أن نواصل دعم الشعب الفلسطيني طبياً وإنسانياً فوافقوا على ذلك".
كان عدد طاقمها في البداية مائة ولكنهم أصبحوا ألفاً اليوم، كلهم من المتطوعين ونصفهم من الأطباء من ذوي التخصصات المختلفة إلى جانب الممرضات والمترجمين والصيادلة. لم يكن عملهم التطوعي في البداية سهلاً كما تقول روخاما مارتون: "في السنوات الثلاث والنصف الأولى كانت إمكانيات الجمعية ضئيلة جداً. كنا نعمل من شقتي المكونة من غرفة واحدة في تل أبيب ولم يكن عندنا من المال الكثير".
وتصف روخاما مارتون بأن وضع المنظمة في بدايتها لا يمكن مقارنته بحالها اليوم. فحال الجمعية أفضل بكثير اليوم من السابق وهي معترف بها كجمعية مدافعة عن حقوق الإنسان ولديها ميزانية ومقر،وتتابع: "لسنا أغنياء الآن ولكن حالنا تغير كثيراً".
العلاج حق للجميع
قبل أشهر صدر بيان للجمعية يقول بأن إسرائيل يجب أن تسمح لكل مريض يحتاج إلى علاج طبي غير متوفر في الوصول إلى غزة للعلاج خارج قطاع غزة دون تأخير. وبحسب مصادر الجمعية، فإن قسم "الأراضي الفلسطينية المحتلة" فيها قد عمل منذ إنشاء الجمعية على تمثيل المرضى والطواقم الطبية التي تمنعهم أجهزة الأمن الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي من الوصول إلى المستشفيات.
كما يقوم القسم بمبادرات ضد حواجز الطرق المقامة على الأراضي الفلسطينية وضد الجدار الفاصل وغيرها من تدابير التضييق التي تمثل حواجز مادية وبيروقراطية تحول دون تلقي الأفراد للرعاية الطبية. وكمسألة مبدأ فإنّ جمعية أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل تؤمن بأنه يجب على إسرائيل ان تعترف بالتزاماتها بوصفها دولة إحتلال، وأن تسمح بتقديم العلاج الطبي للشعب في الأراضي الفلسطينية، وأن تتيح لهم الوصول الحر إلى المستشفيات الإسرائيلية ، خصوصا في الحالات التي يعجز فيها نظام الرعاية الصحية الفلسطينية من تقديم العلاج الطبي المناسب.
وتقول مؤسِّـسة الجمعية في هذا الصدد: "مساعدة الفقراء والمحتاجين هو أحد مهماتنا وليس كل ما نفعله. إن أهم ما نقوم بهِ هو التدخل ضد انتهاكات حقوق الإنسان بشكل مبدأي وبشكل عمليّ وقائم على مجموعة ضغط. الجانب الطبي ذو أهمية كبيرة، ولكن المسألة ليست مسألة طبية فحسب بل وأيضاً سياسية وتتمثل بالعمل ضد أسباب الظلم والقهر".
وعند سؤال الطبيبة النفسية روخاما مارتون عمّا إن كان هناك عوائق من قبل السلطات الإسرائيلية تجاه عمل الجمعية ردت بأنه "في أحسن الأحوال هم لا يزعجوننا عند قيامنا بعملنا". كما أن الجمعية تسعى خلال عملها على تقديم الحقوق الصحية أيضاً لمجموعة المهاجرين وطالبي اللجوء في إسرائيل، وذلك من إجل إدراجهم في إطار ترتيبات الصحة العامة، وضمان حقهم في الصحة بغض النظر عن وضعم القانوني والمدني في البلاد.
ضد الحلول العسكرية
وتسعى جمعية أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل لوقف القصف الإسرائيلي للبنيات التحتية المدنية وعلى البشر خلال عمليات الجيش وتسعى "لوضع حد للاحتلال"، ومن وجهة نظر الجمعية فإن "الاحتلال هو في حد ذاته مصدر لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" ومن بينها الحق في الصحة، والحق في حرية التنقل، والحق في الأمن والتحرر من العنف.
وتقول مؤسِّسة ُ الجمعية بهذا الصدد: "وأتمنى من السياسيين الإسرائيليين أن يتوقفوا عن الحلول العسكرية وأن يبنوا قراراتهم على أساس احترام جيراننا الفلسطينيين". وتضيف: "لستُ متفائلة كثيراً في ظل وجود حكومات إسرائيلية تتضمن زعماء سياسيين من الجنرالات العسكريين السابقين".
جائزة داعمة لعمل الجمعية
إن جائزة نوبل البديلة ستساعد المنظمة كثيراً، كما تقول مؤسِّستُها روخاما مارتون: "فليس لدينا الكثير من مصادر الأموال لتوظيفها مزيد من العاملين لدينا. والجائزة ستلفت الأنظار إلينا وعمّا نفعله وسيزداد الاحترام لنا، وسيضمّ المزيد من المتطوعين إلينا". وتضيف بأن الجائزة ستجعل العمل السياسي للجمعية أكثر سهولة لأن جائزة نوبل البديلة هي جائزة جديرة بالاحترام. وتؤكِّد روخاما مارتون أنها ستنفق جزءاً من أموال جائزة نوبل البديلة على كتابة تاريخ الجمعية. وتستطرد :" إنه تاريخ عمره ثلاثة وعشرون سنة أعمل منذ البداية والكثير من المتطوعين هم جدد في الجمعية. وإن لم أقعد وأكتب فإن تاريخ المنظمة سيضيع بكل بساطة".
يشار إلى أن قيمة جائزة نوبل البديلة تبلغ 200 ألف يورو وتُمنح منذ عام 1980 للشخصيات والمنظمات التي تقوم بمواجهة عملية لتحديات وأزمات العصر الملحة وتعمل من أجل تغيير يبدأ من القاعدة ومن الأسفل.
علي المخلافي / ماغدالينا زورباوم
مراجعة: منصف السليمي